حلب تنتصر لأمّ الحضارات واللغات والإنسانية
حلب ـ غالية خوجة
تنوعت الاحتفالات الثقافية والفنية بحلب خلال الشهر الأخير من هذا العام بمناسبتين معاً “انتصار حلب” و”اليوم العالمي للغة العربية”، وكلاهما بوصلتنا الكينونية التي نعتبرها هوية وفضاء لإعادة البناء الإنساني والعمراني والحياتي رغماً عن كافة أشكال التدمير الظلامي.
مفتاح الأزمنة
ومن الجماليات طابع تذكاري أصدرته المؤسسة العامة للبريد احتفالاً باليوم العالمي للغة العربية وموسيقاها الدلالية والصوتية، هذا ما عكسه التصميم التشكيلي المتمحور حول حرف “الضاد” الذي تتفرّد به لغتنا العربية، والمتخذ لشكل مفتاح “الصول” الموسيقي، المكرر مرتين إحداهما إلى الأعلى وثانيتهما إلى الأسفل، ليتشكّلا امتداداً لا منتهياً، متعانقاً في كافة الاتجاهات، موحياً بالتلاحم الإنساني في سورية والعالم العربي، وحرف الضاد المزدوج يظهر بلونه الأخضر كدلالة على استمرارية في النماء والبناء ولون النجمتين في علمنا الوطني السوري، بينما تكتمل ألوان العلم مع الخط الملون بالأسود “اليوم العالمي للغة العربية” باللغتين العربية والإنكليزية، كما يبرز اللون الأحمر مع اسم سورية والنقطتين الزخرفيتين برشقة الثلُث المكملتين لنقطتي الضادـ مفتاح “الصول”، وتبدو الخلفية ظلاً أو صدى لحرف الضاد المزدوج باللون الأبيض، المتدرج حتى تمازجه مع إحدى درجات الأسود ليصير فضياً، مما يجعلنا نرى حركيّة جمالية تؤكد على هوية العربية السورية الوطنية وكيفية قيادتها للجهات والأزمنة ودرجات السلّم الموسيقي للفضاء الذاتي والعالمي المشعّ بالسلام القويّ والحضارة المتجذرة بالعطاء والصمود والانتصار.
فعاليات ثقافية وفنية
ومن تلك الفعاليات قراءة في كتاب “التجارة حرب/ ياش تاندون” قدمها محمد إبراهيم العبد الله على منصة المسرح الثقافي العربي بالعزيزية، بينما على مسرح نقابة الفنانين بحلب، أقامت المديرية أمسية غنائية “تحية إلى الشاعر الغنائي عمر البابا” أحياها كل من الفنانين: عمر سرميني، نهاد سلطان، عماد درة، من إعداد وإخراج غسان دهبي.
وساهم المركز الثقافي العربي بالصاخور ممثلاً بمديره الأديب محمد سمية بمحاضرة في مدرسة غزةـ حي الصاخور، بعنوان “اللغة العربية لغتنا الأم، هويتنا ومصدر فخرنا واعتزازنا” وأخبر سمية “البعث” أن هناك أنشطة مرافقة، منها تفعيل المكتبة المتنقلة والإعارة التبادلية لتنمية مواهب اليافعين، وإهداء بعض الكتيبات من منشورات وزارة الثقافة للتلاميذ المتفاعلين والمميزين، ودعوتهم للتحضير للمشاركة بالملتقى الإبداعي الذي سيقام في شهر نيسان القادم.
وتوالت الأنشطة التي استضافتها مديرية الثقافة على منصة المركز الثقافي العربي بالعزيزية، ومنها: محاضرة “الفارابي المعلم الثاني”، تحدثت فيها د.ميادة مكانسي عن سيرة وإنجازات الفارابي، وأمسية موسيقية تراثية “فن الموال السبعاوي”.
وندوة “العادات السبع للناجحين”، قدمها حسن دلو مدرب التنمية البشرية وحاوره عبد القادر بدور، وحفل فني تراثي لكورال نادي شباب العروبة بالتعاون مع جمعية أصدقاء اللغة العربية وأقيمت أمسية أدبية شارك فيها كل من كامل مسقاني وهاني دقة وفرح وحيد حويجة.
وبالتعاون بين مديرية الثقافة واتحاد الكتاب العرب بحلب، في مقر الاتحاد بشارع بارون، ألقيت محاضرة حول مفهوم الإنسان في الفكر العربي الإسلامي، قدمها د.حين الصديق، وأمسية أدبية شارك فيها كل من: طه حسين الرحل، بشير دحدوح، شيم دبابو.
وساهمت جمعية أصدقاء اللغة العربية في حلب، بعدة أنشطة، منها محاضرة “اللغة العربية والتحديات المعاصرة” للدكتور حسن عبد المحسن، ومحاضرة “اللغة العربية والهوية” للدكتور فاروق اسليم، تحدث فيها عن عدة نقاط منها قراءة في تاريخ اللغة العربيّة كونها المحدد الفصل لتمييز العرب من غيرهم في وعي العرب قبل الإسلام، وقراءة في الحاضر بين المظاهر السلبية والإيجابية، وقراءة في الهوية الوطنية السورية التي يؤكد فيها على تشكيل هويّة بلاد الشام (سورية) تاريخيّاً، وانتصارها في التعريب، والتنوّع المحكي في سياق الوحدة اللغوية ـ وحدة الهويّة العربيّة، والتنوّع اللغوي في سياق الوحدة الوطنيّة ـ وحدة الهوية الوطنية.
ورشات ومعارض
إضافة إلى عدة ورشات تعليمية وفنية وقرائية بين دير حافر وحلب وما يتبعها من مراكز ثقافية، ومنها الموجهة لأطفال مهارات الحياة. واحتضنت صالة الأسد للفنون الجميلة معرض “قلب واحد” أقامه تجمع حلب ومديرية الثقافة واتحاد الفنانين التشكيليين ـفرع حلب. كما احتفت صالة الخانجي بعدة معارض، آخرها معرض محسن الخانجي بمناسبة انتصار حلب وإشعال الشمعة الثلاثين من عمر الصالة.
اقتراحات ليوم اللغة العربية
ماذا لو أن سوريتنا الحبيبة جعلت للغة العربية يوماً سورياً قد يكون تاريخه انتصار حلب، أو (ولادة) أو (وفاة) أحد الشعراء والشاعرات، العلماء والعالمات، المفكرين والمفكرات، والشهداء والشهيدات ومنهم يوسف العظمة مثلاً؟
وماذا لو أن العرب اقترحوا يوماً عربياً للغة العربية كما طرح الباحث محمد قجة الرئيس الفخري لجمعية العاديات بحلب، واقتراح د.جورج جبور أن يكون يوم وفاة المتنبي (29/7/965) يوماً عالمياً للغتنا العربية، وهو ما تبنته جمعية العاديات ورفعته إلى الجهات المعنية عربياً وأممياً، وذلك أسوة بأربع لغات عالمية اختارت تأريخ وفاة أحد عِظامها يوماً عالمياً للاحتفال بها، الإنكليزية اختارت يوم وفاة شكسبير، والإسبانية يوم وفاة ثربانتس، والروسية يوم وفاة بوشكين، والصينية يوم وفاة سانغ جيه مؤسس الأبجدية الصينية؟