سجن صحفي 3 عقود لفضحه دعم نظام أردوغان الإرهابيين بسورية
بعد رفض استبدال القضاة، قضت محكمة تابعة لنظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم بالسجن بحق الصحفي جان دوندار، رئيس تحرير صحيفة جمهورييت السابق، لأكثر من 27 عاماً بتهمة التجسس ومساعدة منظمة إرهابية.
وحُكم على دوندار، الذي يعيش في المنفى بألمانيا، بالسجن 18 عاماً وتسعة أشهر بتهمة الحصول على أسرار دولة بغرض التجسس السياسي أو العسكري، إلا أنه تمّت تبرئته من اتهامات “إفشاء” معلومات سرية.
وردّاً على اتهامات التجسس، كتب دوندار على موقع تويتر: “إذن، أنا جاسوس عديم الخبرة لدرجة أنني قمت بنشر المعلومات التي حصلت عليها في الصفحة الأولى.. بدلاً من تسريبها إلى وكالات أجنبية”.
كما حكمت المحكمة عليه بالسجن ثماني سنوات وتسعة أشهر أخرى بتهمة دعم منظمة إرهابية مسلحة، دون أن يكون عضواً فيها.
وكان دوندار فضح قيام قوات الأمن التركية في عام 2014 بتوقيف شاحنات تابعة للمخابرات وهي في طريقها إلى سورية، وتبيّن أنها تنقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى المجموعات الإرهابية، فيما زعم أردوغان ووزراؤه آنذاك بأن الشاحنات تنقل مساعدات إنسانية. وأثارت القضية ردود فعل واسعة، دفعت نظام أردوغان لاحقاً لاعتقال كل من له علاقة بقرار وعملية التفتيش، ومنهم وكلاء النيابة وقادة الدرك ومسؤولون أمنيون في أضنة وكلس وهاتاي، وحكمت محكمة على 27 منهم بالسجن لأعوام طويلة بتهم التجسس والعمالة والخيانة الوطنية.
وفرّ دوندار إلى ألمانيا في 2016، ويُحاكم غيابياً، وقال محاموه: إنهم لن يحضروا الجلسة النهائية، ووصفوا التهم بأنها ذات دوافع سياسية.
وقال عباس يالسين، أحد المحامين، إنه من المرجّح أن يصدر القضاة حكماً رغم غياب فريق الدفاع.
وأرجأت المحكمة في وقت سابق هذا الشهر حكمها بعد أن طلب محامو دوندار استبدال القضاة لضمان محاكمة عادلة، ورفضت المحكمة الطلب.
وأعلنت محكمة في اسطنبول مؤخراً أن دوندار هارب من العدالة وصادرت جميع أصوله في تركيا.
وتم الاستيلاء على ثلاث عقارات في إسطنبول وأنقرة ومقاطعة موغلا الجنوبية، بالإضافة إلى الحسابات المصرفية لدوندار. وسيتم تسليم الأصول إلى صندوق تأمين ودائع الادخار في تركيا “تي إم إس إف” للإدارة.
ويعتبر جان دوندار من أشهر الصحفيين بأفلامه الوثائقية والمقابلات التي أجراها والأعمدة التي نشرها في تركيا. وهو صانع أفلام وثائقية حائز على جوائز، وشاهد عشرات الملايين من الأشخاص أفلامه على مدى عقود. وهو اليوم صاحب واحد من أعلى الأصوات المنتقدة لنظام أردوغان والمطلوبة خارج تركيا بسبب ذلك.
وتعد تركيا في ظل نظام أردوغان الأولى عالمياً في سجن الصحفيين حيث يطارد هذا النظام جميع الأقلام الحرة التي تنتقد أداءه وتفضح فساده ويلفق لأصحابها التهم للزج بهم وراء القضبان.
وليس الحكم ضد دوندار الأول من نوعه. فمنذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا سنة 2016، صادر نظام أردوغان أصولاً قيمتها 32 مليار دولار قبل بيعها في كثير من الأحيان، وكان جل المستهدفين تابعين لحركة غولن، التي يتّهمها أردوغان بتنظيم محاولة الانقلاب العسكري، أو متهمين بالتورط معها.
وفي سياق متصل أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قراراً بضرورة الإفراج الفوري عن الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش، مؤكدة أن استمرار احتجازه منذ عام 2016 ينتهك خمس مواد من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
ووفقاً لصحيفة زمان التركية فقد رفضت المحكمة الأوروبية طعن النظام التركي بقرارها السابق الصادر قبل عامين، وقالت: إن “اعتقال دميرطاش يستند إلى أسباب سياسية وليست قانونية وإن عدم الإفراج يعني استمرار الانتهاك”.
وخلال تعليقه على الحكم قال محسوني كرمان محامي دميرطاش: “بهذا القرار تم إبطال جميع الاتهامات الموجهة لدميرطاش، وتم تسجيل حقيقة أنه قد تم احتجازه كرهينة لأسباب سياسية لمدة 4 سنوات”، مؤكداً أن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان نهائي وإلزامي ولذلك يجب إطلاق سراح دميرطاش على الفور.
وفي سياق انتهاكات النظام التركي لحقوق الإنسان، أقرت المديرية العامة للسجون ودور التوقيف التركية بوجود تفتيش عار للنساء في السجون، بعد تصاعد الجدل حول القضية التي شغلت حيزاً كبيراً من اهتمام الرأي العام مؤخراً.
وأصدرت المديرية بيانا محرجاً للسياسيين المنتمين لحزب العدالة والتنمية، لم تنكر فيه أقوال المجني عليهن، التي تفيد بأنهن تعرضن للإهانة بالتفتيش العاري في السجون ومراكز الاحتجاز.