تقنين “فوضوي”!
فترة الانقطاعات الكهربائية الطويلة التي تخطّت ساعات التقنين التي أعلنتها مديرية كهرباء ريف دمشق هذا الشتاء، نغصّت فرحة تفاؤل أهالي صحنايا وأشرفية صحنايا بتحسّن الواقع الكهربائي الذي يشكّل التقنين الكيفي أو الفوضوي “العشوائي” أبرز عناوين العمل في مركز الكهرباء الذي يعمل على “ليلاه” كما يُقال، فليس هناك معالجات حقيقية لإعادة تأهيل كوادره وطواقم عمله التي اعتادت العمل المأجور، مع تقديرنا للبعض من أصحاب الهمم العالية الذين يتجاوبون مع أي نداء دون أي مقابل، والحالة ذاتها تنطبق على مديرية كهرباء الريف التي تناست أنها المعنية بتلقي شكاوى الناس عن أي خلل كهربائي أو تصرّف مسيء لسمعة الوزارة التي مازالت الخيبة تلاحق جميع مسؤوليها ووعودهم الجوفاء المخترقة بتصريحات صادمة، وبشكل يحبط الآمال والأماني بواقع أفضل!.
ولا شك أن سوء الواقع الكهربائي الحالي بكل تحدياته عكّر أجواء الأعياد، وأعادنا إلى المشهد ذاته قبل سنوات، فمسلسل الوعود والتصريحات والبيانات الوزارية المتناقضة مع الواقع الفعلي تشكّل اليوم حالة استفزازية للشارع السوري، وخاصة عندما تستجلب وزارة الكهرباء حملات ترشيد الطاقة الكهربائية وتقدّمها على أنها الحلّ السحري للقضاء على ظاهرة الاستجرار غير المشروع للطاقة، كونها تهدّد المنظومة الكهربائية ووثوقيتها، وتستنزف المال العام- كما صرحت!!.
ورغم أننا في بداية الشتاء ولم نشهد بعد أية ظواهر جوية قادرة على تغييب التيار الكهربائي وزيادة الحمولات على الشبكات، إلا أن التيار يغيب لساعات طويلة ومتتالية صباحاً ومساءً. وهنا نؤكد على أنه وبالرغم من حالة الانزعاج العامة التي أحدثتها هذه الانقطاعات، إلا أنها لم تغيّر أو تبدّل من احترامنا وتقديرنا لجهود جميع العاملين في القطاع الكهربائي وتضحياتهم في خدمة البلد، وتأمين التيار الكهربائي على مدار الساعة وفي أخطر الظروف.
ومن واجبنا أيضاً أن نذكّر باتفاق المواطن مع الجهات المعنية على أن دفع الفواتير بكل أنواعها الخدمية، ومنها الكهربائية، هو واجب ومسؤولية وطنية، على أن يقابله توافق واتفاق بين مستوى ونوعية الخدمات المقدّمة وقيمة الاستجرار الفعلي، وبين أرقام فواتيرها التي تتخطّى في غالبيتها حدود المنطق والموضوعية نتيجة تقاعس شخص أو جهة معنية في أداء دورها والقيام بمهامها على أكمل وجه.
إن الواقع الكهربائي الذي تتضحُ معالمه شيئاً فشيئاً، والظرف المعيشي الحالي للناس، لا يفرضُ علينا فقط توجيه العتب واللوم إلى وزارة الكهرباء، بل لابد من مطالبتها بالإيفاء بوعودها في المحافظة على دوام التيار الكهربائي والالتزام بفترات التقنين المحدّدة، وإعادة النظر بقيمة الفواتير الكهربائية، وبشكل يعيد أرقامها إلى ساحة الاستجرار الحقيقي والمنطقي، بدلاً من الاستمرار في زيادة أعباء المواطن وتثقيل فواتيره بأرقام خيالية غير واقعية تقود الجميع إلى استخدام أساليب ملتوية لتأمين هذه الخدمة الضرورية للتخفيف من الأعباء المالية، وما أكثرها في هذه الأيام!.
بشير فرزان