تربيةالتوائم.. جهود تحاكي الاختلافات ورعاية لاكتساب مهارات متساوية؟!
تختلف تربية التوائم كلياً من حيث الاهتمام والجهد المطلوب من الأهل لرعايتهم وخاصة أن هناك نوعين من التوائم ،فإما أن يكونا متطابقين أو مختلفين وقد يكونا من نفس الجنس أو مختلفين وفي بعض الحالات قد يصل عدد التوائم إلى أكثرمن ثلاثة توائم مما يتطلب جهداً إضافياً واستثنائياً من الأب والأم لرعايتهم وتقديم متطلباتهم الصحية والنفسية بعدل وحكمة لكل واحد منهم ،حيث لا تعتبر رعاية التوائم مهمة سهلة على الإطلاق خاصة إذا كانت التجربة الأولى للحمل عند المرأة أي أنه لايوجد خبرة سابقة للتعامل مع الأطفال مما يسبب لها الارتباك وعدم التركيز في رعايتهم ومراقبتهم بالشكل الصحيح ،فالتوائم لايمكن اعتبارهم فرداً واحداً كما يعتقد البعض حيث لايمكن الخلط بينهم رغم درجة التشابه التي قد تصل إلى عدم القدرة على تمييزهم حتى من قبل الأب والأم مما يفرض تحديات كبيرة أمامهما لتحقيق التربية المتماثلة .
احتضان العائلة
يلجأ بعض الأهالي إلى تمييز توائمهم بالملابس واختيار الألوان لأدواتهم التي يستخدمونها كالرضاعات وغيرها لمعرفة من الذي حصل على دوائه أو غذائه ،ومن وجهة نظر الخبيرة النفسية نسيمة الصافي فإنه لابد من التفاعل مع كل طفل من التوائم بمفرده عبر التحدث واللعب معه ليكتسب مهارات لغوية وحركية فكل واحد منهم شخص مختلف بذاته قد يكون له اهتمامات ونظرة وسلوك مختلف وليس كما يعتقد البعض أنهم متطابقين تماماً لذلك لابد من مراعاة جميع الاختلافات وأوجه التشابه بينهم ،ورغم أن التوائم يحصلون على فرصة اللعب معاً وعدم الشعور بالوحدة إلا أن وجود أطفال من أعمارهم يعتبر حالة ضرورية لنموهم العقلي والجسدي ولمساعدتهم للتفاعل مع أقرانهم ومجتمعهم ،وتضيف الصافي تعتبر التوائم أكثر لطفاً وتعاوناً في بيئتهم وخاصة مع عائلتهم الكبيرة أي المقربين كالعم والخال والجد والجدة مما يساعد في احتضانهم وإعطائهم الرعاية والاهتمام الاجتماعي ،تبقى مسألة الفصل بينهم خلال تطور حياتهم هي المسألة الأكثر جدلاً للأهل فالبعض يعتقد أنهم يجب أن يكونوا في نفس المدرسة والصف والبعض يرى أن ذلك قد يؤثر على تعلمهم وبناء شخصيتهم ،لكن الأمر سواء وهو لايغير شيئاً لدى التوائم، فلكل منهم شخصيته الخاصة به .
رسم برنامج
تعاني الأم بعد وضع التوائم من الإرهاق والتعب الجسدي وهناك بعض الحالات تصيب الأمهات بالاكتئاب لعدم قدرتهن على العناية بالتوائم ،لذلك هي تحتاج إلى الدعم النفسي والمعنوي من عائلتها وزوجها، تتابع الصافي هناك جهد مضاعف للعناية بالتوائم ولايمكن لشخص واحد القيام به فالتوائم بحاجة إلى رسم برنامج يومي بأوقات الرضاعة والتبديل فيما بينهم بطريقة متساوية وخاصة إذا كانت الرضاعة طبيعية ،وعلى الأم أن تكون حذرة بالتعامل مع توائمها من جميع النواحي فعند إطلاق أسماء متشابهة في النطق على التوأمين يعطيهم هذا شعور بأنه أحدهما تابع للآخر واللباس المتشابه يلغي تفرد كل منهما ويؤثر عليهما بشكل كبير في المستقبل ويخلق لهما مشاكل عديدة، حتى أنه قد نصل إلى صعوبة فصل شخصياتهما عن بعضهما البعض في كل التفاصيل لذلك على الأم اتباع جميع النصائح النفسية والجسدية خلال تربيتها لهما لأنها تغير في جميع شؤون حياتهما سواء في التربية الاجتماعية التي تخص نظرتهما للمجتمع وتعامل الأم والأب معهما أو في نظرة كل منهما للآخر، مع ضرورة التأكيد على استقلالية شخصيات التوائم، وعدم الربط بينهم في كل شيء .
الشخصية المستقلة
ومن أهم النصائح للأبوين التقيد بهما هو تجنب الإساءة اللفظية لأي من التوءمين أمام الأخر وعدم السماح لأحدهما بأن يؤثر على الآخر وتفضيل أحدهما بطريقة شراء الألعاب والقصص لهما ،الدكتورة النفسية مارسيل عبود تؤكد على عدم إعطاء فرصة لأي منهما وتمييز أحدهما أكثر عن الآخر والسماح لكل طفل من التوائم باختيار ما يعجبه من ملابس وطعام وألعاب دون إجباره على شراء الملابس والألعاب التي اختارها الآخر وعدم التفريق بينهما في مراحل التعلم والاهتمام والمدح لكليهما وإظهار أن أحدهما أكثر من الآخر والاستعانة مع المعلمين ومتابعة نموهما الفكري والعقلي والتنبه لمواطن الضعف والتراجع لأحد التوائم عن الآخر وتقديم الرعاية الكافية لتجاوز الفوارق التي تحدث أثناء تطورهما حتى لا تتحول المشكلة إلى عائق نفسي أثناء تعليم التوائم وتعاملهما مع بعضهما البعض سواء في اللعب أو الدراسة ،وترى عبود أن دور الأم مهم جدا في مشاركتهما اهتماماتهما وتقديم الوقت اللازم لعطاء كل واحد من التوائم المجال للتعبير عن مشكلاته بعفوية دون أن يتم الخلط بينهما ،ومن أكثر الأخطاء التي يقوم بها الوالدان في تربية توائمهما اعتبارهم شخصاً واحداً ومعاملتهما بنفس الأسلوب وكأنهما شخص واحد له يملك نفس الاحتياجات والمتطلبات ،وهذا يحتاج إلى وعي كبير من الوالدين في جعل كل واحد له شخصيته المستقلة .
ميادة حسن