ثلاث ملفات نووية تواجه بايدن
عناية ناصر
قبل أربع سنوات، حذر الرئيس باراك أوباما دونالد ترامب، في زيارته إلى المكتب البيضاوي بعد يومين من الانتخابات، أن أكبر تهديد للأمن القومي سيواجهه هو قدرة كوريا الديمقراطية الوشيكة على إطلاق صواريخ نووية. لكن لو دعا ترامب خليفته، كما فعل كل أسلافه في فترة ما بعد الحرب، فإنه ربما يحذر بايدن من أنه لا يمكنه مواجهة تحدٍ واحد فقط، ولكن قد يواجه ثلاث أزمات لثلاث دول في السنوات المقبلة هي كوريا الديمقراطية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وروسيا التي ستنتهي آخر اتفاقية مراقبة الأسلحة النووية المتبقية معها في غضون أسابيع من تولي بايدن المنصب.
إن الملفات النووية ليست سوى واحدة من بين مجموعة من القضايا الملحة التي تواجه بايدن، فجائحة الفيروس التاجي تخرج عن السيطرة، والاقتصاد الأمريكي يتباطأ حيث يتم قطع الدعم الحكومي عن ملايين العاطلين، كذلك، لا تزال التوترات العرقية تتفاقم نتيجة للتمييز المنهجي، والاستقطاب السياسي أعمق وأوسع من أي وقت مضى منذ الحرب الأهلية، ويستمر تغير المناخ بلا هوادة، وحرائق أكبر وموجات جفاف، وارتفاع سريع في مستوى البحار.
ومع ذلك، لا تستطيع إدارة بايدن تجاهل أي من القضايا النووية عندما تتولى مهامها، و الأمر الأكثر إلحاحاً هو تمديد معاهدة “ستارت الجديدة” مع روسيا، والتي من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في الخامس من شباط القادم التي توقفت المحادثات مع موسكو بشأنها بسبب مطالبة ترامب بفرض قيود إضافية. وعلى الرغم من أن هذه الشروط – بما في ذلك تجميد يمكن التحقق منه لعدد جميع الرؤوس الحربية النووية الإستراتيجية وغير الإستراتيجية المنشورة والمخزنة – معقولة، سيكون من الأفضل بكثير التفاوض على أي بنود جديدة بعد تمديد معاهدة ستارت الجديدة لمدة خمس سنوات. إذ من شأن هذا التمديد، على أقل تقدير، أن يحافظ على إطار الحد من التسلح الذي حكم العلاقات النووية الأمريكية الروسية سليماً.
المسألة الثانية الملحة تتعلق بإيران، ففي عام 2018، انسحب ترامب من الاتفاق النووي، والذي تبناه مجلس الأمن الدولي بالإجماع بموجب القرار 2231، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية لا شرعية على إيران، وهو ماردّت عليه إيران بإعادة تشغيل الآلات المتطورة لتسريع عملية التخصيب. لقد تعهد بايدن بالعودة إلى الاتفاق النووي، لكن ذلك لن يكون سهلاً، فبعض البنود الرئيسية في الصفقة الأصلية ستنتهي في غضون بضع سنوات، ومن المرجح كذلك أن تطلب إيران التعويض عن تكاليف العقوبات الجديدة.
إن مخاطر الانتشار النووي في كوريا، هي الأزمة الثالثة التي يواجهها بايدن. على الرغم من أن الرئيس الكوري الديمقراطي كيم جونغ أون وترامب التقيا ثلاث مرات وتبادلا رسائل عدة خلال العامين الماضيين، إلا أن المجاملات لم تفعل شيئاً، بسبب تهرب إدارة ترامب من التزاماتها، فما زالت تفرض عقوبات اقتصادية جائرة على بيونغ يانغ، في إطار سياسة التهديدات والضغوطات التي تمارسها ضد الدول التي ترفض الخضوع لإملاءاتها والسير في نهجها.
قلة من الرؤساء واجهوا ملفات معقدة وعاجلة مثل تلك التي تنتظر بايدن وهو يدخل المكتب البيضاوي لأول مرة بصفته الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، ومن بين هذه الأزمات ثلاث ملفات، إذا لم يتم التعامل معها بحذر، فقد تلقي بظلالها على فترة رئاسته بأكملها.