الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

سورية تدين ضغوط الغرب على “حظر الكيميائي”: أي قرار يصدر استناداً لفبركات “فريق التحقيق” هدفه تبرئة الإرهابيين ورعاتهم

أدانت سورية الضغوط الغربية الرامية لإرغام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ودول أعضاء فيها على اعتماد مشروع قرار فرنسي غربي يزعم زوراً وبهتاناً “عدم امتثالها” لالتزامها بموجب اتفاقية الحظر، مؤكدة أن أي قرار سيصدر عن المجلس التنفيذي استناداً لفبركات “فريق التحقيق وتحديد الهوية” هو قرار مسيس يهدف الى إلصاق تهمة استخدام أسلحة كيميائية بسورية وتبرئة الإرهابيين ورعاتهم.

وشدد نائب وزير الخارجية والمغتربين مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري، خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم عبر الفيديو، على أن سورية تدين استخدام الأسلحة الكيميائية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في أي زمان ومكان ومن قبل أي كان وتحت أي ظرف كان، وأن التزامها حيال قضايا عدم الانتشار ونزع أسلحة الدمار الشامل راسخ حيث انضمت في عام 1968 إلى بروتوكول جنيف لعام 1925 الخاص بحظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة، كما انضمت في عام 1969 إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ووقعت في عام 1972 على اتفاقية منع استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية، وانضمت في عام 2013 إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، أي أنها طرف في كل اتفاقيات منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، مشيراً إلى أن سورية وقعت ضحية للأسلحة الكيميائية تارة باستخدامها المتكرر من قبل التنظيمات الإرهابية ورعاتها والمستثمرين فيها، وأخرى من خلال حملات مسعورة سعت لاتهام الحكومة السورية باستخدام أسلحة كيميائية وتأليب الدول الأعضاء ضدها.

وأضاف الجعفري: لقد قرنت بلادي القول بالفعل حيث كانت تقدّمت خلال عضويتها في مجلس الأمن وبالتحديد بتاريخ الـ 27 من كانون الأول 2003 بمشروع قرار يهدف لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من كل أسلحة الدمار الشامل، إلا أن وفد الولايات المتحدة هدد آنذاك باستخدام الفيتو في حال طرحنا مشروع القرار على التصويت، وذلك سعياً من الإدارة الأمريكية، بشكل تمييزي، لحماية ترسانة كيان الاحتلال الإسرائيلي من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية، كما تفعل اليوم، فبقي المشروع باللون الأزرق محفوظاً في أدراج المجلس كشاهد على التزام سورية بنزع أسلحة الدمار الشامل وتجنيب البشرية مخاطرها.

سورية أول من نبّه إلى “ملف الكيميائي”

وأوضح الجعفري أن مجلس الأمن بدأ النظر لأول مرة بما يسمى “ملف الكيميائي” في سورية برسالة رسمية وجهتها سورية إلى الأمين العام للمنظمة الدولية ورئيس مجلس الأمن في الثامن من كانون الأول 2012 أعلمتهما فيها أن عناصر من تنظيم القاعدة يقومون بتصنيع أسلحة كيميائية في مخبر يقع قرب مدينة غازي عنتاب ويهددون باستخدامها ضد السوريين، وأشارت الرسالة إلى تناقل وسائل إعلام تركية مقاطع فيديو تم نشرها على مواقع الإنترنت تظهر طريقة تصنيع الغاز السام من خلال مواد كيميائية حصل عليها تنظيم القاعدة من شركة تركية وجرى اختبارها على أرانب وكائنات حية أخرى، وبيّن أن سورية طلبت في الرسالة ذاتها من بعثة مراقبي الأمم المتحدة الخاصة، التي كان يرأسها الجنرال روبرت مود، زيارة معمل تابع للقطاع الخاص شرقي مدينة حلب يقوم بتصنيع مادة الكلور لاستخدامها في مجالات التعقيم والتنظيف، وذلك لتفقد المعمل وحصر موجوداته، لأن المجموعات الإرهابية كانت تخطط آنذاك للسيطرة عليه ونهب محتوياته، إلا أن بعثة المراقبين الأمميين لم تتمكن من القيام بتلك الزيارة بعد أن أطلق الإرهابيون النار على عناصرها وسيطروا لاحقاً على ذلك المعمل الذي يحتوي أطناناً من مادة الكلور السامة، التي تم استخدامها وغيرها لاحقاً من قبل التنظيمات الإرهابية ضد السوريين من مدنيين وعسكريين.

وبيّن الجعفري أن الاستخدام الأول لأسلحة كيميائية في سورية جرى بتاريخ الـ 19 من آذار 2013، حيث أطلقت مجموعة إرهابية قذيفة تحمل غازات كيميائية على منطقة خان العسل في محافظة حلب ما أدى إلى استشهاد 25 شخصاً، بينهم 16 عسكرياً، وإصابة العشرات جراء استنشاقهم تلك الغازات السامة، ما دفع سورية إلى توجيه رسالة رسمية إلى الأمين العام بأن كي مون لمطالبته بإيفاد بعثة متخصصة ومحايدة ومستقلة للتحقيق في هذه الحادثة وتحديد هوية منفذيها، لكنه طلب إمهاله بعض الوقت للتشاور، ولفت إلى أن تحرك سورية لم يرق للدول الراعية للتنظيمات الإرهابية، فعمدت فرنسا وبريطانيا إلى محاولة التشويش على رسالة سورية والتغطية على استخدام التنظيمات الإرهابية أسلحة كيميائية، فوجهتا بعد يوم واحد من الرسالة السورية رسالة مشتركة إلى الأمين العام زعمتا فيها وجود حالات أخرى لاستخدام أسلحة كيميائية في سورية في محافظتي ريف دمشق وحمص وطالبتاه بالتحقيق في هذه الحالات المزعومة، ومن ثم وجهت دول أخرى معادية لسورية وراعية للإرهاب عشرات الرسائل المماثلة لمنع بعثة التحقيق التي طلبتها سورية من تأكيد استخدام التنظيمات الإرهابية أسلحة محظورة وحرفها عن الهدف المرجو منها.

دول غربية تواصل استخدام “ملف الكيميائي” لاستهداف سورية

وأوضح الجعفري أن الأمين العام أبدى رغبته بالتحقيق في جميع الادعاءات التي وردته، وأنه سيطلب الاستعانة بالمعلومات المتوافرة لدى الدول الأخرى حول كل الحوادث المزعومة وسيشكل بعثة تحقيق تقتصر ولايتها على تحديد استخدام أسلحة كيميائية دون تحديد هوية مرتكبي هذه الجريمة النكراء، وهو ما ورد لاحقاً في رسالته بتاريخ الـ 22 من آذار 2013، وبالتالي وبدلاً من مساعدة سورية والاستجابة لمبادرتها الرامية للحؤول دون حيازة واستخدام التنظيمات الإرهابية أسلحة كيميائية بدأ تسييس هذا الملف واستخدامه للإساءة الى سورية وللتغطية على جرائم التنظيمات الإرهابية ورعاتها، وهو أمر لا يزال مستمراً منذ سبع سنوات حتى الآن، حيث إن بعض الدول الغربية تعمل جاهدة منذ سنوات للإبقاء على ما يسمى “ملف الكيميائي” ومواصلة استخدامه لابتزاز سورية واستهدافها دولة وشعباً وموقفاً.

حتى اليوم لم يتم التحقيق في حادثة خان العسل

وأشار الجعفري إلى أن الفضيحة الأولى في ملف الأسلحة الكيميائية تمثلت بتوجه فريق التحقيق برئاسة الخبير السويدي اكي سيلستروم إلى دمشق بعد خمسة أشهر على حادثة خان العسل، على الرغم من أن الجميع يعلم أن الغازات الكيميائية والأدلة على استخدامها تتأثر بانقضاء هذه الفترة الطويلة، مبيناً أنه في صباح الـ 21 من آب 2013 وبالتزامن مع وجود سيلستروم وفريقه في دمشق وعزمه على التوجه إلى منطقة خان العسل للشروع في التحقيقات حصلت حادثة استخدام أسلحة كيميائية مزعومة في ريف دمشق، فتمّ تحويل وجهة البعثة من خان العسل إلى تلك المنطقة وحتى اليوم لم يتم التحقيق في حادثة خان العسل، والجميع يعرف هوية المستفيد من ذلك.

ولفت الجعفري إلى أن الأكاذيب والفضائح المرتبطة بهذا الملف تتالت في العديد من الحوادث التي لا يتسع المجال للخوض فيها، ومنها حادثتا خان شيخون في الرابع من نيسان 2017 ودوما في السابع من نيسان 2018، على الرغم من انضمام سورية لاتفاقية نزع الأسلحة الكيميائية وتخلصها من مخزوناتها من هذه الأسلحة ومواد ومرافق إنتاجها وتدمير تلك المخزونات على متن سفينة أمريكية وسفن أوروبية أخرى، وتأكيد ذلك من قبل رئيسة البعثة المشتركة لمساعدة سورية في إزالة أسلحتها الكيميائية سيغريد كاغ وزيرة التجارة الخارجية في هولندا حالياً خلال إحاطتها لمجلس الأمن في حزيران 2014.

تقارير تمّ إعدادها عن بعد وتفتقد أدنى معايير المصداقية والمهنية

وأعرب الجعفري عن أسف سورية لتحويل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفرقها إلى أداة بيد بعض الدول المعادية لسورية، حيث كانت النتيجة أن أصدرت المنظمة تقارير تمّ إعدادها عن بعد ودون زيارة مواقع الحوادث وتفتقد أدنى معايير المصداقية والمهنية والموضوعية، وبنت خلاصات عملها على تخمينات وترجيحات وافتراضات غير يقينية استندت لما سمته “مصادر مفتوحة” ولما قدمته لها المجموعات الإرهابية وذراعها الإعلامي “تنظيم الخوذ البيضاء” الإرهابي ورعاتهم من ادعاءات وأدلة مفبركة وشهود زور، كما تعاملت منظمة الحظر مع الحالات قيد التحقيق بانتقائية بالغة، فسعت لإنكار ما قدمته لها سورية وروسيا فيما يتعلق بحادثة حلب الموثّقة التي وقعت بتاريخ الـ 24 من تشرين الثاني 2018، وتبنت ادعاءات التنظيمات الإرهابية حول حادثة لم تقع وزعم حدوثها في سراقب في الأول من آب 2016، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل إن بعثة تقصي الحقائق التي تحقق في حادثة اليرموك التي وقعت في الـ 22 من تشرين الأول 2017 وفي حادثتي خربة المصاصنة اللتين وقعتا في السابع من تموز والرابع من آب 2017 وفي حادثة قليب الثور في سلمية في التاسع من آب 2017 وفي حادثة بليل في صوران في الثامن من تشرين الثاني 2017 لم تصدر أي تقارير أو نتائج لتحقيقاتها في هذه الحوادث، رغم أن الحوادث الخمس وقعت قبل الحادثة المزعومة في دوما عام 2018، والتي صدر بشأنها تقرير تشوبه عيوب جسيمة قبل أشهر طويلة.

وشدد الجعفري على أن سورية وروسيا أثبتتا على مدى السنوات الماضية بالحجة والبرهان زيف تلك الادعاءات والأكاذيب، وقدّمت سورية معلومات موثقة في أكثر من 215 رسالة رسمية وعرضت مراراً شهادات لأكاديميين وخبراء عسكريين ومختصين من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مثل المدير العام الأول لمنظمة الحظر خوسيه بستاني، الذي عرقلت وفود الدول الغربية مشاركته بجلسة مجلس الأمن في الخامس من تشرين الأول الماضي، والمفتش ايان هندرسون، أحد أكثر مفتشي منظمة الحظر خبرة، حيث عمل في تلك المنظمة لأكثر من اثني عشر عاماً، وكان قائد الفريق الذي شارك بالتحقيق في حادثة دوما، وزار سورية ضمن بعثات المنظمة مرات كثيرة، والبروفيسور ثيودور بوستول أستاذ العلوم والتكنولوجيا والأمن الدولي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وآرون ماته الصحفي المستقل والمساهم في موقع “ذا غري زون” وصحيفة “ذا نيشن”، وقد أثبتت الإحاطات والمعلومات العلمية الموثّقة بالغة الأهمية، التي أدلى بها هؤلاء الخبراء، مدى التسييس الذي فرضته دول غربية على عمل منظمة الحظر لاستخدامها منصة لفبركة الاتهامات ومن ثم لتبرير العدوان على سورية واستكمال ما عجزت عن تحقيقه من خلال استثمارها في الإرهاب ودعمها غير المحدود له ومحاولة خنق الشعب السوري بالإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب.

وبيّن الجعفري أن سورية قدمت في الـ 16 من الشهر الماضي تقريرها الشهري الـ 85 إلى الأمانة الفنية للمنظمة حول النشاطات المتصلة بتدمير الأسلحة الكيميائية ومنشآت إنتاجها، وتؤكد استعدادها لمتابعة المشاورات والاجتماعات الفنية مع الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وفق ما تم الاتفاق عليه سابقاً، ومواصلة الحوار المنظم لحل جميع المسائل المعلقة وإغلاقها بشكل نهائي، مجدداً مطالبة سورية الدول الأعضاء في منظمة الحظر برفض تسييس الطابع الفني للمنظمة ومعالجة ما شاب عملها من تسييس وعيوب جسيمة من شأنها تقويض مكانتها ومصداقيتها.

أي قرار حول حوادث اللطامنة هو قرار مسيّس بامتياز

وأعرب الجعفري عن إدانة سورية الضغوط الغربية الرامية لإرغام منظمة الحظر ودول أعضاء فيها على اعتماد مشروع قرار فرنسي غربي يزعم زوراً وبهتاناً ما سموه “عدم امتثال” سورية لالتزامها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، مؤكداً أن أي قرار سيبنى على قرار الدورة الـ 94 للمجلس التنفيذي استناداً الى فبركات ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” غير الشرعي بخصوص حوادث اللطامنة هو قرار مسيس بامتياز يهدف الى إلصاق تهمة استخدام أسلحة كيميائية بسورية وتبرئة الإرهابيين ورعاتهم والتغطية على جرائمهم، وأضاف: بعد مئة عام على إنشاء أول منظمة دولية متعددة الأطراف هي عصبة الأمم نجد أن بعض الدول الغربية وسعت نطاق جرائمها ونهبها لتشمل زعزعة أمن واستقرار عشرات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة واحتلال أراضيها ونهب ثرواتها وآثارها ونفطها وغازها ومصادر رزق شعوبها، ولم تكتف بذلك بل حاولت تشويه تراثنا العالمي وإعادة صياغته واستخدام الكذب وسيلة للترويج للعدوان والتدمير والخراب وسخرت وسائل إعلامها والمحافل الدولية بما فيها مجلس الأمن للترويج للأكاذيب والبناء عليها لتدمير دولنا والإضرار بشعوبنا، كما فعلوا سابقاً في العراق وليبيا وغيرهما، مشدداً على ضرورة تنبه الدول الغربية لعواقب أفعالها ودعمها الإرهاب وتجنيدها الإرهابيين الأجانب وتيسير سفرهم ومنع استعادتهم ومساءلتهم والتغطية على استخدام التنظيمات الإرهابية أسلحة كيميائية لأن ذلك سيرتد عليها ما يستلزم من تلك الدول مراجعة سياساتها الخاطئة تجاه سورية والعدول عنها.