سمك البالون السام يعري تقصير محافظة اللاذقية ومديرياتها المعنية..!
عرّى تكرار حالات التسمّم الناجمة عن تناول سمك البالون، والتي كان ضحيتها طفلة فارقت الحياة بعد تناولها مع أسرتها سمك البالون وعلى أثر ذلك تمّ إسعاف الأسرة إلى المشفى، عمل الجهات المسؤولة في محافظة اللاذقية من هيئة تنمية الثروة السمكية، إلى مديريات الزراعة والصحة والتجارة الداخلية وحماية المستهلك، وجمعية الصيادين والموانئ وغيرها من جهات معنية بالصيد البحري وبحركة تداول الأسماك في الأسواق، وكشفت هذه الحالات تقصير هذه الجهات والتي على ما يبدو بات المواطن خارج قاموس اهتماماتها، مع الإشارة هنا إلى أنه من المفترض أن تعمل هذه الجهات ضمن نطاق تكاملي تشاركي لمنع مثل هذه المواد من الوصول إلى الأسواق حرصاً على السلامة العامة، ولاسيما بعد أن عادت مجدداً حالات التسمّم بتناول سمك البالون كما حصل قبل يومين..!
ووفقاً لما ذكرته الدكتورة سهام مخول مديرة مشفى الشهيد حمزة نوفل الوطني باللاذقية: أنه بعد منتصف الليل “فجر يوم الثلاثاء” وصلت عائلة مكوّنة من 7 أشخاص محالة من أحد المشافي الخاصة في المحافظة بعد تعرّضهم لحالة تسمّم جراء تناول سمك البالون بحسب ما أفادنا الأب، وتمّ قبول 4 منهم في شعبة الإسعاف الداخلي وهم: (م. س 39 سنة) (ك. س 36 سنة) (م. س 70 سنة) (ف. س 15 سنة)، وتمّ تحويل 3 أطفال إلى الهيئة العامة لمشفى التوليد، والأطفال هم: (ش. س/ سنتان) (م. س 12 سنة) (ا. س 15 سنة). وقالت الدكتورة مخّول: تمّ إعلامنا من قبل الأب بوفاة طفلة له في المشفى الخاص قبل وصولهم إلينا، وأنهم تناولوا سمك البالون دون علمهم أنه يسبّب التسمّم وقُدّمت لهم كافة الإجراءات الإسعافية والعلاجية اللازمة، وهم حالياً بحالة جيدة ومازالوا قيد العلاج والمتابعة. وبالتواصل مع الدكتور أحمد الفرّا مدير مشفى التوليد والأطفال للاستفسار عن حالة الأطفال أفادنا: تمّ قبول الأطفال لدينا وقُدّمتْ لهم كافة الإسعافات اللازمة وتمّ تخريجهم بحالة جيدة.
اكتفت الهيئة العامة للثروة السمكية بدعوة الإخوة المواطنين إلى الامتناع عن شراء وتناول سمكة النفيخة (البالون)، إذ أكد مديرها العام الهيئة الدكتور عبد اللطيف علي أن الهيئة “تهيب بالإخوة المواطنين الامتناع عن شراء وتناول سمكة النفيخة وذلك درءاً لمخاطر التعرض للتسمّم كونها تحتوي مادة سامة في جسمها، وتهيب أيضاً بالإخوة الصيادين أن يقوموا بإتلافها وعدم إعادتها حيّة إلى المياه عند ظهورها في حصيلة الصيد، وطلبت الهيئة من الإخوة بائعي الأسماك عدم بيعها في محالّهم تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين، كما أكّدت الهيئة على الإخوة الصيادين والبائعين في أسواق الأسماك ضرورة التقيد بالإجراءات الاحترازية والوقائية من فيروس كورونا”..!.
حرضت حالات التسمم محافظة اللاذقية أخيراً للتحرك باتجاه تخصيص موقع مناسب ليكون سوقاً للسمك يحقق المواصفات المناسبة، في خطوة جاءت متأخرة جداً لتسويق السمك في مدينة اللاذقية، وذلك في الموقع المقترح في ميناء الصيد والنزهة وبالتنسيق بين المديرية العامة للموانئ والهيئة العامة للثروة السمكية ومجلس مدينة اللاذقية، مع الإشارة هنا إلى أن هذه الخطوة كان من المفترض أن تكون من البديهيات ومنذ زمن طويل لكونها تتعلق بالصحة أولاً وبتنظيم حركة تجارة الأسماك ثانياً.. ونأمل أن تكون المحافظة جادة بتنفيذ هذا المشروع الذي جاء متأخراً جداً، إذ طلب المحافظ إبراهيم خضر السالم خلال زيارته إلى ميناء الصيد والنزهة قبل أيام، واطلاعه على واقع العمل في الميناء، تجهيز موقع مناسب في الميناء لإقامة السوق..!.
ومهما يكن وعلى الرغم من الرقابة على حركة تداول الأسماك وضبط عملية تسويقها لضمان شروط السلامة الصحية والغذائية، فإن هذه المادة لها حساسية شديدة تستوجب أقصى درجات الرقابة حول طرحها واستهلاكها كي لا تتكرر حالات التداول العشوائي وما تسبّبه من أضرار صحية، لأنّ أية كمية يتمّ تداولها عشوائياً خارج سوق السمك يجعلها بعيدة عن الرقابة الصحية والتموينية كونها متنقّلة وجوّالة، وهذا أيضاً يطرح هواجس حول مصدرها وسبب السماح بنقلها وتداولها وطرحها للبيع بشكل مخالف تماماً، لأن البالون سمك سامّ وقاتل، وهذا ما أكده الدكتور لؤي سعيد مسؤول التسمّمات في مديرية صحة اللاذقية، حيث قال إنه يوجد في السمكة سمّ قاتل هو مادة التترادوتوكسين، وهذه المادة أقوى من الزرنيخ بآلاف المرات وأقوى من السيانيد بمئات المرات، ولا يوجد ترياق نوعي لمعالجة التسمم عند حدوثه. وأوضح د. سعيد أنّ المادة السامة موجودة في غدد تتوضع تحت الجلد وبالقرب من النخاع الشوكي وتتركز في الرأس والكبد والمبيضين (البطارخ)، وتحدث هذه المادة السامة حصاراً لقنوات الصوديوم وبالتالي إعاقة مرور السيالة العصبية مما يؤدي لحدوث شلل يرتقي لإحداث شلل عضلات تنفسية وبالتالي الموت.
وإزاء ما تسبّبه مثل هذه الحالات المتكررة من خطورة بالغة على الصحة والحياة تصل إلى الوفاة، فإن المنع النهائي والكلي لسمك البالون من التداول بات مطلوباً بسرعة قصوى وردع أي مخالف بأشد العقوبات القانونية، لأن التداول يلحق الأذى والضرر بمستهلك هذه المادة، كما حصل مع الأسرة المذكورة، ومن البديهي جداً أن مثل هذه الحوادث ولاسيما المتعلّق منها بالتسمم الذي ينتج عن سمك البالون ينبغي أن يدفع الجهات المعنيّة إلى الإسراع قدر الإمكان بضبط عملية تداول الأسماك وتشديد الرقابة الصحية عليها.
كما أن الضرورة التي لم تعد تحتمل التأجيل أبداً صحياً وغذائياً هي المباشرة السريعة والعاجلة بعملية ضبط محكم ومشدّد لعملية تداول حركة بيع الأسماك ومنع طرح أي نوع من الأسماك يلحق الضرر والأذى بالصحة العامة، مثل سمك البالون الذي أكدت وزارة الصحة أنه سمك سام وقاتل بسبب احتواء السمكة المذكورة على مادة سمّية وقاتلة.
إذن وطبقاً لما أعلنته وزارة الصحة فإنه ينبغي أن يكون من غير المسموح أبداً لأي كان وتحت أي ظرف أو مبرر طرح سمك البالون للبيع والتداول، وهنا تقع المسؤولية الكاملة على عاتق الجهات المعنية الآنفة الذكر والتي ثبت للملأ تقصيرها بمراقبة حركة تداول المواد والمنتجات في الأسواق.
وأمام كل هذه الوقائع والحالات المؤسفة والتحذيرات الواضحة المباشرة فإنه لم يعد هناك متسع لأي وقت كان، ولم يعد هناك أي مبرر للانتظار أو حتى الترقب لأجل استئصال هذه الظاهرة ومثيلاتها نهائياً لأنها تخلّف ضحايا وإصابات وحالات ضرر مباشر بالصحة العامة، وينبغي وضع حركة تداول السمك تحت مجهر الرقابة على مدار الساعة، لأن درهم وقاية خير من قنطار علاج.
مروان حويجة