زخم التظاهرات الطلابية ضد سياسات أردوغان يتصاعد
يعود زخم المواقف الطلابية ضد سياسات نظام “العدالة والتنمية” من جديد، من خلال حراك واسع تشهده إحدى أهم الجامعات التركية، وهي جامعة البسفور. فقد تظاهر مئات من طلبة الجامعة المرموقة في إسطنبول مرة أخرى للمطالبة باستقالة عميد عيّنه رئيس النظام رجب طيب أردوغان، وردّ النظام بإجراء عمليات توقيف جديدة.
واعتقلت شرطة أردوغان العشرات، وداهمت عدداً من المنازل، وأفادت وكالة أنباء الأناضول الناطقة باسم النظام التركي أن 14 طالباً في إسطنبول اعتقلوا يوم الأربعاء بعد إيقاف 22 آخرين يوم الثلاثاء.
وتجمع الآلاف، من بينهم طلاب وأكاديميون ونشطاء وأعضاء أحزاب معارضة، في حي كاديكوي بالمدينة مطالبين بالإفراج عن المعتقلين.
وبدأ الاحتجاج على تعيين مليح بولو، المرتبط بحزب أردوغان، الاثنين في حرم الجامعة المرموقة. وانتقل المتظاهرون إلى ساحة كاديكوي بيير يوم الأربعاء، بعد أن حظر نظام أردوغان جميع التجمعات والاحتجاجات العامة، مستشهداً بانتشار وباء فيروس كورونا في منطقتي بشكطاش وساريير بالمدينة، في محيط الجامعة. ومنذ ذلك الحين أغلقت الشرطة الشوارع القريبة من الحرم الجامعي ومداخل المؤسسة التعليمية.
وتجمع المتظاهرون في حرم الجامعة بهدوء وسط حضور أمني قوي، قبل أن يقطعوا مضيق البسفور عبر العبارة ليواصلوا احتجاجهم في الجهة الآسيوية للمدينة، وكتب بالإنكليزية على لافتة رفعها أحد المتظاهرين “لن تكون أبداً عميدنا”.
وكان أردوغان قد عيّن الجمعة مليح بولو (50 عاماً) لإدارة جامعة البسفور (بوغازيتشي بالتركية) العامة، التي درس فيها جزء من نخبة البلاد.
وأثار هذا التعيين ضجة لأن بولو لا ينتمي إلى الجامعة، وكان قد ترشّح للبرلمان عام 2015 مع حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وخلال تظاهرة أولى الاثنين، أغلقت الشرطة بوابة الجامعة بواسطة أصفاد، وهي صورة خلفت حنقا في تركيا، وقال الطالب في علوم الاقتصاد صالح تانيك: إنه جاء للتظاهر “ضد جميع العمداء الذين عينوا بمراسيم رئاسية منذ 2016″، وهو العام الذي أعطى فيه أردوغان لنفسه هذا الامتياز إثر محاولة انقلاب ضده.
وألغى مجلس الجامعة اجتماعاً كان من المقرر عقده مع العميد الجديد. وجاء هذا الإعلان بعد استقالة مستشار العميد ظافر ينال. وقد أعلن عالم الاجتماع، ينال، هذه التطوّرات على حسابه، وتمنى “ألا يرى جامعة مكبلة البوابات”، في إشارة إلى تدخل الشرطة في الحرم الجامعي خلال الأسبوع الحالي.
وفي حين لم يتفاعل أردوغان بعد مع التظاهرات، دعا حليفه دولت بهجلي، الذي يرأس حزب “الحركة القومية” الأربعاء إلى “سحق” المتظاهرين، الذين اعتبر أنهم جزء من “مؤامرة تهدف إلى إثارة انتفاضة”!، حسب زعمه.
وكانت جامعة البسفور هدفاً لنظام أردوغان عدة مرات في الأعوام الأخيرة، وهي تعد تقليدياً معقلاً للطلبة اليساريين.
وأوقف عدد من طلبتها عام 2018 إثر تظاهرهم ضد العدوان العسكري التركي على سورية، وقد وصفهم أردوغان بأنهم “خونة” و”إرهابيون”.
وتُعرف جامعة البسفور بأنها معقل للتقاليد العلمانية لتركيا، والتي نادى بها مؤسس الدولة مصطفى كمال أتاتورك، وتطل مبانيها الرئيسية على ممر البسفور المائي على الجانب الأوروبي من اسطنبول، وهي أكبر مدينة في تركيا.
كما عارضت الأحزاب السياسية المعارضة تعيين بولو. وقال كمال كيليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، ثاني أكبر حزب في البرلمان بعد حزب العدالة والتنمية: إن تعيين رئيس الجامعة الموالي للحكومة قوّض الاستقلال الأكاديمي للجامعة، فيما قال علي باباجان، رئيس حزب “ديفا” “يجب أن تكون الجامعات مستقلة. يحتاج بلدنا إلى أكاديميين وعلماء أحرار وطلاب منتجين. لا يمكن تحقيق هذه الحرية والإنتاجية من خلال تعيين أعضاء من الحزب الحاكم”.