في محراب الشهادة والشهداء
سلوى عباس
قبل عام من الآن استفاق العالم على خبر استشهاد القائد القومي قاسم سليماني الذي كان رمزاً للبطولة والإقدام في كل المعارك التي خاضها من أجل رسالة المقاومة التي آمن بها، واليوم تهل الذكرى معطرة بعبق الشهادة عبر الحفل التأبيني الذي أقامته سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدمشق تحت عنوان “الاحتفاء بشهداء المقاومة” في دار الأسد للثقافة والفنون إحياء للذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الفريق قاسم سليماني ورفاقه، والذي أعده وأشرف عليه رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب د. محمد الحوراني، وتضمن عرض فيلم وثائقي استعرض مقتطفات من حياة الشهيد الإنسانية والوطنية، ويروي بعضاً من بطولاته وبطولات رفاق دربه التي ستبقى منارة يهتدي بها أحرار المقاومة، وهذا ماوثقته أيضاً شهادات كل من عمل معه من عسكريين ومراسلين حربيين، وقدم شباب يمثلون استمراراً لنهج المقاومة عرضاً بانورامياً عبر قصيدتين تتحدثان عن خصال الشهيد سليماني ومآثره بمرافقة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو نزيه أسعد التي عزفت عدداً من المقطوعات الموسيقية التي تعبر عن المناسبة. وفقرة خاصة للشهيد سليماني يتحدث فيها عن قيم الشهادة وانتصار الحق في مواجهة الباطل، وما يعيشه من رغد الحياة في فردوس الخالدين.
وتم التعريف بالكتب الثلاثة المطبوعة من قبل اتحاد الكتاب العرب لهذه المناسبة وفاء لدماء شهدائنا الأبرار، ولدم القائد الشهيد سليماني ورفاق دربه ومسيرتهم في المقاومة وهي: “سليماني ملحمة أمة” الذي تضمن دراسات تحليلية تناولت الجانب التأريخي والتوثيقي للأحداث التي عاشها القائد سليماني، وكيف عالجها وتعامل معها وأثّر بها، بل وعطف مجراها لصالح محور المقاومة، أنجزته مجموعة من الباحثين من اختصاصات وأعمار مختلفة على امتداد الجغرافية السورية، ليكون هذا الكتاب مصدراً مهماً ورسالة للأجيال القادمة. أما كتاب “الملحمة السليمانية” فتضمن القصة والشعر والمسرح وأدب الأطفال، وقد عكست النصوص من مختلف الفنون صورة القائد الشهيد على الأدب المقاوم من جوانب مختلفة وتحدثت عن مكانة الشهيد سليماني في وعي الشعب السوري، ووقوفه إلى جانب الجيش العربي السوري في معظم معاركه، وكان المشاركون فيه من مختلف الأعمار أيضاً، وهو في تحية إلى روح الشهيد قاسم سليماني، بما يحمله الأدب من رسالة إنسانية وجدانية. والكتاب الثالث “الجنرال قاسم سليماني والصراع في الشرق الأوسط” للكاتب زبير سلطان قدوري تضمن استعراضاً للأحداث في المنطقة والعالم على الصعد كافة.
و”في محراب الشهادة والشهداء” تم تكريم عدد من أسر الشهداء من كل المحافظات السورية ممثلين بياسمينات الأمل أمهات الشهداء اللواتي اختصرن أبجديات اللغات بتعاليهن على جراحهن، متجاوزات حزنهن ليهدهدن بين راحتيهن أرواح أيتام عبثت بقلوبهم الحرب، وليبقين حاملات لأحلامهم، هؤلاء الأمهات اللواتي يمثلن مدرسة من تضحية وكبرياء في إعداد أبطال شكلوا طوقاً من ياسمين زيّن جيد الوطن، وكانت دماؤهم عبقاً يحمل نسائم العزة والفخار، ورسموا باستشهادهم عزة أمتهم ووطنهم وكل من ينتمي إليهم ويسير على دربهم. واستعرض معرض الصور الفوتوغرافية “حكاية مجد” الذي رافق الحفل مقتطفات من حياة الشهيد القائد سليماني.
يقام هذا الحفل التأبيني والموكب مازال طويلاً جداً، وقافلة الشهداء ينضم إليها كل يوم علم جديد.. مئات الشهداء ومن كل الأعمار يرتقون كل يوم وهم يرفعون الرايات المعطرة بدمائهم الزكية الطاهرة، ليرسموا معالم وطن أدركوا بيقين الحقيقة التي اصطفاهم الله لأجلها كم يستحق من تضحيات وعطاءات، فما أروع ارتقاؤكم رياحيننا الطاهرة وأنتم تسيرون في زفاف يرسم معالم النصر الأكيد ليزهر ربيع أيامنا المشرق ببريق نظراتكم الأخيرة على وطن خُلدت أسماؤكم نجوماً في علياء مجده.. أنتم ستبقون أنشودة الخلود، بدمائكم الزكية وأياديكم الفتية صُنعت الحضارة، وبمجدكم رفعتم لواء الأمة، فكانت قوتكم أمام ضعف الأعداء وشجاعتكم أمام جبنهم.