تفاقم الخلافات بين الجمهوريين.. والديمقراطيون يحشدون لمساءلة ترامب
يسعى الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب لدرء حملة جديدة لمساءلته بتهمة التمرد، في وقت حذّر فيه البيت الأبيض من أن اتخاذ تلك الخطوة ستؤدي إلى انقسام الأميركيين، فيما بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي “اف بي آي” ومؤسسات أمريكية متعددة محاسبة أنصار ترامب المشاركين في اقتحام مبنى الكونغرس مؤخراً، عبر إلقاء القبض على بعضهم وفصل آخرين من وظائفهم.
مساءلة ترامب
وفيما تزايدت المطالبات الشعبية بمحاسبة المسؤولين عن اقتحام الكابيتول، قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إن ترامب ما لم يقدم استقالته، فإنها قد أصدرت تعليماتها إلى لجنة القواعد بمجلس النواب للمضي قدما في اقتراح المساءلة وسن تشريع استنادا إلى التعديل الخامس والعشرين للدستور الأميركي الذي ينص على إقالة الرئيس إذا كان غير قادر على أداء مهامه.
ويأمل الديمقراطيون، الذين قالوا إن المساءلة قد تطرح في مجلس النواب هذا الأسبوع، أن تؤدي التهديدات بالمساءلة لتكثيف الضغوط على نائب الرئيس مايك بنس والحكومة لتفعيل التعديل الخامس والعشرين للإطاحة بترامب قبل انتهاء ولايته بعد أقل من أسبوعين.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاد ديري يوم الجمعة إن مساءلة ترامب مع بقاء 12 يوما فقط على انتهاء ولايته لن تؤدي إلا إلى زيادة حدة الانقسام في البلاد.
وكشف استطلاع لرويترز إبسوس أن 57 بالمئة من الأميركيين يرغبون في عزل ترامب على الفور. وقال 70 بالمئة ممن شاركوا في الاستطلاع إنهم لا يتفقون مع تصرفات ترامب في الفترة التي سبقت اقتحام الكونغرس يوم الأربعاء.
وأدى دور ترامب في التشجيع على فوضى إلى خلاف متصاعد داخل الحزب الجمهوري. وقال السناتور الجمهوري بن ساس عن ولاية نبراسكا، وهو منتقد دائم لترامب، إنه “سيدرس بالتأكيد” المساءلة لأن الرئيس “لم يحترم القسم الذي أداه”.
ترامب متهم بتقسيم الأميركيين
وقالت السناتور الجمهورية ليزا موركوفسكي الجمعة إن على ترامب الاستقالة على الفور وإن الحزب إن لم يستطع النأي بنفسه عنه، فأنها ليست متأكدة من مستقبلها معه، وأضافت موركوفسكي وهي عضو في مجلس الشيوخ عن ولاية ألاسكاك “أريده أن يستقيل. أريده خارج المنصب. لقد تسبب فيما يكفي من الضرر”.
لكن من غير الواضح إن كان النواب سيتمكنون حقا من تنحية ترامب من منصبه إذ أن أي مساءلة ستستدعي محاكمة في مجلس الشيوخ الذي لا يزال الجمهوريون حتى الآن يهيمنون عليه.
وصاغ المواد التي تشكل مجموعة من الاتهامات الرسمية بسوء الإدارة نواب ديمقراطيون هم ديفيد تشيتشيلن وتيد ليو وجايمي راسكين.
واتهمت نسخة من تلك المواد وزعت على الأعضاء في الكونغرس ترامب “بالتحريض على العنف ضد حكومة الولايات المتحدة” في محاولة لإبطال هزيمته أمام بايدن في انتخابات الرئاسة 2020. ونصت المواد، وفق رويتر، على أن “الرئيس تورط في جرائم كبرى بالتحريض على تمرد”.
كما نصت على ان ترامب “هدد سلامة النظام الديمقراطي، وتدخل في انتقال سلمي للسلطة، وعرض قطاعا من الحكومة للخطر، وخان الأمانة بصفته رئيسا”.
كما استندت المواد على مكالمة دامت نحو ساعة أجراها ترامب الأسبوع الماضي مع سكرتير ولاية جورجيا الجمهوري براد رافينسبرجر التي طلب منه فيها “إيجاد” أصوات كافية لإبطال فوز بايدن في الولاية.
وقال أستاذ القانون بريان كالت على تويتر إن دعوة بيلوسي لتشريع يستند إلى التعديل الخامس والعشرين من غير المرجح أن تحدث قبل نهاية رئاسة ترامب.
وإذا تم تفعيل التعديل الخامس والعشرين فسيكون على بنس وأغلبية حكومة ترامب إعلان أن ترامب غير قادر على أداء مهام الرئاسة. وقال أحد المستشارين إن بنس يعارض الفكرة.
وأرسل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ السناتور الجمهوري ميتش ماكونيل مذكرة إلى أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ توضح بالتفصيل الجدول الزمني المحتمل للمساءلة. وأشار مصدر مطلع على الوثيقة إلى أن مجلس الشيوخ سيعقد جلسة عمله المقبلة في 19 كانون الثاني ويحتاج إلى موافقة جميع الأعضاء المئة للانعقاد في وقت أقرب.
انشقاقات جمهورية عن ترامب
ويحقق مكتب التحقيقات الاتحادي وممثلو الادعاء مع أشخاص شاركوا في أعمال العنف في مبنى الكابيتول ويوجهون لهم اتهامات جنائية.
وقال عدد قليل من الجمهوريين، بمن فيهم حاكم ولاية ماريلاند لاري هوجان وحاكم ولاية ماساتشوستس تشارلي بيكر وعضو مجلس النواب آدم كينزينجر، إن على ترامب ترك منصبه على الفور.
واستقال كثيرون من كبار المسؤولين في إدارة ترامب، بمن فيهم إيلين تشاو وزيرة النقل وزوجة ماكونيل وبيتسي ديفوس وزيرة التعليم.
لكن حلفاء ترامب، ومن بينهم السناتور لينزي جراهام وزعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفن مكارثي، حثوا الديمقراطيين على التخلي عن المساءلة لتجنب إثارة المزيد من الانقسامات.
وافاد غراهام، أن عزل ترمب في مثل هذه الظروف سيؤدي إلى مزيد من الانقسام، كما سيضعف مؤسسة الرئاسة نفسها.
وأضاف في تغريدة على حسابه على تويتر، اليوم السبت “آمل أن يكون للرئيس المنتخب جو بايدن نفس الآراء، وأن يتحدث علانية حتى نتمكن من المضي في انتقال منظم للسلطة”.
وقال ترامب إنه لن يحضر حفل تنصيب بايدن في مخالفة لتقليد متبع منذ زمن يشهد مرافقة الرئيس لمن سيخلفه.
وقال آلان ديرشوفيتز، الذي شارك في تمثيل ترامب خلال مساءلته العام الماضي، إنه سيتشرف بالوقوف إلى جانب الرئيس مرة أخرى إذا طُلب منه ذلك. وقال إنه لا يعتقد أن ترامب ارتكب جريمة تستوجب مساءلته وإن حديثه لأنصاره لم يكن تحريضا.
وأضاف ديرشوفيتز، وهو أستاذ فخري بكلية الحقوق بجامعة هارفارد، “مساءلة هذا الرئيس بسبب إلقاء خطاب من شأنه أن يلحق ضررا بالدستور أكثر مما فعله مثيرو الشغب يوم الأربعاء الماضي”.
وقال بايدن للصحفيين إنه يعتقد أن ترامب لا يصلح لتولي السلطة لكن أمر مساءلته متروك للكونغرس لاتخاذ قرار بشأنه.
تويتر تحذف حساب ترامب نهائياً
وقد حذفت شركة تويتر حساب ترامب نهائياً بسبب احتمال قيامه بالتحريض على مزيد من أعمال العنف.
وتعرضت تويتر لضغوط متزايدة لاتخاذ إجراءات، بعد الفوضى التي وقعت يوم الأربعاء في واشنطن. وطالما كان موقع تويتر الوسيلة المفضلة لترامب للتواصل مع أنصاره وسبيله لنشر مزاعمه الكاذبة حول تزوير الانتخابات مع نحو 90 مليون متابع.
وحرّض ترامب آلافا من أنصاره يوم الأربعاء على الزحف إلى مبنى الكونغرس مما أدى إلى فوضى شهدت اقتحام حشود للمبنى وهرولة النواب إلى الاختباء ومقتل شرطي وأربعة آخرين.
وقالت شركة تويتر “بعد المراجعة الدقيقة للتغريدات الأخيرة لحساب دونالد ترامب والظروف المحيطة بها، أوقفنا الحساب نهائياً بسبب خطر حدوث مزيد من التحريض على العنف”، وأضافت أن خططا للاحتجاجات المسلحة المستقبلية تنتشر على تويتر وعلى غيره، بما في ذلك هجوم آخر مقترح على الكابيتول في 17 كانون الثاني.
واستخدم ترامب حسابه الرسمي فيما بعد يوم الجمعة لينشر تغريدتين قال فيهما: “لن يتم إسكاتنا” و”تويتر غير معني بحرية التعبير”. وقال إنه يبحث بناء منصته الخاصة للتواصل الاجتماعي.
وسرعان ما حذفت تويتر التغريدتين في ما انتقد ترامب تلك الخطوة بشدة.
وكان استخدام ترامب المنتظم لتويتر جزءا أساسيا من حملته عندما هزم الديمقراطية هيلاري كلينتون للفوز بالرئاسة في عام 2016. ومنذ ذلك الحين، استخدمه لإشعال حماس قاعدته السياسية بهجمات على الديمقراطيين وأي جمهوريين يعارضونه.