معرض توثيقي في ذكرى استشهاد الفريق قاسم سليماني
“فقط لأجل الله” عنوان المعرض التوثيقي الذي أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لاستشهاد الفريق قاسم سليماني في المركز الثقافي- أبو رمانة- بالتعاون بين وزارة الثقافة- مديرية ثقافة دمشق- والمستشارية الثقافية الإيرانية، ومركز الفكر والفن الإسلامي.
بدا المعرض أشبه برواية بصرية متتالية الفصول ليوميات من سيرته الذاتية طالت مراحل عمله النضالي والبطولي منذ شبابه حتى استشهاده، ومواقف إنسانية عاشها، وسلوكيات لم يعرفها كثيرون عبّرت عن المشاعر الوجدانية الرقيقة التي كان يكنّها للآخرين، وعن قيمه النبيلة التي يتمثّلها، بالاعتماد على الملصقات التي ذيّلت بهوامش كتابية تشرح الصورة، فدمجت اللوحات بين الصورة البصرية والسرد، وهي رسومات مسحوبة عن اللوحات الأصلية التي نفذت بقلم التحبير، ثم لوّن فوقها بالألوان المائية بانطباعات أقرب إلى الواقعية. وعكس اللون الترابي بتدرجاته الذي هيمن على اللوحات، البيئة الحربية والنفسية التي عاشها الشهيد مع عناصره.
الغزلان والثلوج
وقد شد انتباه الزائرين أحد الملصقات الذي يظهر فيه سليماني يتحدث بالهاتف برفقة أحد عناصره أمام سيارته، ولم يتوقع أحد أنه- كما كتب- يطمئن عن الغزلان أثناء هطل الثلج رغم شدة وطأة المعارك “كان صوت الرصاص يعلو من سماعة الهاتف، فقال: سمعت بأن الثلوج تهطل في طهران بغزارة، والغزلان في هذه الأيام تنزل من الجبال بحثاً عن الطعام، أحضروا كمية من العلف وضعوها على أطراف المقر كي لا يهلكوا من الجوع، ثم عاود الاتصال من بعد ظهر اليوم نفسه ليتأكد من تنفيذ الأمر، فأخبره أن الأمر قد تم”، ما استدعى استغراب مرافقه، “ولكن لماذا تتابعون طعام الغزلان وسط المعارك مع داعش؟ فأجاب: أنا أؤمن بشدة بدعائهم الصالح”.
ويبدو حرصه على الأمانات الشخصية بموقفه في إحدى المعارك، “إذ انتقلت المعارك إلى المدينة، وانتقل البعض مرغمين إلى منازل الناس، فوقف في القوات مخاطباً: إذا حدث هجوم على مدينتكم، هل تقبلون بأن يتم الدخول إلى بيوتكم؟ يجب أن تنتبهوا جيداً لحق الناس”. وكان سليماني يأبى أن يتناول الطعام دون مشاركة عناصره، وحادثة السيول إحدى الدلائل على ذلك، جاء برفقة “أبو مهدي المهندس” وشباب الحشد الشعبي إلى منطقة شادكان لمساعدة المنكوبين بالسيول، وضعوا له “سفرة”، فصار ينادي القوات والمرافقين فرداً فرداً بأسمائهم ويطعمهم بيده كما الأم”.
حلم لم يتحقق
كما حفل المعرض بمواقفه البطولية والسياسية وشجاعته بالمعارك وقدرته بالتأثير وبث روح الحماسة بين صفوف المقاتلين، وبقي حلم سليماني الذي أحس بأوجاع الناس وعاش تطلعاتهم أن يعود إلى قريته ويزرع ليحصد الآخرون، لكن يد الغدر والإرهاب قضت على حلمه وأصبح شهيداً في جنان الخلد، “ذهبنا معاً إلى مسقط رأسه وقال: إذا سمح لي القائد يوماً بأن أتنحى عن عملي سأعود حتماً إلى القرية وأنشغل بعمل والدي من جديد، كان أبي فلاحاً، هو من زرع كل هذه الشجيرات بيديه، كم أود أن أعود وأوفر لشباب القرية شغلاً منتجاً من هذه الصحراء التي لا يقدرها أحد”.
ملده شويكاني