عام التفاؤل!
خيارُ التفاؤل في هذه المرحلة الصعبة يشكّل الممر الوحيد إلى برّ الأمان، بكل ماتعنيه هذه العبارة من معنى، ولكن هذا التفاؤل يجب أن يترافق بعددٍ من المؤشرات والأرقام، إضافة إلى بعض القرارات التي تصبّ في خانة الإنتاجية، مع الانتباه الشديد إلى أن تعدّد الأرقام لا يؤشر إلى حالة إنتاجية سليمة، أو إلى أداء تفاعلي حقيقي مع المستجدات دون النظر إلى الحصيلة الاستثمارية والإنتاجية التي يمكن من خلالها فقط تجسيد مفاهيم الإنتاجية. وهنا لابد من وقفة مطوّلة مع المراحل والإجراءات التي تمّت إلى الآن لترجمتها إلى حقائق مجسّدة على أرض الواقع في جميع القطاعات، وذلك لناحية زيادة الإنتاج وخفض التكاليف وخفض أسعار المنتجات، وانعكاس ذلك كلّه على الدخل الوطني والمقدرة الشرائية والدورة الاقتصادية بحلقاتها المختلفة “المنتج والعامل والمستهلك”. ولاشك أن مفهوم زيادة الإنتاجية لا يقتصر على مجرد الإنتاج وتنمية الثروة الوطنية، وإنما يتسع المفهوم حتى يشمل أموراً كثيرة مثل زيادة الطاقة الإنتاجية، ورفع مستوى المعيشة، وتنشيط كافة مجالات التطوير والإبداع، والنهوض بالمجتمع في شتى النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تقود في النهاية إلى الواقعية الرقمية التي وللأسف مازالت مفقودة أو ضائعة في ركام التكرار!.
وما يجب الاعتراف أو الانتباه له بالاستناد إلى المعطيات والأرقام، أن الحديث عن الإنتاجية يتخذ شكلاً من أشكال السخرية في الأوساط الاقتصادية والشعبية، خاصة وأن المعادلات الحسابية أو نتائج العائدية الربحية تبقى “بلا” انعكاسات فعلية على حياة المواطن، أي أنها معادلات مستحيلة الحل!. فمثلاً يسمع المواطن عن أرقام كبيرة فيما يخصّ حوامل الطاقة من محروقات وغيرها، ولكن دون أن يلمس نتائجها على أرض الواقع، والحالة ذاتها في الكهرباء، وكذلك في الشركات الصناعية مثل شركة الكابلات التي يغيب إنتاجها عن الأسواق، في الوقت الذي تحتل به موقع الصدارة في الشركات الإنتاجية، وطبعاً الأمثلة كثيرة في القطاع العام الصناعي الذي يتعرّض لحالة من التنمّر المالي وبشكل دائم. فهل هذه النتيجة صحيحة أم أن الواقع يقول عكس ذلك؟.. وهل حقاً ما يطبق لدينا في هذا الاتجاه هو إنتاجية حقيقية، أم أنه شبيه بالإنتاجية كما يتراءى للذين يروّجون لتكهناتهم الشخصية، خاصة وأن “التكهن” حالة تنتاب البعض تحت تسمية الحاسة السادسة والتي تمنحهم قدرات خارقة لقراءة مسارات العديد من الأحداث ومعرفة نهاياتها التي تندرج تحت مسمّى علم الغيب والتنجيم الذي بات واقعاً في المؤسّسات والشركات، فليس هناك نظريات علمية تطبق بل مجرد توقعات إنتاجية غير حقيقية!.
وما يؤلمُ أن تتعثّر حياة المواطن بالكثير من المنغصات والتحديات في بداية عامه الجديد الذي ترقب ولادته من بوابات التفاؤل والانفراجات، وللأسف يبدو أنه سيبقى الرقم الخاسر في السياسات الاقتصادية الإنتاجية التي وُضعت على أسس فلكية من دون أية بيانات رقمية أو وفق خارطة جزيرة الكنز التي لا يفهم مؤشراتها ودلالاتها الاقتصادية والمعيشية إلا……..؟!!.
بشير فرزان