“إسرائيل” والحرب السيبرانية ضد إيران
ترجمة وإعداد: سمر سامي السمارة
كشفت وسائل إعلام صهيونية تعرّض الكيان مؤخراً لهجوم إلكتروني أثّر على 80 شركة على الأقل، وبحسب زعمهم أن هذا الاختراق جاء من مجموعة من القراصنة الإيرانيين تُدعى “Pay2Key”، وقالت صحيفة “يديعوت احرنوت”: إن هذه المجموعة من القراصنة نشرت وثائق تتعلّق ببعض أبرز الشركات الإسرائيلية، وذلك من خلال اختراق شبكة شركة أمنية تُسمّى Portnox، واستولت على ما يقرب من 1 تيرابايت من البيانات التي تضمّنت على وجه التحديد مجموعة بيانات متعلقة بمقاول الدفاع الإسرائيلي Elbit. وبحسب خبراء إسرائيليين، لم يستخدم المتسلّلون برامج الفدية التقليدية التي تتطلّب مئات الآلاف -أو حتى ملايين- من الدولارات، فالمتسلّلون هذه المرة يريدون مبالغ مالية صغيرة نسبياً، الأمر الذي يُظهر أن الهدف الرئيسي لهذه الهجمات الإلكترونية ليس مادياً.
في السنوات الأخيرة، ارتفعت حدّة الحرب السيبرانية بين إيران والكيان الإسرائيلي، وخاصة بعد أن قام الفيروس الأخطر في العالم “ستوكس نت” بتعطيل أكثر من 1000 وحدة طرد مركزي في المنشآت النووية الإيرانية في عام 2010. في ذلك الوقت، استخدمت “إسرائيل” والولايات المتحدة أول سلاح إلكتروني في العالم، ما أظهر للعالم بأسره وجود ميدان جديد للحروب. أثبت “ستوكس نت” من الناحية العملية أن الفضاء الإلكتروني ليس مجالاً لإجراء حملات إعلامية وعمليات استخباراتية فحسب، بل أيضاً عمليات عسكرية تتسبّب بأضرار مادية ملموسة لأي عدو افتراضي.
في عام 2015، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، نقلاً عن معلومات من كبار المسؤولين الأمريكيين، أن “إسرائيل” كانت تتنصت على المفاوضات النووية الجارية بين إيران والولايات المتحدة في محاولة لعرقلة شروط الاتفاق النووي. وذكرت الصحيفة أن “إسرائيل” تلقت معلومات من المشاركين في إحاطات سرية أمريكية، ومن مخبرين ومن خلال اتصالات دبلوماسية في أوروبا. بعد ذلك، اخترق أحد المتسلّلين الذين يُزعم أنهم من المؤيدين للفلسطينيين، موقع الكنيست، وترك عليه نقش “فلسطين حرة”.
خلال السنوات العشر الماضية، شنّ الكيان الإسرائيلي عدداً كبيراً من الهجمات الإلكترونية على صناعة الدفاع الإيرانية ومنشآتها النووية، ومؤسساتها التجارية الرائدة، ونظامها المالي. وفي شهر أيار عام 2020 قام الكيان الصهيوني بشنّ هجوم إلكتروني كبير على ميناء بندر عباس في إيران بحجة أن إيران كانت تستخدم الميناء لأغراض عسكرية، وقد تسبّب الهجوم في إسقاط أنظمة الكمبيوتر التي تتعقب حركة مرور السفن والشاحنات في ميناء يقع في منطقة إستراتيجية بمضيق هرمز في الخليج العربي.
منذ مدة طويلة، وأنشطة “إسرائيل” في الحروب الإلكترونية ليست خافية على أحد، فطالما كان لديها وحدات عمليات خاصة متورطة في الهجمات الإلكترونية، ومن أشهر هذه الوحدات وحدة التجسّس رقم 8200 التابعة للاستخبارات الإسرائيلية والتي تشبه وكالة الأمن القومي الأمريكية، والمعروفة أيضاً باسم “الأذن العالمية”. تضطلع الوحدة 8200 بمهمة اعتراض المعلومات الاستخباراتية وفك تشفير المعلومات والتنصّت على الدول التي تعتبرها عدوة، كما أنها تنظم الهجمات السيبرانية.
يخترق الكيان الإسرائيلي باستمرار وبلا هوادة الفضاء الإلكتروني، ويجمع المعلومات الاستخباراتية. إضافة إلى ذلك، يتمّ استخدام الفضاء الإلكتروني عند الضرورة لتنفيذ الضربات والقيام بعمليات الاستطلاع. وتشمل أهداف الحرب الإلكترونية عرقلة وإحباط أي محاولة لتقييد الحرية التشغيلية لقوات الاحتلال الإسرائيلي. هذه السطور مأخوذة من الموقع الرسمي لوزارة الحرب الإسرائيلية، وهي تُظهر بوضوح موقفه تجاه الحرب الإلكترونية.
في بداية عام 2020، ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست”، نقلاً عن ضابط رفيع المستوى أن الاحتلال حبدأ بزيادة عدد قوات الحرب الإلكترونية الخاصة به، والمكلفة بشكل أساسي بشنّ هجمات إلكترونية ضد إيران. ولهذه الأغراض، تمّ تجنيد ما يقرب من 300 شاب متخصّص في الكمبيوتر يمتلكون مهارات قرصنة، على الرغم من أن العديد منهم لم يتخرجوا بعد، أو حتى لم يكملوا تعليمهم في المدرسة الثانوية. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن قرار هذا التجنيد هو جزءٌ من خطة جديدة متعدّدة السنوات، إذ يتعيّن على قوات الاحتلا الإسرائيلي أن توسّع قدراته في الحرب الإلكترونية.
في السنوات الأخيرة، استثمر الكيان الكثير في “رقمنة” قواته، وأنشأ برنامجاً يُسمّى “تساياد” الذي يسمح للوحدات بتبادل المعلومات السيبرانية حول أماكن وجود كل الوحدات الصديقة والمعادية.