الرقم أساس إدارة الأزمات..!
حسن النابلسي
أثار رقم الـ”٢٠٠٠” مليار ليرة “حجم التهرّب الضريبي”، الذي قدّره بعض الباحثين، جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والإعلامية، فمنهم من حمّل وزارة المالية المسؤولية كاملةً.. ومنهم من وجد أن هذا الرقم مبالغ فيه، وقدّم أدلته على ذلك..!.
فبالنسبة للرأي الأول اعتبر مناصروه ممّن حمّلوا الوزارة المسؤولية أن مرد تقصير الأخيرة في هذا الشأن هو من أوصل الرقم إلى هذا الحد، وسبب ذلك يعود إلى تواطؤ وفساد بعض كوادرها المعنيين بالاستعلام والتحصيل الضريبي، مع بعض المكلفين، وبالتالي لابد من إعادة هيكلة المعنيين بالشأن الضريبي جملةً وتفصيلاً للحفاظ على الموارد الضريبية المفترض أن تنعكس بالنهاية على الخدمات المقدمة للمواطن..!.
أما الرأي الآخر الذي دحض هذا الرقم فقد بيّن أصحابه، أنه في حال كان التهرّب الضريبي 2000 مليار، فهذا يعني أن قيمة أرباح أعمال المتهربين ضريبياً تبلغ 8000 مليار، وذلك بفرض أن الربح على هذه الأعمال يبلغ وسطياً 20%، وهذا يعني بالمحصلة أن لدينا إنتاجاً وخدمات غير خاضعة للضريبية بقيمة 40 ألف مليار ليرة سورية، أي بمعدل 13 مليار دولار سنوياً، وذلك حسبما وردنا من أحد المهتمين بالشأن المالي رداً على المقال المنشور في هذه الزاوية الأسبوع الماضي بعنوان “أين المالية من هذا الرقم”..!.
أياً يكن الحال، وبعيداً عن الخوض في تمحيص وسبر صحة ودقة ما أوردناه من آراء حول هذا الموضوع.. تبرز لدينا إشكالية “الرقم” مرة أخرى ليس فيما يتعلق بالشأن الضريبي فحسب، بل بكل القطاعات الاقتصادية والخدمية والمعيشية وغيرها.. إشكالية لها أوجه وزوايا متعددة سواء لجهة الإفصاح الدقيق عنه، أم لجهة إحصائه بدقة كي يكون بمنزلة بوصلة توجّه العمل الحكومي وتصوّب مساراته، أم لجهة قطع الطريق على عدد من الجهات والمنظمات الدولية التي تصطاد بالماء العكر وتصدر أرقاماً وإحصاءات عن الاقتصاد السوري لا تخرج عن نطاق التسييس لاعتبارات خاصة مشبوهة..!.
نخلص مما سبق إلى أن إدارة الأزمات أيها السادة تحتاج إلى لغة الأرقام وليس إلى لغة التصريحات، فعندما نجيد إصدار رقم دقيق ومعتمد، نستطيع عندها حُسن إدارة أي أزمة مهما كانت شائكة، إذ إن الرؤية لدى صاحب القرار تكون أكثر وضوحاً في كل الاتجاهات، وبناء عليه -أي “الرقم”- يستطيع موازنة الأمور ووضعها في نصابها وخاصة فيما يتعلق بميزان الموارد والإمكانات..!.
hasanla@yahoo.com