وصفة حكومية لتخفيض الأسعار
لم تُقصّر الحكومة السابقة في إطلاق الوعود لتخفيض الأسعار، بل إنها أطلقت في الشهر الرابع من العام الماضي وصفة للحدّ من ارتفاع الأسعار، إن لم يكن بهدف تخفيضها فعلى الأقل لتثبيتها عند حدّ يحول دون تآكل القدرة الشرائية لملايين الأسر السورية، أكثر فـ… أكثر!.
ولو عدنا إلى تفاصيل وصفة الحكومة السابقة لتخفيض الأسعار، لاكتشفنا أنها بمثابة اعتراف خطيّ بتقصيرها خلال السنوات الماضية عن تنفيذ خطوات تؤدي إلى تخفيض الأسعار بالأفعال وليس بالأقوال.
أول بند في وصفة الحكومة السابقة كان تأمين كل المنتجات الغذائية التي تقوم شركاتها العامة بتصنيعها للمواطنين بسعر مناسب عبر صالات التدخل الإيجابي، وكما نلاحظ فإن من السهل جداً تحقيق هذا البند فوراً بما يساهم في تخفيض الأسعار وليس فقط الحدّ من ارتفاعها.
لكن.. هذا البند من الوصفة لم يُطبق حتى الآن، بل إن الحكومة رفعت سعر العديد من منتجاتها بذريعة ارتفاع التكلفة نتيجة لتغير سعر الصرف. وهذا يعني أن الحكومة السابقة لم تلتزم بوصفتها بل شرعنت رفع الأسعار بما يفوق القدرة الشرائية للمواطن!.
البند الثاني في وصفة الحكومة السابقة كان مهماً جداً وهو تفعيل برنامج إحلال المستوردات، وهو اعتراف بالتقصير لأن كلمة “تفعيل” تعني أن البرنامج كان مجمداً بقرار حكومي. وينصّ البند الثاني على الانتقال من عملية الاستيراد إلى عملية الإنتاج المحلي لكل المواد الممكن توطين صناعتها محلياً، واعتبرنا اتخاذ قرار بتفعيل برنامج إحلال المستوردات حينها جريئاً جداً، لأنه يعني التصدي لكبار المستوردين أعداء التصنيع المحلي.
لكن.. هذا البند لم ينفذ، ولم تتخذ خطوات ولو خجولة لتنفيذه، بدليل تأكيدات الصناعيين بأنهم يعانون كثيراً، وبأن قرارات الحكومة السابقة كانت دائماً لمصلحة المستوردين وليس الصناعيين، وما زلنا نستورد منتجات بديلة للمحلي منها في عز مواسمها، بل ونستورد حتى بذار البطاطا!
البند الثالث في وصفة الحكومة السابقة لتخفيض الأسعار كان أيضاً مهماً جداً، وينصّ على تطبيق نظام الفوترة أي (تنظيم عملية البيع بالفاتورة لكل عمليات البيع، بدءاً من المستوردين والمنتجين والوكلاء وكبار تجار الجملة، وصولاً إلى تجار التجزئة). وقد فاجأتنا الحكومة وقتها بعزمها على تطبيق الفوترة، لأنها تخلّت عن الفكرة نهائياً منذ أعوام، لأن اتحاد غرف التجارة رفض الفوترة من أساسها، مؤكداً أنها صالحة للتطبيق في أي بلد في العالم باستثناء سورية.
ومن جديد، رضخت الحكومة السابقة للتّجار وتخلت عن الفوترة، ما أدى إلى ارتفاعات جنونية في الأسعار.
البند الرابع في وصفة الحكومة السابقة لتخفيض الأسعار كان (تفعيل آلية البيع من المنتج إلى المستهلك مباشرة، وتقليل حلقات الوساطة بين المنتجين والتّجار والمستهلكين، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على المواطن عبر تخفيض أسعار السلع).
ومع أن تنفيذ هذا البند ينعكس إيجاباً على المواطن عبر تخفيض الأسعار، فإنه لم ينفذ إلا على نطاق ضيّق جداً، ولا تزال أسواق الهال من جهة والمستوردون من جهة أخرى يتحكمون بالأسواق والأسعار.
بالمختصر المفيد: وصفة الحكومة السابقة لتخفيض الأسعار لا تزال صالحة في كل مكان وزمان، وهي فعلاً ستخفض الأسعار في حال “صرفها”، لكن السؤال: من يجرؤ على تنفيذها كحزمة متكاملة متحدياً كبار التّجار وحيتان المال والاستيراد؟.
علي عبود