رياضتنا تبحث عن الاحتراف الحقيقي.. وممارسات غائبة لتحقيقه في الألعاب الفردية!
لطالما كان موضوع الاحتراف مثار اهتمام الاتحادات الرياضية لما له من تأثير واضح على رفع سويتها، والعمل على تنفيذ الاحتراف الحقيقي وتطويره كان ولا يزال شغل الرياضيين الشاغل. لكن على ما يبدو أن القائمين على رياضتنا كانوا يسعون إلى تطبيق الاحتراف لفظاً لا فعلاً، ولاسيما أن واقع دورياتنا المحلية دون مستوى طموحات الجماهير، ولا يمكن مقارنتها من حيث الأداء والجودة ببعض الدوريات العربية على أقل تقدير، وواقع الاحتراف المتآكل تعكسه أرضية الميدان ومجريات اللعب والحالة التنظيمية للملاعب والمدرجات!.
إن السعي نحو تطبيق الاحتراف يحكمه العديد من الأمور التي لا تزال في مرحلة “عسر الولادة”، إذ أن القرارات العملية لتنفيذ الاحتراف غائبة تماماً في ممارسات المعنيين عن رياضتنا، مع ملاحظة عدم وجود مرونة قادرة على استيعاب كلّ الأفكار أو تعديل القوانين التي تشجّع على الاحتراف، والاكتفاء فقط بتغيير بعض المصطلحات والمفردات التي توحي بعملية التطوير، كما جرى حينما عُدّل اسم “الدوري السوري للمحترفين” إلى الدوري السوري الممتاز لكرة القدم، دون الأخذ بعين الحسبان خصوصية مفردة “ممتاز”، إذ أنه وعند الحديث عن دوري ممتاز لا بد ومن مبدأ أضعف الإيمان تجهيز ملاعب مناسبة وتحسين المدرجات، وتنظيم عملية دخول الجماهير عبر بوابات الملاعب، وإيجاد مراكز حضارية لبيع تذاكر المباراة، وتوفير إعلام رياضي قويّ ناقل لمباريات دورينا، وأن تتمتّع الأندية نفسها برؤية واضحة في عملية بيع وشراء اللاعبين.
وإذا كانت كرتا القدم والسلة تمتلك نوعاً من الاحتراف “البدائي”، فإن الألعاب الفردية تفتقر لمثل تطبيق تلك العقلية التي من شأنها تحسين وضعية الألعاب وحال اللاعب المحلي، على اعتبار أنها تضمن حقوقه على أقل تقدير وتكون بمثابة المشجّع له، حيث إن الاحتراف كمفهوم يشجّع على الغرض الربحي من الرياضة، وإشباع حاجات اللاعبين وإعطاء ممارستهم الرياضية طابع الحرفة القائمة بحدّ ذاتها.
رئيسُ اتحاد رفع الأثقال حسنين الشيخ تحدث لـ”البعث” عن أهمية الاحتراف وإلحاق لعبته به، معتبراً أن مبدأ الاحتراف عموماً سلاح ذو حدين، وعندما يطبق على رفع الأثقال فإنه سيشمل أصحاب الاستحقاقات والمتميزين في اللعبة دون عن غيرهم كعناصر المنتخب الوطني بفئة الناشئين، موضحاً أن اللاعب من المستوى العالي بقدر ما يكون له من إعانة مالية وحافز ليحافظ على أدائه بقدر ما تُهمل الفئات العمرية، لكنه وعموماً يتمنى تطبيق الاحتراف رغم السلبيات التي يحملها في ثناياه.
وعن الأسباب التي تعيق تطبيق الاحتراف على الألعاب الفردية، بيّن الشيخ أن كرة القدم تمتلك رعاية ومتبرعين للعبة، فرئيس النادي على سبيل المثال لا الحصر يدفع مليار ليرة دعماً لناديه، ناهيك عن وجود ميزانية لاتحاد كرة القدم تأتي عن طريق الاتحاد الآسيوي والاتحاد الدولي، أما لعبة رفع الأثقال فتفتقد لعقود الرعاية ولا يوجد فيها مثل هذه الأمور، مشيراً إلى ضرورة أن يقوم بعض الرعاة بدعم الأسماء البارزة في اللعبة بعيداً عن مكافآت المكتب التنفيذي.
بدوره تحدث رئيس اتحاد القوس والسهم زياد صبورة عن هذا الموضوع، مؤكداً أن الاحتراف مفهوم واسع جداً، ويمكن بلوغه بطول الممارسة والتدريب ووجود الظروف المناسبة، والكلمة لا تعني المردود فحسب، وإنما هي تطبيق قبل أن تكون دخلاً مادياً أو راتباً أو تعويضاً، وتسعى لعبته لأن تصل إلى الاحتراف بالأداء والسلوك في ظل الأجواء المهيأة للعبة معنوياً.
في النهاية، إن تنفيذ الاحتراف الحقيقي يسبقه الكثير من الخطوات والخطط العملية مع الرغبة الحقيقية في تنفيذها، الأمر الذي سيساهم في توفير دوريات تساعد اللاعبين على إخراج أفضل ما عندهم.
محمد ديب بظت