لأية منتجات تروّجون..؟
حسن النابلسي
تتسابق جهات عدة من القطاعين العام والخاص على “التغنّي” بتدخّلها الإيجابي بالأسواق، وهدفها –وفقاً لما تروّج- تخفيض الأسعار، أو كسر حدّتها نسبياً..!.
تتصدّر “السورية للتجارة” جهات القطاع العام في هذا الأمر عبر محاولاتها الخجولة تأمين الحد الأدنى من المواد والسلع الأساسية بأسعار أقل من أسعار السوق، ولاسيما بالنسبة للسكر والرز وأحياناً الزيت النباتي الذي وزّع بكميات محدودة بعد غياب لأشهر طويلة.. وتدّعي أن ما تعرضه من مواد وسلع أخرى أقل من أسعار السوق، في حين أن واقع الأمر لا ينمّ عن ذلك، وإذا كانت صالاتها زاخرة بمنتجات ذات سعر أقل، إلا أن نظيرتها في الأسواق ذات جودة أكبر..!.
وتتصدّر “غرفة صناعة دمشق وريفها” جهات القطاع الخاص، من خلال ما تقيمه من مهرجانات تسوّق على امتداد المحافظات السورية، أضحت أقرب ما تكون إلى استعراض إعلامي، ويؤكد القائمون على هذا المهرجان باستمرار أن “الهدف هو تخفيض الأسعار والترويج للمنتج المحلي”..!.
ثمة نقطتان تستوجبان التوقف عندهما أولاها مسألة الجودة المشار إليها آنفاً، فإذا كانت السورية للتجارة جادة بالتدخل الإيجابي، فعليها أن تكسر حدّة أسعار كل المنتجات، لا أن يقتصر بيعها على منتجات ذات ماركات تجارية من الصف الثاني إن صح التعبير، مستغلة تدني أسعارها بالأصل، وتستبعد نظيرتها من الصف الأول، في مشهد يوحي بمجانبتها للحقيقة، خاصة إذا ما علمنا أن السورية للتجارة مؤسسة ربحية بالمحصلة، وبالتالي فإن قيامها بتسويق منتجات غير رائجة في الأسواق بشكل كبير لا يعدّ إنجازاً، لأن هذه المنتجات حكماً سيسعى منتجوها إلى تسويقها بسعر أقل حتى لا تكسد لديهم، وبذلك تستطيع السورية للتجارة الحصول عليها بأسعار تفضيلية إنقاذاً لهؤلاء المنتجين، مقابل هامش ربح ربما يكون أكبر من منتجات السوق الرائجة، والأمثلة على ذلك واضحة على رفوف المؤسسة.. مع الإشارة هنا إلى أن تدني مستوى الجودة لا يعني أن المنتج غير صالح للاستخدام البشري..!.
أما النقطة الثانية التي يتغنى بها مهرجان التسوّق ومنظموه والمتمثل بالترويج للمنتج المحلي فنتساءل: هل يعقل أنكم تروّجون لمنتجات “الشيبس” وأخواته -وفقاً لما ذكرته بعض التقارير الإعلامية-.. أهذه هي صناعاتكم..؟.. أين المواد الأساسية اللازمة للحدّ الأدنى من المعيشة..؟.. لماذا لم تروّجوا لها بأسعار تنافسية إن كانت نياتكم بالفعل تصبّ باتجاه التدخل الإيجابي..؟.
يبدو أنه لا يشعر بالألم إلا صاحبه، وأثبتت التجارب أن كل من يدّعي العمل لمصلحة المواطن لا يبغي من عمله هذا إلا تسويق ذاته.. ألهذه الدرجة وصلت المتاجرة براحة من يستجدي الراحة تحت ما يعانيه من ضغوط حياتية ومعيشية لم يعُد بالإمكان تحمّل حدّها الأدنى..؟.
hasanla@yahoo.com