قراءة في كتاب حسين راغب “الإرهاب… جريمة العصر الكبرى”
الدراسات
صدر عن دار الشعب لنشر العلوم الإنسانية كتاب “الإرهاب… جريمة العصر الكبرى” للكاتب حسين راغب. ويقع في ستة فصول من القطع الوسط، ويتناول سبب الاهتمام بظاهرة الإرهاب، والاستراتيجية اللازمة لمكافحة هذه الظاهرة.
يرى الكاتب أن هذه الظاهرة باتت تشكل الخطر الكبير على المجتمعات لجهة هدر أرواح الأبرياء، وزعزعة استقرار الحكومات، والأهم تقويض التجانس الحضاري للمجتمعات كالقيم والمعايير والمبادئ الأخلاقية والترويج لما يسمى “فوبيا الإسلام” لغرس الخلافات بين الدول والمجتمعات للسماح للدول الاستعمارية بالتدخل بذريعة محاربة الإرهاب، وهو ما شهدناه في العديد من الحالات حين تدخلت الدول الكبرى في الشؤون الداخلية للدول المستقلة. وأكد أن تهديد الإرهاب يطال أيضاً النمو الاقتصادي وهو ما يشكل العامل الأساسي في رفع مخاطر الاستثمار بالدول التي تتعرض لهذه الممارسات، وبالتالي تأثيرها المباشر على نموها الاقتصادي نتيجة تدمير البنى التحتية. ويرى أن التطور التكنولوجي في وسائل التواصل شكل تحولاً رئيسياً في الترويج للأفكار الإرهابية، بل وتوالد أنماط جديدة من الإرهابيين القادرين على التفاعل مع الثورة المعلوماتية.
في الفصل الأول يفرد الكاتب لمفهوم ظاهرة الإرهاب، وتوثيق تاريخي لتطور الإرهاب من خلال الإضاءة على هذه الظاهرة خلال التعريف بسلوكياته وأسباب وصعوبة تعريفه، وخصائصه وأهم أنواعه. وفي الفصل الثاني يتناول الكاتب مفهوم إرهاب الدولة، وأبرز نماذج إرهاب الدولة معطياً مثالاً على ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وإرهاب الكيان الصهيوني، والإرهاب القطري. وفي الفصل الثالث قدم الكاتب شرحاً عن مفهوم التطرف والتكفير وخصائصه وأهم أسبابه وأهم نماذجه ملقياً الضوء على الحركات المتطرفة مثل “الوهابية- الإخوان المسلمين- القاعدة- داعش”. ثم أضاء على موضوع الإرهاب في ظل أحكام القانون الدولي في الفصل الرابع من كتابه، تناول فيه المقارنة بين الإرهاب كجريمة دولية وبعض الجرائم المشابهة للإرهاب في بعض الخصائص مثل جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم العدوان على الدول ذات السيادة. وانتقل بعدها للحديث عن الإرهاب في ظل الاتفاقيات والقرارات الدولية والتمييز بين الإرهاب والكفاح المسلح، ومن هم المرتزقة. وفي الفصل الخامس من الكتاب يسلط الكاتب الضوء على الإرهاب في سورية، ويتناول مفهوم الإرهاب في فكر القائد المؤسس حافظ الأسد وفي فكر الرئيس بشار الأسد، ثم انتقل إلى التدابير القانونية في سورية في مجال مكافحة الإرهاب، وأهم القرارات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وابرز أشكال الدعم الخارجي للإرهاب في سورية مستشهداً بأمثلة عن حجم الجرائم والفظائع التي ارتكبها الإرهابيون في سورية. وفي الفصل الأخير المعنون “إستراتيجية مكافحة الإرهاب” حاول الكاتب وضع إستراتيجية متعددة المستويات لمكافحة الإرهاب تتوزع في عدد من المجالات وهي:
- في مجال تجديد الخطاب الديني.
- في المجال التربوي والأخلاقي.
- في المجال الإعلامي ومكافحة الإرهاب الالكتروني.
- في مجال تطوير الحوار وتعزيز المواطنة.
- في مجال تمكين الشباب.
- في مجال التعاون الدولي.
استطاع الكاتب ببراعة الانتقال من فصل إلى فصل لشرح الظاهرة التي باتت تؤرق العالم، مستشهداً بأهم الأمثلة على دور الإرهاب في تدمير الدول وهي الحالة السورية، حيث مارس الإرهاب أبشع الجرائم بحق الشعب السوري لجهة إراقة الدماء وتدمير الاقتصاد والبنى التحتية للدولة السورية. كان الكاتب على دراية بالقانون الدولي الذي يجرم الإرهاب، لذلك استطاع أن يوظف هذه القوانين في خدمة الهدف المرجو من الكتاب. وأخيراً قدم الكاتب رؤيته عن الحلول المقترحة وهي لا شك من ضمن الأفكار الكثيرة المطروحة لمعالجة هذه الظاهرة.