رافعة العمل النقابي
بدءُ المؤتمرات النقابية العمالية شكّل على مدار العقود الماضية حالةً نوعيةً من الحوار والتقييم والتواصل، سواء ما بين القواعد والقيادات النقابية أو مع الجهات المعنية، واليوم تتواصل مسيرة العمل النقابي لتجسّد حقيقة لا يختلف اثنان فيها، حيث اتكأت الهموم والمطالب العمالية خلال العقود الماضية على حضور المنظمة النقابية ممثلة بالاتحاد العام لنقابات العمال الذي أخذ على عاتقه مسؤولية الدفاع عن الطبقة العاملة وحماية حقوقها، هذا إلى جانب دوره الوطني الفاعل على ساحة المستجدات والمتغيّرات السياسية والاقتصادية والمعيشية من خلال شحذ همم عمال الوطن الذين استبسلوا في ساحات العمل الإنتاجي، وأمّنوا استمرار دوران العجلة الإنتاجية رغم كل ما تعرّضت له المنشآت العمالية والاقتصادية من سرقة وتخريب وتدمير.
ولا شك أن المؤتمرات النقابية وكلّ ما يتمخّض عنها تعدّ رافعة للعمل النقابي، بما تمثله من حراك عمالي ومشاركة أكثر فاعلية للقواعد والهيئات النقابية القاعدية في تطوير العمل النقابي والاقتصادي والسياسي وصنع القرار الوطني، وكلّ ما من شأنه خدمة المجتمع السوري، ومراقبة الواقع الحياتي للناس وتقديم الحلول التي من شأنها المساهمة في معالجة الكثير من القضايا العالقة، والتعامل مع تداعيات الحصار الاقتصادي بنهج الاعتماد على ما هو موجود فعلاً على أرض الواقع، وتفعيل العمل والأداء النقابي والإنتاجي، ومعالجة واقع المؤسّسات والشركات العامة، وذلك حسب الأولويات التي تفرضها جملة من التحديات الكبيرة.
وبعد سنوات من الحرب المدمّرة لا يمكن تكذيب الحقيقة الوطنية التي جسّدها العمال وتنظيمهم النقابي بمواصلة العمل والإنتاج لتوفير مقومات الصمود وتأمين مستلزمات الحياة بكل أصنافها، هذا عدا عن الكثير من الخطوات التي تمّت ضمن خطط وبرامج المنظمة العمالية التي عملت ممثلة بالاتحاد العام لنقابات العمال على تحقيق المزيد من المكتسبات، وتقديم كلّ ما من شأنه تدعيم الصمود. ولسنا هنا بصدد تعدادها، وكان آخرها “مشروع دعم اقتصاديات الأسرة العاملة”، وقد يطول الحديث عن هذه المؤسسة النقابية التي تجدّد من خلال مؤتمراتها النقابية واقع عملها وتنفض الغبار عن الكثير من الملفات المتعلّقة بالمؤسسات والشركات الإنتاجية وغيرها من الملفات المعيشية الاقتصادية، أو تلك التي تخوض في الفساد بكل أنواعه. وبالطبع الحديث هنا لا يأتي في سياق التجميل أو المحاباة، فالوقائع موجودة لكل من يريد رؤيتها من منظور العمل الحقيقي والواقعية وليس من باب الاستهداف، فقد امتلكت هذه المنظمة مقومات تقدمها على الصعد المحلية والعربية والدولية، ومايهمنا أكثر أنها نجحت إلى حدّ ما في الاحتفاظ بمكانة متقدمة لها، وخاصة مع امتلاكها أجندة عمل واضحة ودوراً وحضوراً قوياً في المجتمع السوري.
بالمحصلة.. هناك سلّة مطالب عمالية تنتظر الاستجابة من المؤسّسات التنفيذية التي وعدت بمعالجة الكثير من الملفات والقضايا العمالية والإنتاجية، وفي مقدمتها الملف المعيشي وكل ما يدور في فلك هذه المعادلة لجهة زيادة الرواتب ورفع التعويضات، سواء بشكل مباشر أو من بوابة متممات الراتب.. فهل باتت هذه المطالب في مرمى التنفيذ أم سيتمّ تجييرها إلى الأعوام القادمة؟!.
بشير فرزان