ثقافةصحيفة البعث

شارات أعمال القضية الفلسطينية في أمسية تكريم حسين نازك

“فلتسمع كل الدنيا كل الدنيا فلتسمع، سنجوع ونعرى قطعاً نتقطع”، كلمات توفيق زياد التي اختيرت لتكون شارة مسلسل “بأم عيني” الشاهد على عذابات المعتقلين والأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني، الحكايات الواقعية المستمدة من مذكرات المحامية فليسيا لانغر، صاغ ألحانها ووزّعها المبدع حسين نازك، وكانت حاضرة بأمسية تكريمه في دار الأوبرا بمرافقة أوركسترا الموسيقا الشرقية بقيادة نزيه أسعد، وبتوزيع أوركسترالي، فزاد من حماسية الألحان وقوة تأثيرها وقع الطبل الكبير وضربات التيمباني وصوت التشيللو الحزين ودور آلات النفخ الخشبية وفاصل النحاسيات وتكرار “نموت ولكن لن نركع”، وتكاملت المشهدية الغنائية للكورال بتقنيات الغناء الجماعي مع الصورة البصرية لمشاهد الشارة التي اختزلت عمليات التعذيب، لتلتقي مع شارة مسلسل “الدرب الطويل” من كلمات التراث الفلسطيني، فشكّلت الموسيقا التصويرية لأعمال القضية الفلسطينية الهادفة التي ألّفها ووزعها حسين نازك محوراً مهماً في أمسية تكريمه الشاملة لمختارات من أعماله التي لحّنت قصائد الأدب الفلسطيني الملتزم لمحمود درويش وتوفيق زياد وأحمد دحبور، واستحضرت معاناة الشعب الفلسطيني ومقاومته المستمرة ومطالبته بحق العودة.

حسين نازك القادم من القدس ثم الأردن وجد في دمشق الملاذ، فكانت وطنه الثاني الذي احتضنه لينشر إبداعه الوطني وإحياء التراث الفلسطيني، فعمل بقوة ألحانه على دعم القضية الفلسطينية من خلال فرقتي العاشقين وزنوبيا والكثير من موسيقا الأعمال المسرحية والدراما التلفزيونية وبرامج الأطفال التربوية الموجهة التي أوصلته إلى العالمية، فتفاعل جمهوره الكبير مع موسيقا شارة “افتح ياسمسم” كلمات ياسر المالح وألحان وتوزيع حسين نازك، وأعادت المشاهد البصرية الحنين إلى طفولة الأجيال التي نهلت الكثير من القيم من هذا العمل الضخم، وتبعتها موسيقا “غنوا معي يحيا العمل، في حينا من طبعنا حب العمل” مترافقة مع صور من المخيمات والتراث الفلسطيني، وقد سُبقت بصولو القانون والغناء بتقنية تجزيء الكورال، ثم أضفت نغمات الفلوت الرقيقة سحراً هيمن على الأوبرا في موسيقا “في قصص الشعوب” كلمات ياسر المالح وألحان حسين نازك وتوزيع نزيه أسعد- مع الأكورديون ودور الإيقاعيات بتوليفة الأوركسترا، وزاد من تأثيرها مشاهد القصص العالمية بتفاعل الجمهور الكبار والصغار.

ولم تقتصر الأمسية على الموسيقا التصويرية وغناء الشارات لأعماله، إذ غنى الكورال “ياشعبي يا عود الند، يا أغلى من روحي عندي، إنا باقون على العهد، إنا باقون” كلمات توفيق زياد -التي تصرّ على المقاومة واستعادة الأرض المسلوبة “لن نرضى عذاب الزنزانة، وقيود الظلم وقضبانه”- ألحان حسين نازك وتوزيع نزيه أسعد- والبداية بالتأثير بالمؤثرات الإيقاعية والغناء فقط، ثم التوزيع على آلات النفخ الخشبية والنحاسية مع الوتريات والأوركسترا، وبدت جمالية اللحن بقوة “إلا لنفك وثاق القمر المصلوب” وبتكرار اللازمة إنا باقون على العهد.

آهات الناي

وكان لصولو الناي الحزين واللحن الهادئ دور قوي في غناء الأغنية الشهيرة “والله لزرعك بالدار ياعود اللوز الأخضر، وأروي ها الأرض بدمي” مع توليفة الأوركسترا ونغمات الأكورديون، وتناوب الغناء بين الذكور والإناث أضفى جمالية على وقع الكلمات وتأثيرها مع متتالية الصور للقدس وجغرافيتها ومعالمها.

العود ودمشق

ودمشق موطن حسين نازك الثاني كانت حاضرة بأسواقها ومعالمها بعطر الخالدين كلمات جمانة نعمان، ألحان حسين نازك، توزيع كمال سكيكر- “أنا دمشق” والتمهيد القوي بضربات التيمباني المترافقة مع الآهات وفواصل الباصون الصغيرة ومن ثم دور العود مع الأوركسترا، كما قدمت الأمسية “يمامويل الهوى” لمحمود درويش وأحمد دحبور ألحان وتوزيع حسين نازك وأعمالاً أخرى.

تكريم للجيل بأكمله

وقد أعرب حسين نازك للإعلاميين عن سعادته بالتكريم وشكر وزارة الثقافة ودار الأوبرا، وأوضح أن التكريم لكل الجيل الذي يمثل الفن الجاد الهادف، والتكريم لما كتب لنضال سورية وما لحن لفلسطين ومازالت المعركة مستمرة، متمنياً أن يتابع الجيل الشاب المسيرة، كما تحدث عن إحياء أناشيد بلاد الشام منذ عام 1932 حتى 1947 التي عمل على نشرها، وأضاف: سيأتي من ينشر أعمالنا وهذا منتهى التكريم، وتابع عن دور الفن الأصيل الذي يتعايش مع الأجيال أما الفن السطحي فيأخذ مرحلة ثم يُنسى.

التراث والحداثة

المايسترو نزيه أسعد تحدث عن فترة التحضيرات حتى تمّ اختيار أعمال نوعية وشاملة من مسيرة الموسيقار حسين نازك، الذي طرح ألحاناً تتناغم مع كلمات شعراء فلسطين، فجمعت الأمسية بين الغناء الوطني والمستمد من روح التراث الفلسطيني وحتى الحداثة من خلال التوزيع الأوركسترالي، ليصل إلى أن أعمال حسين نازك خدمت القضية العربية والفلسطينية والإنسانية عامة، ولاسيما ببرامج الأطفال الموجهة درامياً وتربوياً التي زرعت في أنفسنا منذ الطفولة القيم النبيلة والمحبة والمسؤولية وحب العمل.

ملده شويكاني