الزراعة أولاً فماذا عن الفلاح؟ مشكلات وطلبات بالجملة للمنظمة الفلاحية، والحكومة: اطلبوا المستطاع وكونوا شركاء
دمشق – ريم ربيع
رغم الدعم الحكومي المقدم للقطاع الزراعي لمحاولة النهوض به مجدداً، لا تزال الجمعيات والروابط الفلاحية التي تشكل الدعامة الأولى لهذا القطاع تنوء تحت أعباء كبيرة تتطلب وقتاً وتمويلاً كبيراً لاستدراكها، ففي حين يدرك الجميع أن الاقتصاد لن ينهض سوى بالزراعة أولاً، إلا أن الصعوبات لا تزال موجودة أمام كل خطوة، ومنها ما يتعلق بالحصار أو التكلفة المادية الكبيرة أو ما يتعلق بفساد أشخاص أو جهات تعرقل تنفيذ أي مشروع، إذ كاشف ممثلو اتحاد الفلاحين في المحافظات رئيس الحكومة والوزراء المعنيين بالشأن الزراعي بمختلف احتياجاتهم خلال مجلس اتحاد الفلاحين، ليتجه بعضهم إلى توجيه أصابع اللوم إلى أطراف محددة تسبّبت بتأخير أو إفشال وصول مستحقات الفلاحين إليهم.
وبعد استماعه لمداخلات الفلاحين وممثليهم أكد رئيس الحكومة حسين عرنوس ضرورة الابتعاد عن الاتكالية أولاً، فالطلبات التي تم الحديث عنها يصعب على الحكومة توفيرها بمفردها، داعياً إلى التشاركية في مختلف المجالات لتأمين مستلزمات القطاع الزراعي، حيث أفرد عرنوس حيزاً واسعاً من حديثه لتأكيد ما تقدّمه الدولة من دعم سواء في المازوت أو السماد أو العلف أو الري، وأهمية أن يُقابل هذا الدعم بتسليم المحاصيل للدولة في نهاية الموسم، لافتاً إلى وصول 80% من المازوت الزراعي للفلاحين حتى الآن، وبينما طالب الفلاحون برفع سعر شراء القمح بيّن رئيس الحكومة أن تكاليف الإنتاج تتم دراستها بالكامل مع أرباح للفلاح لا تقل عن 25%.
وشدّد عرنوس على التوجه للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتركيز على تحويل مشاريع الري الحكومي إلى مشاريع الري الحديث، مؤكداً للفلاحين أنهم شركاء بالتسعير، ومشيراً إلى التوجيه بعودة الحصادات إلى محافظاتها دون عراقيل، ورداً على المطالبات بالسماح باستيراد جرارات قديمة أشار عرنوس إلى أن التجربة السابقة لم تعد بالنفع، إذ تم دفع تكاليف إصلاح أعلى من سعر الجرار، وفي المقابل يتجه التركيز اليوم إلى إعادة معمل الجرارات بحلب بأقصى سرعة ممكنة.
وحول آليات استصلاح الأراضي من بلدوزرات وغيرها بيّن عرنوس أن شراءها غير ممكن حالياً نظراً لتكلفتها الباهظة، بينما يتم حالياً تنسيق عقد مع الروس لتأمين آليات لاستصلاح الأراضي بمبدأ المقايضة أو التقسيط أو القروض الميسرة.
رئيس اتحاد الفلاحين أحمد ابراهيم اتجه لدعوة المشاركين إلى عدم المبالغة بالطلبات، موضحاً: لا نطلب من الحكومة طلبات فلكية بل نريد حقوقنا من المتوفر، فالمنظمات تضغط على الحكومات بحالة السلم لا الحرب، مؤكداً أن النهوض باقتصاد البلد سيكون بالزراعة أولاً. بدوره وزير الزراعة حسان قطنا أكد الجهود المتواصلة لمعالجة مختلف المشكلات، إلا أن بعضها لا يعالج فوراً، معتبراً أن هذا العام مهم جداً للقمح والمتوقع استلام 2 مليون طن، وبما يتعلق بالسماد أكد قطنا ضرورة تأمينه للفلاحين وفق المتاح، ولكن بسبب ظروف التوريد قسمت الكمية إلى دفعتين لضمان وصولها إلى الجميع، مشيراً إلى إمكانية تعديل جدول الاحتياج من السماد، علماً أن المعادلة السمادية المعمول بها حالياً أكبر بـ25% من الاحتياج الفعلي، وفي مجال البذار يوجد حالياً 13 ألف طن فائض من البذار لكل من يرغب، مضيفاً: إن هناك مسارات واضحة ومجموعات عمل لمتابعة تربية الخيول والنحل ودودة القز، وأكد قطنا ضرورة تشجيع التشاركية مع القطاع الخاص، وتوفير مواصفات ودفاتر شروط جديدة لاستيراد الأبقار والعجول، وعلى أساسه فتح الباب لاستيراد 30 ألف رأس بقر من القطاع الخاص وبيعه مباشرة للفلاحين.
وزير المالية كنان ياغي أشار إلى أن موازنة وزارة الزراعة في 2020 كانت الأكبر بـ83 مليار ليرة وإضافة 8.5 مليارات ليرة لصندوق دعم الإنتاج الزراعي و5 مليارات ليرة لصندوق الري الحديث و7 مليارات ليرة لصندوق الجفاف، وبلغ حجم الإعفاءات 17 مليار ليرة وعدد المستفيدين 62 ألف فلاح، ورداً على تساؤلات حول المصرف الزراعي بالحسكة بيّن ياغي أنه تم تصنيف الحسكة بأنها منطقة غير مستقرة حسب مجلس النقد لذلك لا يتم الإقراض بالمصرف هناك، لافتاً إلى خطة لإعادة تفعيل مختلف المصارف الزراعية في المنطقة الشرقية.
وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك طلال البرازي أكد أن “السورية للتجارة” مستعدة للشراء المباشر من أي جمعية فلاحية، مشجّعاً على تشكيل شركات مساهمة من الفلاحين تعنى بالإنتاج النباتي والحيواني بحيث يتم تنظيم الإنتاج وتحقيق القيمة المضافة، إضافة إلى التركيز على أهمية إقامة مراكز للغربلة من الفلاحين لضمان تسليم كامل محاصيل الحبوب.
ولفت وزير الموارد المائية تمام رعد إلى أن تكلفة إعادة تأهيل مشاريع الري في 2020 بلغت 15 مليار ليرة، بينما تم وضع خطة على المدى القريب والمتوسط والبعيد لتأهيل كل المشاريع، مؤكداً أن جميع المشاريع الموجودة بالخدمة ستكون مؤهلة وجاهزة مع بداية موسم الري القادم، فضلاً عن التخطيط لإجراء إحصاء جديد للآبار وتسوية أوضاعها.
من جهته وزير الصناعة زياد صباغ شدّد على الشراكة بين وزارة الصناعة والزراعة بما يخص التصنيع الزراعي، مشيراً إلى دراسة التعاون مع الجمعيات الفلاحية ليكون نقل المنتجات مباشرة إلى المصانع، بينما تعمل الوزارة حالياً على تأسيس معمل للمنتجات الحيوانية في القنيطرة مع الحلفاء، أما معمل العصائر فهو مدرج بجدول الأعمال مع الجانب الروسي.
مداخلات رؤساء الاتحادات في المحافظات كانت متشابهة إلى حد كبير، فالواضح أن وجعهم واحد ومطالبهم ذاتها لجهة تأمين مستلزمات الإنتاج والأعلاف والأسمدة بشكل أساسي، وخاصة عند الحديث عن خطة زراعة القمح فأغلب المحافظات نفذت خطتها لكن لم تصل الأسمدة بعد، ما يهدّد المحاصيل بانخفاض إنتاجها، ولم يخفِ الفلاحون استياءهم من حالات بيع المواد المدعومة للتجار ليعاودوا بيعها في السوق السوداء وبأسعار مضاعفة، مطالبين بتسهيل شروط تمويل مشاريع الري الحديث، وتأمين قروض طويلة الأمد ومعالجة الديون، وتوفير المبيدات واللقاحات البيطرية عبر مراكز حكومية كونها تصل فاسدة في بعض الأحيان، وأجمعت المداخلات على تعديل سعر استلام القمح ليناسب مستلزمات الإنتاج.
ودعا فلاحو المنطقة الشرقية والشمالية إلى الإسراع بتأهيل الصوامع، وتوفير مراكز للحبوب، وتسهيل عبور الأغنام إلى البادية، واستيراد الأبقار وترخيص جميع الآبار.