من يدفع غرامات التهريب؟
تتجاهل وزارة المالية الإجابة عن السؤال: من يدفع غرامات التهريب؟ هذا ليس بالأمر الجديد، فهي لطالما تجاهلت الإجابة عن السؤال: لماذا لم تنجز وزارة المالية أتمتة الضرائب والجمارك؟
إذا كان الهدف الأساسي – إن لم يكن الوحيد – من حملات الجمارك هو “الجباية”، فهذا يعني أن الأتمتة من جهة، والقضاء الفعلي على التهريب أو تقليصه إلى الحد الأدنى من جهة أخرى، يعني تراجعاً كبيراً جداً في تحصيل المليارات من الغرامات! وما تفعله دوريات الجمارك يعزز فرضية أن الشغل الشاغل لوزارة المالية هو “الجباية”، وليس أي شيء آخر!.
لقد وصل الأمر بحملات مكافحة التهريب لمداهمة الأسواق ومصادرة مواد مستوردة نظامياً أو منتجة محلياً بذريعة أنها مجهولة المصدر، لأن أصحاب المحلات ليست لديهم فواتير بشرائها من المستوردين والتجار والمصنعين.!
نعم، توجد مهربات في الأسواق، لكن السؤال: كيف قطعت المهربات عشرات الكيلومترات بسهولة و”أمان” لتصل إلى الأسواق؟.
أكثر من ذلك، لو كانت وزارتا المالية والتجارة الداخلية طبقتا الأتمتة والفوترة لما تسللت المهربات إلى أسواقنا، ولما اضطر الباعة الصغار وتجار نصف الجملة للتعامل مع سلع “مجهولة المصدر” حسب تعبير وزارة المالية والجمارك!.
لقد تباهت المديرية العامة للجمارك بأنها “جبتط 18 مليار ليرة في عام 2020 للخزينة العامة، وهو ضعف المبلغ المحقق في عام 2019!.
والملفت أن الجمارك “جبت” مليار ليرة خلال حملتها السريعة في أسواق حلب، وهذا قد يشجع وزارة المالية على الاستمرار في هكذا حملات على أمل مضاعفة “الجباية” في عام 2021 إلى 36 ملياراً على الأقل.!
حسناً، لا نختلف مع وزارة المالية، ولا مع مديرية الجمارك بأن “التهريب يمثّل اعتداء على الخزينة العامة للدولة”، بل ونؤكد معها على ضرورة “قمع حلقات التهريب أينما وجدت، وخاصة كبار المهربين”.
السؤال: كم رأساً كبيراً ضبطته الجمارك في السنة الماضية خلال حملتها التي كان شعارها: “سورية خالية من المهربات في نهاية عام2020″؟.
وبما أن التهريب مستمر إلى حد شن حملات على المحال التجارية في الأسواق بدلاً من التركيز على منافذ التهريب النظامية واللانظامية، نكرر السؤال: من يدفع الغرامات الجمركية؟.
يقوم المستورد والتاجر والصناعي دائماً بإدخال ما يتوجب عليه من ضرائب في حساب تكلفة السلع والمواد التي يبيعها، ومع ذلك يتفنن بالتهرب من دفعها للخزينة، وهذا يعني أن المستهلك هو الدافع الفعلي لضرائب المستورد والتاجر والصناعي في ظل عجز وزارتي المالية والتجارة الداخلية عن تطبيق الأتمتة والفوترة!.
بالمختصر المفيد: الغرامات الجمركية البالغة 18 مليار ليرة العام الماضي سيعيد التجار والمستوردون وأصحاب المحلات المتضررة “شفطها” مجدداً من المستهلكين من خلال رفعهم للأسعار والخدمات.!
وبتطبيق الأتمتة والفوترة يمكن لوزارة المالية جباية خمسة أضعاف ما تجبيه من الغرامات على الأقل بالراحة، أي دون حملات وشعارات!!.
علي عبود