أردوغان يبدأ حملة انتخابية مبكرة بـ “خطابات استعراضية”!
ضمن محاولات ترقيع شعبيته التي تراجعت خلال السنوات القليلة الماضية على ضوء أزمات متعددة سياسية واقتصادية واجتماعية، كثّف رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في الآونة الأخيرة من الظهور الإعلامي الاستعراضي ومن خطابات موجّهة بالأساس للمؤتمرات العامة لحزب العدالة والتنمية، إلا أنها أيضاً تشكل رسائل للقواعد الانتخابية التركية.
ودأب أردوغان على الاستعراضات السياسية بمناسبة وبغير مناسبة، زاعماً المضي قدماً بإصلاحات اقتصادية وقانونية وقضائية، ليطلق ضمناً حملة انتخابية مبكرة استعداداً لانتخابات 2023، محاولاً استقطاب المزيد من الأنصار، ولا سيما مع تهاوي شعبيته نتيجة الأزمات التي أقحم تركيا فيها دولياً والأزمات الداخلية الاقتصادية والإنسانية إثر سياساته المتهورة.
ويشكل خطر على أردوغان وجود عدة شخصيات وازنة انشقت عن حزب العدالة والتنمية وأسست أحزاب جديدة وتخطط لعزله، ومن بينهم رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أغلو والوزير السابق علي بابا جان وآخرون، وهي الشخصيات التي اتهمها أردوغان بالخيانة.
ويخشى أردوغان من أن يشكل هؤلاء جبهة قوية تتحالف مع المعارضة الرئيسية ضدّه وسط مشهد سياسي شديد التوتر.
ومن خلال الوعود التي يطلقها لأردوغان يحاول التسويق لإنجازات ومشاريع ضخمة “وهمية”، يسعى من خلالها لتلميع صورته بعد حملات القمع الممنهج وحملة التطهير التي أطلقها بعد محاولة الانقلاب الفاشل عام 2016.
تزامناً مع ذلك، تتواصل الإدانات لنظام أردوغان إثر انتهاكه حقوق الإنسان مراراً، حيث أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مجدداً نظام أردوغان لزجّه صحفيين اثنين في معتقلاته بشكل غير قانوني، ووضعهما في الحجز الاحتياطي عام 2016، أحدهما المغني وكاتب مقالات الرأي أتيلا تاش بسبب تغريدات ومقالات نشرت في صحيفة “ميدان” بين عامي 2011 و 2016 انتقد فيها سياسات الحكومة التركية وتمت ملاحقته بتهم مرتبطة بـ”الإرهاب”.
وفي هذا الملف، اعتبر قضاة المحكمة أنه حصل انتهاك للحق في الحرية والسلامة بموجب المادة الخامسة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وللحق في حرية التعبير بموجب المادة العاشرة. وأوضحت المحكمة أن أياً من القرارات المتعلقة بوضع تاش وإبقائه بالحجز المؤقت لا يتضمن عناصر أدلة يمكن أن تؤكد وجود صلة معقولة بين أفعاله والتهم المرتبطة بالإرهاب التي وجهت إليه، معتبرةً أن حرمان الحرية الذي خضع له الأخير يشكل تدخلاً بحقه في حرية التعبير وهو ما لم ينص عليه القانون.
وفي قضية أخرى تعود للعام 2010، أدانت المحكمة أيضاً سلطات النظام التركي لتوقيفها مهدي تانريكولو رئيس تحرير صحيفة أزاديا ولات لانتهاك هذه السلطات المادتين الخامسة والعاشرة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
بالتوازي، أصدرت سلطات النظام التركي أوامر اعتقال بحق 238 شخصاً بحجة صلتهم بفتح الله غولن الذي يتهمه النظام بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.
وشملت أوامر الاعتقال التي أصدرها الادعاء في إزمير ستة أقاليم وتم اعتقال 160 منهم بالفعل، ومن بين المستهدفين 218 من أفراد الجيش الذين ما زالوا في الخدمة منهم ستة برتبة كولونيل وثلاثة برتبة ليفتنانت كولونيل وتسعة برتبة ميجر.
ومن جانب آخر، ازدادت في السنوات الأخيرة في تركيا بشكل غير مسبوق، الدعاوى القضائية والمحاكمات المتعلقة بما بات يُطلق عليه “جريمة إهانة الرئيس”، والتي برزت بشكل متكرر بسبب نقاشات حول حرية التعبير، ومبدأ المساواة أمام القانون، والمشاكل التي يسببها النظام الرئاسي الذي تمّ تطبيقه منذ العام 2018.
ويقول المحامي أوزغور أورفا: إنه ولهذا الغرض، فقد تمّ إنشاء أجنحة منفصلة في سجن سيليفري بإسطنبول، الأكبر من نوعه في أوروبا، وذلك نتيجة ارتفاع عدد المعتقلين بهذه التهمة، إذ، وفي نطاق المادة 299 من قانون العقوبات التركي حول تشويه سمعة الرئيس، تمّ إجراء تحقيقات ضد 128872 شخصاً، من بينهم حوالي 1000 طفل بين عامي 2014 و2019، وفتح 27717 قضية عامة.
المحامي أصلي كازان، قال من جهته إنّ الانتقادات انعكست بسهولة في القضاء وتحولت إلى تحقيقات، موضحاً أنه “بينما تمت صياغة المادة 299، لم يكن يعتقد أن الرئيس سيكون عضواً في حزب ما. ومع ذلك، فإنه في النظام الحالي، نرى أن المادة المعنية قد تحوّلت إلى إجراء لحماية رئيس أحد الأحزاب السياسية، ومصدراً لعدم المساواة مع الأحزاب الأخرى.