تنصيب بايدن.. فيلم هوليوودي جديد
سنان حسن
استنفار على أعلى المستويات وكالات الأمن القومي والاستخبارات “إف بي آي” والحرس الوطني وأخيراً الجيش الأمريكي بكامل عتاده في شوارع واشنطن ليس لصد هجوم محتمل على العاصمة الفيدرالية للولايات المتحدة الأمريكية، وإنما استعداداً لتنصيب الرئيس الـ 46 والأربعين يوم غد الأربعاء، ولكن لماذا هذا التهويل والمبالغة في الاستعدادات، وهل هجوم أنصار ترامب على مبنى الكابيتول بالفعل كان خطيراً حتى استفاقت الأجهزة الأمنية، أم أن القصة لها غايات ومرامن أخرى؟.
لاشك أن الذي حصل في السابع من الشهر الجاري لم يكن حدثاً عادياً في واشنطن، فآلاف مؤلفة من أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنتهية ولايته اقتحموا وتسلقوا جدران أهم صرح مزعوم للديمقراطية في العالم، وأمام عدسات التلفزيون ووكالات الأنباء العالمية، وعاثوا فساداً بمقتنياته ومكاتب زعمائه، ثم بعد فترة من المواجهات، سقط خلالها عدد من القتلى، انحسروا وعادوا إلى قواعدهم وكأن الأمر حلم لا يصدق، ولكن بالفعل حصل؟.
في الحادي عشر من شهر آب الفائت قطع ترامب مؤتمراً صحفياً بعد إبلاغه بإطلاق نار على شخص مسلح حاول اقتحام البيت الأبيض حيث نقل إلى المستشفى لعلاجه، وتمّ تجاهل الأمر، أما في اقتحام الكابيتول فتمّ التعامل بطريقة مختلفة عن الأولى. ورغم أنه في حالة أنصار ترامب كان التهديد واضحاً بأن هناك عزما لمنع النواب المجتمعين في الكونغرس من التصديق على فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية، ولكن تم تجاهل ذلك حتى وقعت الواقعة؟ ما يوحي بأن هناك مخططاً مرسوماً أقله للإيقاع بترامب وأنصاره، لاسيما وأن الانتخابات الأخيرة كشفت حجمهم وتأثيرهم في الشارع، حولي “75 ” مليون صوتوا لترامب، ما يعني أن نصف الولايات المتحدة تؤيد الرئيس الخاسر ونهجه السياسي.
منذ تولي الرئيس ترامب السلطة في أمريكا والصراع مشتعل بينه وبين مؤسسة الأمن القومي المسيطرة “الدولة العميقة” على طريقة إدارة الملفات، حيث أراد ترامب بشعبويته ويمينيته المتطرفة خط أسلوب جديد كسر كل الأمور التي كانت سائدة لعقود طويلة، الأمر الذي أدى إلى عدم استقرار في الإدارة الحاكمة، والتي شهدت خروج أكثر من 60 مسؤولاً كبيراً منها. وتسجيل محاولتين لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية لعزله من منصبه تارة بداعي التواصل مع جهات معادية وأخرى بتهمة التحريض على الإرهاب والعنف الداخلي.
وعليه فإن الإجراءات الهوليوودية التي تشهدها واشنطن اليوم لا تنفك عن كونها محاولة كبيرة ومستمرة من الدولة العميقة للحفاظ على سطوتها التاريخية على مراكز الحكم وكارتلات التجارة والانترنيت والصحة والصناعات العسكرية، والأهم تجريم أنصار ترامب بالإرهاب المحلي والعنف والحرمان من المشاركة السياسية في الفترة المقبلة، ولكن السؤال الأهم: هل سيسلم ترامب وأنصاره بالنتيجة التي فرضتها المؤسسات الحاكمة بـ”التزوير”، كما يدعون، أم أنه سيكون لهم رأي مختلف، ربما بعد التنصيب، في تشكيل حزب “الوطنين الجديد” كما يحضر زعماءهم؟ لننتظر ونرى نهاية الفيلم الهوليوودي الأمريكي الجديد.