شفيق الغبرة: الوصول للإدهاش البصري هاجسي
عُرفت البومة بالرمز إلى التشاؤم والإنذار بوقوع شر إلا أن م.شفيق الغبرة يتفاءل بها وخصّها بمنحوتة خاصة وقد تسرب الضوء من بين تفرعات الأغصان المحيطة بها، فشغلت ركناً خاصاً ضمن مسارات رومانسية الضوء المنبثقة من انثناءات وفراغات منحوتاته التي عبّر من خلالها عن شغفه بالضوء والخشب، والتي شدت الزائرين إلى متابعة معرض “حوار الضوء والخشب 3” الذي أصبح مشهداً محبباً إليهم منذ المعرض الأول في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة-.
ويرى م.الغبرة أن البومة مبعث تفاؤل بالنسبة إليه وفي كل معرض يقدمها بأسلوب مختلف مبتعداً عن النمطية وهي عمل نحتي أقرب إلى التجريد أكسبها شيئاً من الروح بالتركيز على الخطوط الحمراء على المنقار، وعلى لمعة العين التي تضيء ليلاً بتغطية البؤبؤ بمعدن القصدير.
وبدت جمالية الحوارية اللطيفة في تشكيلات الإضاءة التي اتخذ بعضها الغموض والتخفي بين كتل المنحوتة ليتسرب نافذاً من الفراغات، في حين سطع ضوء شعيرات كريستالية زرقاء في منحوتات أخرى بعدما طوّع الغبرة مادة الخشب الخام من شجر التوت والصنوبر والزيتون والصندل وغيرها بتشكيلات تجريدية، في أغلبها، وبعضها يقترب من السريالية توحي بقراءات متعددة فتأخذ الزائر إلى عوالم الكهوف والمغاور وإلى تجويفات شكّلتها المناخات الجغرافية فأضفت حميمية الضوء المحصور ضمن تكويناتها سحراً يشي بهمسات رومانسية، وتوقف الغبرة عند السمات الجديدة لمعرضه الثالث، فكما ذكر ابتعد بشكل كبير عن النمطية مجسداً أفكاراً متعددة تتشارك جميعها في الجمالية بأساليب مختلفة، فاعتمد على بعض الأساليب الجديدة كاستعمال الإضاءة الانسيابية بشكل متماه مع الكتل التجريدية بشكل متداخل لإضفاء جمالية متناغمة طبيعياً مع الضوء والتكوينات الخشبية، لتشكل نوعاً من الصدمة الجمالية للمنحوتة بالدرجة الأولى، ثم عمل على الاهتمام بالتفاصيل حيث تتضح تكوينات الجمال، وتابع: أنا أبحث عن الجمال وأنتظر من المتلقي أن ينظر إلى المنحوتة بحب منذ النظرة الأولى قبل التعمق بالتفاصيل بغية الوصول للإدهاش البصري وهذا هو هاجسي وشغفي.
والملفت في هذا المعرض إضافة منحوتات متفرعة على شكل أغصان الأشجار الوارفة المتمايلة برشاقة ورهافة تلتف حولها الإضاءة تعكس مشهدية طبيعية، وقد تنوعت حجوم المنحوتات بين صغيرة وكبيرة وإفرادية وثنائية دمج بعضها بين تفرعات الأشجار ورمزية الأشكال مركزاً على حرق الخشب، الأسلوب الذي استوحاه كما ذكر من الفن الياباني إلا أنه عدّله كي يكون كاملاً وليس جزئياً.
وتأتي منحوتات الغبرة ضمن مشروعه الجمالي لتزيين المكاتب والمنازل والإحساس بحميمية العلاقة التي تربط بين الإنسان وخامة الخشب، فإضافة إلى المنحوتات التي تتخذ موضعاً في الزوايا أو فوق الطاولات، اهتم بتصميم أشكال مختلفة من الطاولات الصغيرة التي تشبه جذور الأشجار يعلوها الزجاج بطريقة فنية، ويرى أن الجزء الوظيفي مكمل للتكوينات الفنية لتبقى مرافقة للمتذوق.
ويأمل الغبرة بمتابعة مشروعه المتطور مستفيداً من اختصاصه الهندسي إضافة إلى التقنيات الفنية في المعرض القادم.
ملده شويكاني