235 جهة حاصلة على “الآيزو”.. ارتفاع التكلفة وتأطير مفهوم الجودة حدّا من انتشارها
دمشق – ريم ربيع
ليست مجرد “موضة” أو “بريستيج”، فالجودة منذ سنوات وحتى اليوم ترسخت في عالم الشركات والمؤسسات الاقتصادية والطبية والتعليمية والثقافية لتصبح المعيار الأساس عالمياً لمدى كفاءة أية شركة، ولا يرتكز هذا الأمر على التسويق وحسب، بل يتعلق بالإدارة، وأداء الشركات، وتقليل العيوب لأدنى حد، وخفض التكاليف، وغيرها من المواصفات التي ترتقي بالعمل، وتتيح المنافسة في السوق العالمية.
لا يمكن توصيف مستوى انتشار هذه الثقافة في سورية بالمُرض، فهي وإن كانت تسجل تزايداً متواصلاً، إلا أنها مازالت دون الطموح، وذلك لأسباب تبدأ بالعقوبات، وتنتهي بالفكر المؤسساتي نفسه، فرغم الحملات، المحدودة إلى حد ما، لنشر ثقافة الجودة، والحصول على شهادات الآيزو العالمية، إلا أن عدد الشركات الحاصلة عليها مازال متواضعاً، والمشكلة أن أغلب هذه الشركات سعت للشهادة فقط لضمان التصدير، وهي وإن كانت نقطة هامة جداً في الوصول لجميع الأسواق، إلا أنها ليست الوحيدة كما سبق وذكرنا.
235 شركة هو العدد الإجمالي تقريباً للحاصلين على شهادات الآيزو وفقاً لمدير قسم الجودة في هيئة المواصفات ثائر مبارك، أي أن عدد الشهادات يقارب 400 شهادة نظراً لوجود شركات حاصلة على عدة شهادات، ومن بين الشركات هذه سبع جهات حكومية تقريباً متضمنة مشافي: الباسل، والهلال الأحمر، وقطنا، ومديرية صحة دمشق، كما أن عدد جهات المنح المعتمدة من قبل الهيئة هو 13 جهة قابلة للزيادة أو النقصان.
وتتنوع الشهادات الممنوحة بين شهادة نظام إدارة الجودة، وشهادة البيئة، والصحة والسلامة المهنية، وسلامة الغذاء، وأمن المعلومات التي لم ينلها سوى بنك واحد حتى الآن، ليؤكد مبارك أن تسجيل الشركات الحاصلة على شهادات في هيئة المواصفات يضمن لهم ميزة وقيمة مضافة كونها الجهة الحكومية الوحيدة المخولة بتصديق هذه الشهادات للاعتراف بها في المناقصات أو أمام القطاع العام، مؤكداً أن عدم تسجيل الشهادة بالهيئة يجعلها غير معترف بها حكومياً، وهذا بحسب مبارك يأتي كنوع من الضبط لعدم بيع الشهادة بعد ظهور عدة حالات بيع في الأزمة، فتحاول الهيئة الإشراف على العملية عبر التحقق من اعتمادية جهة المنح لتكون جهة معروفة ومعتمدة عالمياً، والتأكد من اسم المدقق، واعتماديته من قبل جهة المنح.
وبيّن مبارك أن ثقافة الجودة كانت تنتشر بشكل متسارع قبل الأزمة حتى في الورشات الصغيرة، وكان عدد الشركات الحاصلة على الشهادات 600 شركة تقريباً، إلا أن جزءاً كبيراً منها دمر في السنوات الماضية، مضيفاً بأن أغلب الشركات ترغب بالشهادة لتكون قادرة على التصدير والمنافسة بشكل أساس، وفي ظل الصعوبات الحالية فإن أكثرها غير قادر على التصدير أساساً، كما أن ارتفاع سعر الصرف أثر على أسعار الشهادات التي سجل بعضها 5 ملايين ليرة، فيما تجاوز البعض الآخر 15 مليوناً، ما جعل المنشآت الصغيرة تتأنى بالحصول عليها، أما الشركات الدوائية فهي ملزمة بالحصول على شهادة الآيزو لأنظمة الإدارة.
ورأى رئيس مجلس أمناء مركز صناع الجودة العرب د. محمد الجلالي أن شهادة الآيزو وسيلة لتأكيد شيء يجب أن يكون موجوداً، فالهدف الأساس أولاً هو العمل وفق معايير الجودة، ما يحسن الأداء، ويحقق رشاقة أكبر بالعمل، وقبول الزبائن، بغض النظر عن الشهادة، ومع أن الحصول على الشهادة هو تأكيد على عمل المؤسسة وفق هذا النظام، إلا أن الجودة يجب أن تكون شعاراً لها، سواء حصلت عليها أم لا.
وبيّن الجلالي أن النوع الأول من الشركات التي تتعامل مع الخارج، سواء بالتصدير أو غيره، يحرص على الشهادة كونها وسيلة مرور وتواصل، فهي غير قادرة على دخول السوق العالمية دونها، أما الشركات ذات التعامل الداخلي فقط فهي ترى في الشهادة تكاليف مرتفعة، علماً بأنها باتت حاجة وليست ترفاً، كما أن أية تكاليف تُصرف على الجودة، يكون استرجاعها سريعاً إثر تحسن الأداء.
كما أوضح الجلالي أن الشهادات عادة تمنح من جهات مرخصة موجودة خارج القطر، فمن الصعب جداً استلامها في الظرف الحالي، وهي تمر بمرحلتين: الأولى تكون عبر تدريب العناصر في المؤسسة لتحديث أنظمتهم، ومواكبة أنظمة الجودة العالمية في الإدارة، ثم يرسل المدقق من الخارج للتحقق من عمل المؤسسة وفق نظام الإدارة “الآيزو”، لتُمنح بعدها الشهادة من قبل جهة مرخصة، معتبراً أن الوضع العام يتسبب بحجب هذا الموضوع، ليبقى الأمر متعلقاً بمهارة الجهة الداخلية وعلاقاتها مع الخارج.
وحول دور المركز بيّن الجلالي أنه يقدم كامل الخدمات لأية مؤسسة بدءاً من إرسال مجموعة لمساعدة وتدريب كادر المؤسسة، وتطوير الهيكل التنظيمي والإداري، وتحسين العمل، لتصبح ضمن الأنظمة والمعايير العالمية.