بكر عبد الرزاق: الرسم يمسح عن الروح غبار الحياة
ما أن يمسك فرشاته وأدواته ويشرع في الرسم حتى يمنح ما يرسمه حياةً كاملة، لتنطق أعماله شغفاً وفناً وموهبة تحاكي طموحه وأحلامه التي لا تعرف حدوداً، أنه الفنان الشاب بكر عبد الرزاق الذي يعتمد تقنية “الرسم بالفحم” أسلوباً مميزاً له في أعماله، والذي يبرز بشكل واضح من خلال رسم شخصيات عالمية مشهورة.
تطوير الموهبة
لا يعلم بكر عبد الرزاق متى بدأ الرسم تحديداً، فقد كان هو والألوان رفيقين منذ الصغر، وكانت خربشاته الأولى إعلاناً لمن حوله عن موهبة تلوح في الأفق ما لبثت أن ظهرت بشكل حقيقي مع مرور الزمن واكتساب خبراته وتحديد مسار شخصيته الفنية، وعن بداية تجربته يقول عبد الرزاق: الرسم يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية، والشغف بالرسم موجود منذ الصغر حيث كان لدي محاولات بسيطة ولكنها لا تتصف بالجدية الكاملة، ومنذ عشر سنوات بدأت أوجه اهتمامي نحو الفن التشكيلي بعمق أكبر وبدأت برسومات بسيطة وكان هناك تطور سريع في هذا المجال، لأن الموهبة موجودة داخل كل واحد فينا ولكنها تحتاج إلى صقل وتدريب وتمرين من أجل أن تظهر وتأخذ حقها، ومن أجل تشكيل لوحة فنية لابد من تطوير الموهبة والتعرف والإطلاع على التقنيات المطلوبة، وعلى الرغم من أنني لم أدرس الفن التشكيلي بشكل أكاديمي، إلا أن دراستي لما يتعلق بميكانيك السيارات ساعدني في تطوير لوحاتي وخاصة في تخيل الشكل ورسمه ورسم الظل والنور من جميع الجوانب، ويؤكد عبد الرزاق: إن أغلب ما أرسمه ينتمي إلى الواقعية المدموجة بالتعبيرية حيث أختار صورة من واقعنا وأرسمها ثم أضيف إليها تعبيراً معيناً له دلالة ومعنى أريد إظهاره، منوهاً أنه يلجأ إلى التنويع فيما يرسمه على الدوام ويعتمده بشكل واضح فهو لا يعتمد خطاً واحداً بل يجرب في أكثر من مجال، ولكن الرسم بالفحم هو السمة الغالبة على ما يقدمه والتي عرفت بها أعماله.
الرسم بالفحم
وعن خصوصية الرسم بالفحم وما يتميز به عن سواه يوضح عبد الرزاق أن الرسم بالفحم هو فن مرئي يستلزم بناء علاقة ما، على سطح ما، بطريقة فنية، مؤكداً إن الرسم على الفحم يعد من أفضل الوسائل وأجملها، وهناك العديد من الرسامين والفنانين يلجؤون إلى هذا النوع من الرسم لبساطة الأدوات والمواد المستخدمة فيه، حيث يمكن تشكيل لوحة عظيمة من خلال هذه المواد البسيطة، بالإضافة إلى سهولة التعديل سواء عن طريق حذف أو إضافة محتوى، ولكنه يعود ليلفت إلى ضرورة عدم استسهال هذه التقنية فهي صعبة ودقيقة جداً لأنه ليس من السهل على الفنان التحكم بالفحم وضبط الشكل والحفاظ على نظافة اللوحة وكذلك أن يجد الدرجة المناسبة من اللون لرسم العمل، مبيناً لقد بدأت بتقنية “الرسم بالفحم” عندما أتقنت الرسم بشكل جيد تماماً وكان توجهي نحو استخدام الفحم بسبب حبي للمدرسة الواقعية والإحساس برسم الظل والنور، ولأن الرسم بالفحم أسلوب مميز وجميل وينقل الإحساس بشكل عالي وهو يختلف عن رسم البورتريه من حيث المواد ومن حيث أنه يحتاج إلى تركيز ودقة في عملية إتقان النور والظل وفي رسم لوني الأبيض والأسود.
اليد الداعمة
يعتمد عبد الرزاق في تسويق أعماله في الوقت الحالي على وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها – كما يقول – الأسرع والأكثر انتشاراً وتصل لكافة الفئات والشرائح الاجتماعية ولكن بالطبع لا يكفي الانترنت كوسيلة للتواصل مع الجمهور لأنه من المهم جداً أن يراقب الرسام إحساس من يشاهد لوحاته على أرض الواقع ويتلقى الصدى الحقيقي لأعماله لكي يدرك السلبيات ويتداركها ويقوم بتعديلها ويطور أدواته، متابعاً: وكذلك لكي يعرف مواقع الإيجابية في أعماله ويستمر في العطاء والإنتاج ويكون هذا الصدى بمثابة حافز له ليقدم أفضل ما لديه من موهبة وإحساس، وفي ظل غياب دعم وتنمية المواهب المختلفة لجيل الشباب يرى عبد الرزاق أن دعم مواهب الشباب بكل أسف غائب وشبه معدوم وليس له حضور حقيقي، فأنا اعتمدت على نفسي كلياً في تنمية موهبتي دون أي مساعدة أو دعم وهذا شي أفتخر به ولكن كان من الجميل أن أرى مؤسسات راعية تدعم موهبتي وتدلني على الطريق الصحيح، وهناك الكثير من الشباب الموهوبين الذين ضاعت أحلامهم وطموحاتهم لأنهم لم يجدوا يداً تمسك بهم فأصابهم الإحباط واتجهوا إلى طرق أخرى أقل إبداعاً، وأشار عبد الرزاق في نهاية حديثه إلى أن طموحه لا يعرف الحدود وأنه سيستمر في تطوير موهبته إلى ما لانهاية، لأنه ومن خلال تجربتي مع الرسم علمت حقاً أن الإرادة تصنع المستحيل ويمكن الوصول إلى الحلم والطموح بالإرادة القوية والعمل والاجتهاد رغم الفشل والخيبات والإحباطات المتكررة والدرب الصعب، متمنياً أن يهتم مجتمعنا بشكل أكبر بالمواهب المختلفة لأنه بالاختلاف نصنع التطور ونحقق بصمتنا الخاصة.
لوردا فوزي