مجلة البعث الأسبوعية

جنكيز خان يشكل أمريكا الجديدة.. عبث سياسي و”مسخرة” حقيقية!!

“البعث الأسبوعية” ــ ترجمة هيفاء علي

يرى معظم المحللين السياسيين الغربيين أن الوضع السياسي في الولايات المتحدة يزداد تعقيداً، وسيكون من الحماقة إضافة لبنة أخرى من العبث السياسي إلى كومة التعليقات السياسية الضخمة التي تثير السخرية بالفعل. ويتفق الجميع بعد التطورات الأخيرة على أن الولايات المتحدة ليست ديمقراطية، وهي مسألة وقت قبل أن يقروا أيضاً بأنه لا يهم من سيكون الرئيس.

وفي موقف افتراضي يعود ينا خطوات إلى الوراء، يمكن السؤال: ماذا سيفعل جنكيز خان لو جاء إلى الولايات المتحدة؟ وماذا سيحدث للولايات المتحدة لو كانت جزءاً من امبراطوريته؟ واقع الأمر، استوعبت امبراطورية المغول، أو “امبراطورية السماء الزرقاء”، التي كانت تضم معظم أوراسيا والاتحاد الروسي، شعوباً متعددة ما وفر بديلاً أفضل من القتال اللامتناهي. شكل جنكيز خان أوسع امبراطورية دنيوية في العالم، واستمرت لسبعة قرون تحت أسماء مختلفة، ولم يتمكن لا نابليون ولا هتلر من تدميرها. مُنعت امبراطورية “السماء الزرقاء” من الانتشار إلى الأمريكتين بسبب العائق الجغرافي المتمثل بمضيق بيرينغ الفاصل بين آسيا وأمريكا الشمالية، إذ لم يكن المغول بحارة، وهذا هو سبب غزوهم وحكمهم لكوريا وليس اليابان، علماً أن مضيق بيرينغ كان مجرد جسر بري منذ 13000 عاماً. ومع ذلك، لا ضير من الافتراض أن أحفاد جنكيز كانوا قادرين على قيادة قطعانهم وعرباتهم المحملة بالخيام والوصول إلى الأمريكتين وذلك بعد بضع معارك حاسمة، وربما بعد ارتكاب عدة مجازر بحق من رفضوا التعاون معهم، وسيتمكنون من إقامة السلام.

عندما سيذهب جنكيز خان إلى واشنطن لتسوية الأمور مرة أخرى، ماذا سيجد عندما يصل؟ وماذا سيفعل؟

أولاً، سيجد دليلاً واضحاً على اغتصاب السلطة، ذلك أنه في امبراطورية “السماء الزرقاء”، لا يمكن للأمراء أن يحكموا إلا بإرادة الخان العظيم، المعبر عنها في وثيقة رسمية تسمى “يارليك”، والتي بدونها لا يمكن المطالبة بالسلطة. إن إعلان الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة من قبل شبكات التلفزيون اغتصاب للسلطة العليا، وبالتالي، يعاقب عليه بالإعدام. نتيجة لذلك سوف يتم إجبار جميع الكوادر العاملة في جميع محطات التلفزيون الأمريكية على الركوع في مكان عام، ومن ثم القيام بقطع رؤوسهم.

ثانياً، سيجد جنكيز خان دليلاً واضحاً على الخيانة. وهنا، لابد من الإشارة إلى أن الفهم المغولي لمفهوم الخيانة واسع جداً. وعلى سبيل المثال، يعتبر الاستسلام في معركة ما بدلاً من القتال حتى الموت خيانة، ونقض القسم أمام الشعب حالة خيانة بامتياز، ولهذا السبب، فإن العديد من القضاة، بمن فيهم قضاة المحكمة العليا، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين في الدولة والاتحاد، الذين فشلوا جميعاً في الحفاظ على سيادة القانون من خلال عدم التصرف على أساس الأدلة المتوفرة على تزوير الانتخابات، سيعتبرون خونة. في الممارسة القانونية المغولية، فإن بعض الأفعال، مثل عدم تقديم المساعدة للمواطن عندما يطلب ذلك، يعاقب عليها ببساطة بالإعدام؛ ولكن يُنظر إلى الخيانة على أنها عيب وراثي يمكن أن ينتقل من جيل إلى جيل، وبالتالي يجب القضاء عليه واجتثاثه بدلاً من معاقبته بالموت. لذلك، يجب إعدام عائلة الخائن بأكملها، ونظراً لأن الإعدام العلني الذي يشمل النساء والأطفال يكون مأساوياً للغاية فإن الخونة وعائلاتهم سيُقتلون في منازلهم، ويُحرقون حتى الموت.

عندها سيضطر جنكيز خان، الذي قتل معظم الطبقة السياسية الأمريكية، إلى التفكير فيمن سيحل محلها، وسيجد أمامه العديد من الأشخاص الذين يمثلون الحركات الاجتماعية، مثل “حياة السود مهمة”، وحركة “انتيفا”، و”مجتمع الميم” الذي يشير إلى مثليي الجنس.. هؤلاء سيشرحون أن تجربتهم الذاتية مع القمع والتمييز هي فقط موضوعية، وسيخبره السود عن نظرية العرق الحرجة، والتي يعتبر جنكيز خان وفقها عنصرياً بطبيعته؛ أما أنصار الحركة النسوية فسوف يحدثونه عن اضطهاد النظام البطريركي الذي يعتبر الخان العظيم عينة منه من الدرجة الأولى، وحقه في الحكم على أساس أنه من نسل جنكيز الذكور، وستكون ردة فعل خان على كل هذه الممارسات بأنه سيسقط عن كرسي عرشه وفكه مفتوح أمام كل هذا الجنون.. لبعض الوقت. بالنسبة للمغول، فان العرق مهم جداً، فهو مركب يضم أفرع العديد من أشجار العائلة المتشابكة والهويات العرقية المتغيرة. الأصل الأبوي يساعد المغول على فهم بعض هذا التعقيد، ولكن لتجنب الصراعات العرقية، يجب أن يكون هناك في كل مكان أشخاص خارقون محددون بوضوح تُعتبر لغتهم وعاداتهم ومجموعة القوالب النمطية الإثنية الخاصة بهم سامية ومقلدة عالمياً. في “الامبراطورية الزرقاء” بأكملها، من الواضح أن المغول هم على رأس القائمة، بينما في كل مكان قد يكون هناك “أعراق محلية تسود لغتهم وعاداتهم. في أمريكا الشمالية، على سبيل المثال، من الواضح أن”ما فوق العرقي” المحلي هو الأنغلو/ أي الانكليز، وبالتالي من المتوقع أن يتحدث الجميع الإنجليزية ويقلدوا الصور النمطية للعرق الإنجليزي. المجموعات العرقية الأخرى – اليهود على وجه الخصوص – ليست جزءاً من هذا العرق لكنها تتمتع بامتياز.

هنا سوف يكتشف جنكيز خان حقيقة مروعة: بعض هؤلاء الأنغلو ركعوا علانية أمام الخاسرين في الانتخابات! ومن شأن هذه الخسارة المخزية أن تمنع الأنغلو من السيطرة مرة أخرى باسم جنكيز خان، لذلك يجب تطهير الـ “إنجليزي”. في هذه المرحلة، سوف يأخذ جنكيز خان نفساً عميقاً، ويغمض عينيه للحظة، ويقول: “اتصلوا بالصينيين وأخبروهم أنهم يستطيعون السيطرة على أمريكا فلم يعد هناك أحد هنا مؤهل للحكم”.