السلوك غير المحبب للأطفال ..وإشكالية المعالجة السليمة؟!
يطرح الأهل على الأخصائيين مجموعة من التساؤلات حول مشكلات سلوك أطفالهم غير المرغوب بها، وكيفية التغلب عليها، أو الحد منها قدر الإمكان باعتبارها مصدر إرهاق، وإزعاج، أو حتى قد تسبب للأهل الإحراج أمام الآخرين، بعد أن يصل الأهل لمرحلة العجز عن التعامل مع هذا السلوك، وكبحه رغم صبرهم على طفلهم، أو حتى انتظارهم تقدمه في السن، وقد يزداد الوضع سوءاً بعد تفاجؤ الأهل بعدم وعي طفلهم للمطلوب منه رغم تقدم سنه، ونضجه، وتكرار محاورته من قبلهم، مما قد يضطرهم لاستخدام أساليب غير محمودة في تعديل هذا السلوك، وبالتالي سينتج ذلك آثاراً قد تكون ضارة على الطفل سواء بشكل آني، أو في المستقبل فما الحل إذا لتعديل هذا السلوك؟.
تشجيع السلوك المحبب
من جملة الأسباب التي تدفع الطفل إلى مشكلات سلوكية كالعداء، والنشاط الزائد، ونقص الانتباه، أو تعمد إزعاج الآخرين، وغيرها من أنماط السلوك المحرجة للأهل، والتي تترك آثار سلبية على الطفل ذاته الذي قد يلجأ لهذه الأنماط من السلوك هي رغبته في جذب انتباه الأهل، وعدم قدرته على التعبير عن مشاعره فيتم ترجمتها عبر هذا السلوك غير المرغوب، إضافة لحب الطفل لتقليد الآخرين دون معرفته لعواقب، أو أضرار هذا السلوك وفقاً لما أكدته الدكتورة براءة المصري، كلية التربية، جامعة دمشق، متخصصة في التربية الخاصة، وتعديل السلوك، وتابعت المصري يكمن حل هذه المشكلات من خلال ما يسمى بالعلاج السلوكي، وهو عبارة عن استخدام طرق، وأساليب لزيادة وتيرة الاستجابات المرغوب بها، وبنفس الوقت إطفاء، وتقليل حدوث الاستجابات غير المرغوبة، ومن أهم المبادئ التي يعتمد عليها هذا الحل تشجيع، واستغلال رغبة الطفل في إرضاء الأهل، أو المعلم، أو الأشخاص المحيطين به لكي يحظى بمحبتهم، واحترامهم، وعلى الأهل أيضاً تشجيعه على التصرف بشكل مناسب للحصول على نتائج إيجابية توسع السلوك المرغوب، لذا فإن استثمار الطاقة الإيجابية لدى الطفل له أهمية كبرى في تعديل السلوك لأن مجرد فقدان الطفل لرغبته في إرضاء الأهل ينجم عنه مشاعر غضب، وسلوكيات غير مرغوبة، وهذا بدوره يتطلب من الأهل عدم الدخول في جدال مستمر مع الطفل لأنه لن يثمر بشيء نهائياً، وهذا بدوره سوف يدفع الأهل إلى تعديل سلوك الطفل عن طريق التهديد، أو العقاب، أو الضرب الجسدي لكي يستجيب طفلهم، بالمقابل فإن هناك طرق فعالة في تعديل سلوك الطفل كالجلوس معه لوقت معين، والتحدث معه حول موضوع يهتم به، وذلك لبناء علاقة إيجابية بين الأهل، وطفلهم، وبالتالي تزداد رغبة الطفل في إرضائهم، ومن الضروري لفت انتباه الطفل لشيء يحثه، ويغريه على الصبر لتعديل سلوكه كاللجوء إلى استراتيجيات التحفيز المادي، والمعنوي، ومن الأمثلة على ذلك قيام الأهل بوضع جدول يومي مخصص للطفل مقسم إلى خانات حيث يتم وضع إشارة سمايل، أو أي ملصق جميل عن كل سلوك مرغوب قام به الطفل خلال يومه، ومن ثم تحسب النقاط خلال نهاية الأسبوع فإذا وصلت إلى العدد المتفق عليه خلال الأسبوع يتم استبدالها بمكافأة معينة مرغوبة للطفل إضافة للمكافآت المعنوية كالحصول على وقت لمشاهدة التلفزيون في اليوم الأول ثم زيادة هذا الوقت في الأيام التالية، أو تغيير الرموز في جدول النقاط إلى نجوم، أو أشياء أجمل بحسب عمر الطفل، وميوله، واهتماماته، ويحتاج هذا الحل لنوع من الإبداع، والإتقان لدى الأهل ينبع من رغبتهم الملحة في الارتقاء بسلوك طفلهم نحو الأفضل، وبغض النظر عن السلوك المستهدف فمن الضروري التأكد من عدة أمور تتلخص في أن يفهم الطفل ما هو المتوقع منه، وأن تكون التوقعات معقولة، وضمن قدرات الطفل، وليست مستحيلة، وأن يفهم الطفل ماهي المكافآت التي سيحصل عليها في حال تلبيته للتوقعات، وأن تكون مكافآت بسيطة غير مبالغ فيها حتى لا يعتاد الطفل على عمل كل شيء له مقابل فقط، وأن يفهم الطفل العواقب السلبية التي ستنجم عن عدم تلبيته للتوقعات، وعلى الأهل متابعة الطفل من خلال ما سيقوم بعمله فهناك سلوكات غير مرغوبة مختلفة كما أنه يختلف كل سلوك عن الآخر بأسبابه، وظروفه، وطرق تعديله، فكل سلوك له استراتيجيات معينة قد تنفع معه لكنها لا تنفع لسلوك آخر، وفي النهاية لابد لنا من إحاطة الطفل ببيئة عائلية، ونفسية سليمة توفر له جميع عوامل النمو النفسي السليم كتعليمه ترتيب أغراضه الشخصية، أو أغراض المنزل، ومساعدة والديه بشكل بسيط، وتعليمه اكتساب بعض المهارات المناسبة لعمره، والاستفادة من وقته في تعلم هوايات مفيدة له في المستقبل، وليس الهدف منها اللهو والتسلية فقط.
بشار محي الدين المحمد