ناديا سعيّد: أبتكر مدرسة تشكيلية بيئية ونفسية
حلب ـ غالية خوجة
تشكيلية وكاتبة حلبية، جمعت بين التدريس ودبلوم التجارة والأدب الإنكليزي والحياة والإبداع، ابتكرت الفنانة ناديا سعيّد من ثيمتها الموضوعية ما يميز ثيمتها الفنية، ورغم الصعوبات، واصلت مع ألوانها العبور إلى البيئة بمفرداتها التشكيلية، وأشجارها المختلفة، ودخلت من زاوية التبئير العميقة للذات إلى دماغ الإنسان، ووظفت علم النفس بين الصحة والتقنية والدلالة، فأنتجت فلسفتها بتشكّلات فراغية وكتلية، معتمدة على تدرجات لونين أساسين الأزرق والأحمر، وهنا نتساءل: هل لذلك علاقة بين الأشعة البنفسجية وما تحت الحمراء أم أنها الصدفة؟
فأجابت: لاشك أن اللون الأزرق يعبر عن الصفاء واللون الأحمر عن الحيوية، ولكن بعض الأحيان أستخدم اللون كدلالة واضحة على فكرة معينة، مثلاً مع أضرار زيادة تركيز الأوزون أضطر إلى استخدام اللون الأصفر لأوراق النبات كدلالة لأن من سلبياته إتلاف مادة اليخضور، أيضاً، عندما أرسم لوحة تتناول أضرار ثاني أوكسيد الكربون أستخدم اللون الأسود لأن هذا الغاز يميل إلى السواد بطبيعته، وعندما أعبر عن ارتفاع حرارة الأرض يظهر اللون الأحمر، إذن، للألوان دورها المهم في توضيح الفكرة، إضافة للحرية في استخدام اللون عند تغطية ما تبقى من مساحة اللوحة لتشكل نوعاً من الانسجام الجمالي الذي يقدم اللوحة كعمل فني ونص علمي، وهذه المعادلة التشكيلية كانت بسبب الرفض القاطع لأسلوبي لأن الوسط التشكيلي يرى أن العلم ينفصل عن الفن لأنه ثقافة بصرية فقط!.
واسترسلت: هذا لا يعني أن أفصل نفسي عن الوسط التشكيلي، ولا أن أغرق نفسي فيه، بل أتبع سياسة إرضاء الذات والذوق العام من خلال موضوعاتي ذات الطابع الثقافي مثل ما يخص الطفولة والمرأة والشباب وأحلام اليقظة وأهمية الكتاب.
تكتبين وترسمين، ما أهم ثيمة جمالية، برأيك، تجمع بين الفنين؟
الرسم والكتابة نصوص فنية تختلف فيها الأدوات وحسب، وهنا، أؤكد: أن تفصل القطرة عن بحرها ففي مداها منتهى أمرها فهذه حقيقة لا تقبل الشك، وبالمقابل، أن تترك القطرة في بحرها فإن ذلك يعني أن يتلاشى أثرها وينتهى أمرها، ولا مفرّ إلاّ بصناعة قارب لها لتجدف في بحر الحياة تاركة أثراً فارقاً، لذلك، أودعت مشروعي في قارب يجدف في بحر الواقع ليكون علامة فارقة، لأن خير أثر يتركه الإنسان علم ينتفع به، يضاف إلى المخزون المعرفي للمتلقي.
وأضافت: الملونون كثر، ومنهم ملونون بارعون، لكن، أين الإبداع؟ لقد وجدت في العلم خير اختلاف جاهدة لتسخير الفن لخدمة العلم الذي هو بالتالي لخدمة الإنسانية، ولم أخرج عن مدارس الفن التشكيلي كالسوريالية والتجريدية، لكن الاختلاف كان في التقنية المستخدمة ومنها الأحبار الملونة للتميز والخروج عن المألوف، وتقنية الحبر الجاف تعتبر من السهل الممتنع، إضافة إلى التقنيات اللونية الأخرى كالزيتي والاكرليك والمائي.
وتابعت: كل ذلك يجعل الكتابة والرسم عالماً واحداً، أضيف إليه القراءة والاطلاع لأن مواضيعي مبنية على مراجع علمية منها علم البيئة والطبيعة والنفس، ولذلك تمت الموافقة على إدراج بعض أعمالي في المناهج الدراسية، وهناك أعمال قيد الدراسة لإدراجها، كما أن مديرية الثقافة بحلب اقتنت لوحة تجسد أهمية العلم كأساس ضروري لكل الثقافات.
ما ذكرياتك مع أول معرض فردي؟ متى؟ ولماذا؟ وكم معرضاً أقمت حتى الآن؟
أول معرض فردي زيتي أقامته نقابة المعلمين أواخر التسعينيات في المتحف الوطني بحلب، ونلت عليه كتاب شكر من النقابة، ثم توالت المعارض لتكون 40 فردياً مابين الجهات الرسمية والجامعة.
لو اعتبرنا المحلية والعربية والعالمية جداراً في أحد الغاليريهات ـ المعارض ـ ماذا كنت ستعلقين عليه من أعمالك؟ ولماذا؟
لو شاركت في معارض خارجية، أفضل تعليق اللوحة ذات الأسلوب الذي تفردت به ليميزني عن أقراني.
تعتمدين على الرياضيات في الرسم، وأيضاً الحروف العربية والأجنبية؟
أدرج بعض الأرقام والأحرف إذا احتاج الأمر للدلالة على فكرة ما، أو لزيادة توضيح معلومة معينة، خصوصاً، العلمية سواء النظريات أو العمليات العقلية المجردة، فلا فرق بين العالم والفيلسوف.
وعن المشهد التشكيلي عموماً، وفي حلب خصوصاً، وعن تجربتها مع النقاد، قالت: المشهد التشكيلي بخير، وهناك تجارب تشكيلية إبداعية سواء اختلفت معي أو اتفقت، وبلا شك، فلولا بعض النقاد، لما تطورت تجربتي، واستقطبت معارضي النخبة والذائقة، ولما عانيت أحياناً من هجوم البعض من الوسط التشكيلي لأني أرسم مواضيع ذات طابع علمي، لكنه مشروعي وأنا ماضية معه.
وعن أسرارها الأخرى، قالت: لقد وثقت مشكلات التلوث البيئي في كتاب انتهيت منه، واسمي مدرج في قائمة تضم أسماء فنانين محلياً وعربياً وعالمياً، و”غوغل” يوثق فعالياتي، وأجزم أنه لا أحد يرسم في مجال التلوث البيئي سواي، ولذلك، نلت عضوية جمعية المخترعين الذين اعتبروا مشروعي الفني ابتكاراً لمدرسة.