تحقيقات

مركز الأطراف الصناعية بحمص بحاجة إلى مزيد من الدعم..!

جاءت ولادة مركز الأطراف الصناعية بحمص في العام 2016 نتيجة حتميّة للمنعكسات الخطيرة التي ألقتها الحرب الإرهابية على الشعب السوري، إذ تعرّض العديد من المواطنين لبتر أحد الأطراف أو حتى الطرفين، وهذا المركز منذ ولادته حتى الآن يقدّم الخدمات الصحية لهؤلاء المصابين، فمن المعالجة من الآثار السلبية للبتر إلى تركيب الأطراف الصناعية مجانا ًليخدم المواطنين المصابين من العسكريين والمدنيين على حدّ سواء، ويوفر عليهم عناء السفر والجهد والمال إلى دمشق من أجل المعالجة وتعويض الأطراف المفقودة.

الخدمة مجانية

الكثير من المصابين حتى من محافظات أخرى قريبة من حمص يقدّم لهم المركز المعالجة والأطراف اللازمة مجاناً، وقد عبّر الكثير منهم عن ارتياحهم للمعاملة الجيدة التي يقدمها هذا المركز من عناية كبيرة واهتمام أكبر. وأكد أحد المصابين في الحرب (شادي من حمص) أن الحرب الإرهابية تسبّبت في بتر الطرف السفلي الأيمن مما أدى لإصابته بالغرغرينا وهذا الأمر أدى لبتر كامل الطرف، وأوضح أنه بات بحاجة لتركيب طرف صناعي مما حدا به لمراجعة المركز بحمص، وتمّ التعامل مع حالته باهتمام كبير من خلال تصنيع الطرف الصناعي من أجل التدرّب عليه، وتزويده بالتعليمات اللازمة حتى تستقيم حالته الصحية. بينما عبّر المصاب (خليل من حماة) بعد إصابته ببتر سفلي تحت الركبة عن ارتياحه لتحويله إلى مركز حمص المحدث بعد أن لاقى الاهتمام الكبير بحالته من خلال قيام الفنيين بإجراء ما يلزم من القياس والصناعة والتركيب للطرف منذ حوالي عام، وبيّن أن مراجعته اليوم للمركز من أجل تعديل “السوكيت” الذي يتكوّن من قميص بلاستيكي للطرف المبتور يتضمن ارتكاز وتعليق الطرف، وهو مصنّع من البرلون وريزون بلاستيك وآليات كربون وآليات زجاجية إضافة لجراب خاص من السيلكون.

أين التعويضات؟
من الغريب أن هذا المركز الحيوي بخدماته الكبيرة يقوم على ثلاثة فنيين فقط يقدمون حجم عمل يحتاج إلى ضعف هذا العدد منذ إحداثه، ولن ننسى أن عملهم من الأعمال الخطرة، بدءاً من المواد الكيميائية الضارة والخطرة في ظل انتشار فيروس كورونا، لكنهم ورغم كل هذه الصعوبات والأخطار التي تحيق بهم لم تصرف لهم أية تعويضات، إضافة إلى أنهم بحاجة لألبسة وقفازات خاصة وخوذة، وقد يتعرّضون للإصابة بجروح كثيرة في أيديهم أثناء استخدامهم آلة التصنيع، واستنشاق الروائح الكيميائية الكريهة المؤذية التي تنبعث من المواد الأولية من وقت لآخر. واعتبر أحدهم أن العمل إنساني بحت ويتحملون كل هذه الأعباء وكل هذا الظلم من أجل بث الحياة مجدداً لمصاب قد يعود لحياته الطبيعية مع هذا الطرف الصناعي، وطالب آخر بزيادة عدد الفنيين قياساً لحجم العمل، متمنياً تعديل طبيعة العمل فهي لا تتجاوز 4% ولا تتناسب مع حجم العمل الكبير، ولم ينسَ الفني الثالث أن يطالب المعنيين بإقامة دورات تأهيل له ولزميله، وخاصة في حالات البتر من الركبة وما فوق، مع ورود الكثير من هذه الحالات للمركز والتي يتمّ إحالتها لمشفيي ابن النفيس وحاميش لعدم وجود خبرات خاصة بتصنيع هذا النوع من الأطراف، ويؤكد أن الدورات باتت ضرورية لأنها تعمل على رفع سوية الخبرة العلمية الخاصة بالأطراف العلوية ما فوق الركبة.

حاجات المركز متعددة
بينت مديرة المركز الدكتورة نسرين طراف أن المركز تأسّس في العام 2016 نتيجة الإصابات الكثيرة التي تعرّض لها المواطنون خلال سنوات الحرب الست التي سبقت تأسيسه، وجاء بهدف توفير الجهد والوقت والمال وعناء السفر التي يتعرّض لها المصابون في المحافظة والمحافظات القريبة من حمص. وأوضحت طراف أن إحدى المنظمات قامت بدعم المركز وقدمت المواد الخاصة بصناعة الأطراف الصناعية وتكفلت بإقامة دورات خاصة بالبتر تحت الركبة للفنيين الثلاثة الموجودين بالمركز الذي يحتاج إلى فنيين آخرين من أجل تغطية حاجة المركز الذي ينتظر خريجي المعهد الصحي من هذه الاختصاصات، وأكدت أن المركز يحتاج أيضاً لقطع الأطراف الصناعية التي تتعلّق بالأقدام ومحاور المفاصل وجرابات السيلكون والشوك والسوكيت، إضافة لاستجرار المواد الأولية من مديرية صحة حمص، وتأمين أجهزة المعالجة الفيزيائية والمعالجين الفيزيائيين، معتبرة أن ضيق المكان يربك العمل.

وأشارت طراف إلى أن المركز يعمل بدأب طيلة أيام الأسبوع مع تقديم خدماته للمواطنين من عسكريين ومدنيين مجاناً، حيث يتمّ تصنيع الأطراف بخبرات وطنية أكاديمية باختصاص أطراف صناعية بدائل ومقومات، وتمنّت أن يتمّ التعاون مع وزارة التعليم العالي من أجل إقامة دورات تخصصيّة بالبتر فوق الركبة وللأطراف العلوية لتأهيل الفنيين وتحسين أدائهم ليقدموا خدماتهم بأفضل ما يمكن للمواطنين.

بانتظار الدعم

مركز الأطراف الصناعية بحمص قدّم خدمات كبيرة للمصابين منذ تأسيسه حتى الآن، حيث بلغ عددهم أكثر من 600 مريض، منهم من احتاج “سوكيت واحد أو اثنين” حتى يستقر وضعه، مع العلم أن الطرف يصل ثمنه إلى 600 ألف ليرة، بينما المركز يقدم الطرف للمصابين وطنياً بنوع أول مصنوع من مادة البولي، وبتوفر السيلكون سوف تصنع الأطراف من النوع الممتاز وستخصّص لحالات مرضية خاصة في ضوء الإمكانيات المتاحة، فهل سيُدعم هذا المركز بما يحتاج ليبقى السند الحقيقي لكل مصاب بالبتر في أحد أطرافه؟..

نزار جمول