إدارة بايدن توقف صفقات السلاح للتحالف الخليجي
سمر سامي السمارة
يبدو أن الضرر الذي لحق بصورة أمريكا الدموية، هو الهاجس الأكبر لبايدن وبلينكين، فقد أعلن أنطوني بلينكين كبير الدبلوماسيين، والذي عيّنه الرئيس الأمريكي الجديد مؤخراً، وزيراً للخارجية، عن وقف مبيعات الأسلحة للنظام السعودي ومشيخة الإمارات، بدافع القلق الواضح من استخدام الأسلحة الأمريكية في الحرب المروّعة على اليمن.
كانت الدعوة لوقف صفقات الأسلحة مع مملكة آل سعود والإمارات التي ألغتها إدارة ترامب السابقة، واحدة من مبادراته الأولى بعد توليه المنصب، فبالرغم من القلق المتزايد للحزبين في الكونغرس، بسبب مبيعات الأسلحة الأمريكية للمملكة والإمارات واستخدامها في هجمات غير قانونية في اليمن، تجاهل ترامب كافة المناشدات لوقف مبيعات الأسلحة.
ومن الجدير بالذكر، أن تلك الحرب، أسفرت عن أسوأ أزمة إنسانية حالية في العالم، حيث يواجه ملايين اليمنيين المجاعة، وسط أدلة متزايدة على الأعمال الوحشية التي تُرتكب ضد المدنيين جراء الضربات الجوية السعودية والإماراتية، وأن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا متورطة في أهوالها، بسبب تزويد التحالف السعودي، بالطائرات الحربية والصواريخ التي تهاجم بها اليمن.
لقيت مبادرة الإدارة الجديدة للرئيس جو بايدن، حول تعليق إمدادات الأسلحة للسعودية والإمارات، الترحيب، فقد تعهّد أنطوني بلينكين خلال جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ مؤخراً، باستعادة صورة أمريكا الدولية التي شوّهها الرئيس السابق ترامب ووزير خارجيته المتغطرس مايك بومبيو. لذا سوف تجتهد الإدارة الجديدة لتلميع صورة أمريكا المفترضة –المبالغ فيها على نحو فاضح- لإظهارها كمنارة لحقوق الإنسان وسيادة القانون. وهنا، يمكننا التأكيد أن المحرك الرئيسي لما يقوم به بايدن وبلينكين، هو الحاجة الملحة لإعادة تأهيل سمعة واشنطن، وليست المعاناة التي يعيشها اليمنيون، فتورّط الجيش الأمريكي في اليمن تجاوز كل الحدود، ولا مبرّر لتوريد الأسلحة لدول التحالف لتمكينها من هذه المذبحة والإبادة الجماعية، كما أن استشهادها بمزاعم دعم إيران للجان الشعبية، الذي يفتقر إلى المصداقية، تستحق الازدراء، فطالما كانت تلك المزاعم ذريعة تدعو إلى السخرية، والهدف منها شنّ حرب عدوانية على اليمن، التي تعتبر أفقر دولة في المنطقة العربية، لكنها تقع في موقع استراتيجي على جانبي البحر الأحمر والمحيط الهندي. لذا فإن وقف تدفق الأسلحة الأمريكية إلى المملكة والإمارات، ليس قراراً صعباً أو أخلاقياً، فهو أقل ما يجب أن تفعله واشنطن لوقف هذه الأهوال.
إضافة إلى ما سبق، هناك أسباب أخرى، جعلت من قرار إدارة بايدن المتعلق بنقل الأسلحة إلى اليمن بالكاد، يستحق الثناء. فإدارة أوباما هي التي مكّنت الحرب التي قادتها المملكة على اليمن في 2 آذار 2015، وقد كان بايدن نائباً للرئيس في تلك الإدارة، وكان أنطوني بلينكين نائب وزير الخارجية داعماً رئيسياً لتزويد مملكة آل سعود والإمارات بالأسلحة في حربهما العدوانية غير الشرعية. الآن هؤلاء الأشخاص هم أنفسهم الذين يتظاهرون بأنهم أكثر حكمة وإنسانية من خلال التوقف وسحب كلاب الحرب التي أطلقوها في السابق على اليمن. وبالعودة إلى الوراء قليلاً فقد وصلت قيمة إحدى صفقات الأسلحة الكبيرة التي أبرمتها إدارة ترامب مع الإمارات المتحدة -صفقة بيع الطائرة المقاتلة الشبح -F-35 إلى 23 مليار دولار، وكان هذا جزءاً من المقايضة المؤيّدة للإمارات التي أبرمت “اتفاق السلام التاريخي” المفترض مع الكيان الصهيوني العام الماضي. ومع ذلك، أعلن الإسرائيليون في ذلك الوقت أنهم اعترضوا بشدة على بيع الأسلحة المتطورة.
الجدير بالذكر، أن صفقة طائرات F-35 التي تمّ بيعها للإمارات، هي جزء من مبيعات الأسلحة المعلقة من قبل إدارة بايدن، ما يثير الشكوك في أن دوافع الرئيس بايدن وأرفع دبلوماسييه المؤيد بشدة للكيان الإسرائيلي أنطوني بلينكين غير معنية بالشكل الحقيقي بمعاناة اليمنيين، فهم من بدأ بهذه الكارثة، وهم المسؤولون عن المذبحة التي بدأت منذ ست سنوات، لذا من الواضح أن الهاجس الأكبر هو الحدّ من التشوّه الذي لحق بصورة أمريكا الدموية، وكذلك تقديم خدمة كبيرة للكيان، خاصةً وأنه خلال جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ، قال بلينكين بشكل واضح، إن إدارة بايدن سوف تتشاور عن كثب مع الكيان الصهيوني بشأن جميع سياساتها في الشرق الأوسط.