جمال عبود.. وداعاً
ذهب جمال عبود إلى نهايته وحيداً في منامه الأخير، تاركاً خلفه علبة التبغ اللعينة، وبعض الرفاق المنهكين من حلم عادي، ومن تعب الحياة، لم نتفق يوماً على ما وصفتك به بأنك تشبه في الشكل الشاعر الأحب عندي “معين بسيسو” لولا بعض الفوارق في الوجه والقصيدة، وذلك الاختلاف الحاد في نهاية الكتابة، فهو اختار أن يقول ويموت، وأنت اخترت أن تكتب لتعيش وتحيا، ولم يكن في وارد أي منا الرحيل، نقول عن الموت وكأننا لن نموت، ربما كنا فقراء أكثر مما يحتمل العمر، ولم نوفق يوماً في صنع كأس الشاي اللائق بمزاجنا العكر، ولم ننجُ بمن نحب.
“غلطان يا بطيخ، حكي بردانين، وقصص وكتب أخرى” تتأبطها متعباً ومعاتباً، هكذا أراك اليوم متباهياً في قبعة الفرو الدافئة التي حصلت عليها بعد الستين، تحمي رأسك من برد يصيب عزلتك وأنت تمشي إلى البيت في دمر عائداً من ساحة الأمويين أو وسط العاصمة، هكذا أراك مثل أول مرة التقينا منذ ثلاثين عاماً بملامح واضحة لصحفي مشغول بأوراقه، ومنهمك في متابعة تنفيذ الصفحة الثقافية دون أن ينتبه إلى أثر القهوة على زوايا فمه.
جمال عبود، الأديب والصحفي والزميل الودود، حسبي أنك الآن في مكان أكثر راحة وهدوء، تنام جوار أمك ولا تنتبه لنا نحن الفقراء، وإن كنا نشبهك.. لروحك الجميلة السلام.
أكسم طلاع