أسماكنا بالبنط العريض..!
إذا كان بحرنا فقيراً بأسماكه، وفق ما يتداوله ويروّج له المعنيون والعامة وأصحاب المصالح، خلافاً لما هو عليه البحر نفسه في الدول المجاورة القريبة والبعيدة التي نتشاطأ معها مياهه، فلماذا لا نستزرعه؟!.
نعم.. لماذا نقصّر في استزراع السمك البحري المرغوب شعبياً في مزارع بحرية يمكن إقامتها بين ليلة وضحاها – إن أردنا وشئنا – في أي نقطة على طول المئة وثمانين كم، وبالبنط العريض نسأل: ما الذي يعيق ويعرقل تنفيذ مزارع الأسماك البحرية؟ هل المشكلة في الهيئة العامة للثروة السمكية، أم المديرية العامة للموانئ، أم في القوانين والأنظمة المعمول بها.. أم أين؟!.
وإذا كانت مشكلة فقرنا السمكي في هذه المفاصل والعقليات التي تسيّرها وتديرها فلماذا لا نغيّرها ونقلبها رأساً على عقب، لأنه من غير المنطقي ولا المقبول أن نفتقر لوجود ولو مزرعة واحدة للسمك البحري تعوّض النقص الحاصل! لكن يبدو أن وراء الأكمة ماوراءها، وأن هناك من يستفيد من الوضع القائم ويعتاش على هذه الندرة التي تتسبّب بجنون أسعار سمك لا مثيل له لا قبلاً ولا بعداً، لا داخل البلاد ولا خارجها، ويعمل ويجهد على إبقاء الحال على ماهي عليه لتحقيق المزيد من الأرباح اليومية الخيالية التي يجنيها تجار السمك الكبار الذين يهيمنون ويحتكرون سوق السمك وتقلباته بإمساكهم بخيوط وأطراف اللعبة، وإتقانهم التحكم بإعاقة وعرقلة كل الإجراءات والتعليمات التي تكسر طوق الدائرة المغلقة الضيّقة وتحكّم لاعبيها بالسوق ووفرة أسماكه وأسعارها.
وللخروج من “دائرة الطباشير”، لا بدّ من توافر النيّة والقرار الرسمي الحكومي الذي يدرك ويعي جيداً خطورة ما يدور ويجري في الخفاء، وفي الوقت نفسه يعلم أهمية أن تكون وجبة السمك بما تمتلكه من مقومات وقيم غذائية عالية في بلد يمتلك بحراً متاحة – اقتصادياً – للأسر الفقيرة قبل الغنية. وهذا لن يكون بطبيعة الحال إلا من خلال إعادة تقييم موضوعية شفافة وشاملة لكل القوانين والقرارات والإجراءات الناظمة لعمليات الصيد البحري بكل أشكاله، واستصدار تشريعات عصرية ترفع يد “المتربصين” بثروتنا السمكية، وتدعم راغبي الترخيص لإقامة مزارع السمك البحري – وما أكثرهم – وتقديم المزايا التشجيعية والمحفزات التي تكسر القيود واللاءات الإدارية وتمنح القروض والإعفاءات الضريبية، وتؤمّن المعدات والوسائل والأعلاف، وتشجّع المنظمات والجمعيات والمجتمع الأهلي لإقامة مشروعات المزارع البحرية وتسويق إنتاجها. وسنرى حينها وفرة الأسماك وتنوعها بأسعار منطقية تتناسب مع المداخيل، ماسيتيح للأسر تناول وليمة السمك التي يحلمون بها، وتجاوز حصة الفرد من الأسماك التي تقلّ عن واحد كغ في العام، مع الأسف!!.
وائل علي