حصاد الصمود؟!
الحديث عن الصعوبات والتحديات المعيشية بات استهلاكياً منهكاً بالكثير من التصريحات التي تزيد “الطين بلة” كما يقال، وذلك لجملة من الظروف، من بينها ضعف أداء البعض، وفساد البعض الآخر، ولابد هنا من الإقرار بالحقائق التي تمثّل نتائج الحرب على الإرهاب، والصمود في وجه الحصار الجائر (قانون قيصر) الذي لاحق لقمة عيش المواطن السوري، وهذا الكلام أثبتته يوميات الناس، وطوابير الانتظار على المواد الأساسية، فالمواطن يمر هذه الأيام بصعوبات حياتية جمة جعلته عاجزاً عن تأمين أبسط مستلزماته الحياتية التي تؤمن له المعيشة اللائقة، وفي الوقت ذاته تقيه شر الحاجة التي استوطنت يومياته المثقلة بأعباء وهموم لا تعد ولا تحصى لأسباب معروفة، وفي مقدمتها حالة الصمود التي قل نظيرها في العالم لبلد يواجه الإجرام الإرهابي.
في المقابل، وأمام هذه الظروف الصعبة التي نمر بها جميعاً، ومع تأكيدنا على دور الجهات المعنية وواجبها في تأمين كل المتطلبات المعيشية للمواطن، علينا أن نعي تماماً أنه ليس كل شيء مطلوباً من الدولة، فهناك مسؤولية اجتماعية على المجتمع الأهلي بكل مكوناته (رجال الأعمال والتجار) من خلال القيام بدور اجتماعي في مختلف جوانب الحياة، بحيث يتصدى كل في موقعه، مواطناً كان أو مسؤولاً أو مؤسسة، لمهامه ومسؤولياته على أكمل وجه، وبتوحيد الجهود والعمل المشترك والتنسيق يمكن مسح آثار الحرب، ومكافحة الفساد، والانطلاق نحو مرحلة جديدة في حياة البلد.
واليوم، نجد أن الكثير من الحملات المغرضة بدأت بتنفيذ أجنداتها المشبوهة التي تستهدف أولاً معنويات المواطن السوري المقاوم الصامد الصابر أمام كل التحديات التي فرضها الحصار الجائر، وثانياً مستقبل البلد، وذلك عبر بث الأكاذيب والسموم، وتعميق الفجوة بين المواطن والجهات المعنية، والترويج لحالة التهالك والإنهاك للمؤسسات التي نراها على عكس ما يتم الترويج له تعمل بكامل طاقاتها رغم ما تعرّضت له خلال سنوات الحرب من سرقة وتخريب من قبل المجموعات الإرهابية، ومن استنزاف لإمكاناتها التي حُشدت على جبهة الحرب للدفاع عن السيادة،
باختصار، حصاد عشر سنوات من الحرب والصمود بات وشيكاً، ولابد من تضافر الجهود من أجل سورية الموحدة ومستقبلها الذي يجمع الأماني الشعبية بكل فئاتها وأطيافها، والرهان على الوعي الشعبي ليس خيالاً، بل يشكّل الأمل الوحيد، وليكن الجميع على أهبة الاستعداد، فضنك العيش الذي يسيطر على الحياة يفرض المزيد من التعاضد والتماسك، وتوحيد الخيارات، وفرض الإرادة الشعبية، وكسر تلك الإرادة الدولية المتآمرة على مصير الشعب السوري، وهنا يتوجب استذكار سورية قبل بدء الحرب عليها لتكون دافعاً للتفاؤل، وحافزاً للأمل بالمرحلة القادمة.
بشير فرزان