ماهر الدويدي: غايتنا صناعة أفلام ذات محتوى هادف
الكثيرُ من الشغف والطموح هو ما يدفع الشاب ماهر الدويدي إلى صناعة الأفلام القصيرة الهادفة التي يحمّلها أفكاراً نبيلة في صورة فنية جميلة وتقنية احترافية ذات مستوى عالٍ، لتكون سفيرته إلى أحلامه وليكون هو البطل أمام الكاميرا ووراءها فيحصد ثمار الأمل والعمل أفلاماً أقل ما يقال عنها إنها فريدة، ومنذ أيام قليلة خرج إلى النور آخر أفلامه “سجين أفكاري”، الذي يعبّر عن واقع حال الشاب السوري والأفكار التي تتصارع داخله.
بداية التجربة
“سجين أفكاري” الذي لاقى صدىً إيجابياً على منصات التواصل الاجتماعي، لم يكن أول أفلام الشاب ماهر، وبالطبع لن يكون الأخير في مسيرته التي يخبرنا عنها بالقول: لم تكن الهندسة التطبيقية التي أدرسها بوابتي إلى صناعة الأفلام، فهي أبعد ما تكون عن هذا المجال، ولكن الرغبة والإرادة هما من جعلني أطرق هذا الباب بمجهود شخصي، لأن التمثيل كان حلمي منذ البداية، ولذلك قرّرت صناعة أفلامي الخاصة وبدأت بتعلم المونتاج والإخراج لأخلق فرصتي بنفسي بصناعة الأفلام. في البداية كنت أستخدم تقنيات بسيطة بالاعتماد على هاتفي الخاص، ولكن بعد فترة من العمل كان لابد من تحسين جودة الصورة والفيلم، لذلك طوّرت مهارتي في التمثيل والمونتاج ولم أعد أكتفي بالقيام بالمونتاج لأفلامي الخاصة، بل أصبحت مسؤولاً عن ذلك في أفلام أخرى، وكان لي تجارب في تصوير و”منتجة” بعض الإعلانات، خاصة وأنني أعتمد على تقنيات عالية الاحترافية لم يرها المشاهد العربي إلا في مشاهد سينمائية وأفلام أجنبية، متابعاً: وبالتوازي مع تطوير تلك المهارات امتلكت كاميرتي الاحترافية الخاصة للوصول إلى صورة أجمل لتقديم أفلام احترافية، وأولها فيلم “زاوية أخرى” الذي كان يدعو إلى عدم النظر إلى الأمور من زاوية واحدة ومحدّدة واحترام وجهات النظر الأخرى وتفهمها بدل لومها، فالحياة تتسع للجميع، والفيلم الثاني كان “٤ الباستون” وغايته الأساسية الترفيه وصنع الابتسامة ليخرج المشاهد من مشكلاته الشخصية وينسى همومه عبر عشر دقائق من الكوميديا، أما “شيزوفرينيا” فقد سلّط الضوء على المصابين بمرض الانفصام الشخصي وكيف يتعايشون مع هذا المرض، وما تأثيراته على حياتهم مع اقتراح حلول لمساعدتهم، كذلك قدمت فيلماً موجهاً للأطفال يحمل قضية مهمّة للغاية، وهو “العدالة لجميع أطفال العالم”.
سجين أفكاري
تدور أحداث الفيلم القصير “سجين أفكاري” حول حياة الشباب السوري وما يواجههم من صعوبات ومعوقات -كما يقول ماهر- وما يعترض طريقهم إلى تحقيق أحلامهم وطموحاتهم من مشكلات، ولكن هذه المشكلات تؤدي في النهاية إلى نتيجة إيجابية تتمثّل في نضج ووعي يساعدان على تخطي ما تحمله القادمات من الأيام، باختصار، الفيلم يحكي قصة صراع يعيشه شاب مع أفكاره وتجاربه في الحب والطموح، وهو موجّه لكل فئات المجتمع وليس محصوراً بفئة الشباب. ويؤكد ماهر أن “سجين أفكاري” يتصف بالاحترافية العالية في المونتاج الذي سيجعل المشاهد بعيداً عن الملل منتظراً لمتابعة الأحداث ومترقباً للمشهد التالي، كما أنه يضمّ أكثر من فكرة وهدف ورسالة معاً قدمتها بطريقة فنية متطورة أكثر من تجاربي السابقة، مع دقة احترافية عالية بالصورة وطريقة تصوير مدروسة جداً ابتداءً من زوايا التصوير، وكيفية تحريك الكاميرا مع كل مشهد، وقد كنت المسؤول عن كل شيء متعلق بصناعة الفيلم، فهو فكرتي وكتابتي وأنا من قمت بعمليات المونتاج والإخراج وكذلك التمثيل، باستثناء التصوير الذي قام به صديقاي مصعب برغل وأحمد اللحام، كما أنني الممثل في جميع أفلامي ليس بسبب حبي للتمثيل فقط، ولكنني أرى أنني الأقدر على إيصال فكرتي ورسالتي من الفيلم بشكل أفضل، ومن الطبيعي أن يكون تجسيدي لها مكملاً لكل المراحل التي سبقتها من أجل الوصول إلى صناعة محتوى خاص بي. ولكنه يعود ليوضح: رغم امتلاكي لمهارات متعددة إلا أنني أعمل ضمن فريق من الأصدقاء، نتبادل الأدوار في كثير من الأحيان، ونقدم خبراتنا لبعضنا البعض في الكتابة والتصوير وغيره لكي نكمل إمكانياتنا المختلفة.
جهد ذاتي
على الرغم من امتلاك ماهر لكل ما يؤهله ليكون نجماً واعداً ويستحق الاحتضان والدعم في خطواته إلا أنه يقول: بكل أسف في الواقع لم نتلقَ دعماً يُذكر لما نقدم، واعتمادنا الكليّ في تقديم مواضيع جدية كان على جهودنا وسعينا الذاتي، حيث نقوم بنشر الأفلام بالاعتماد على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، وتعتبر هذه الطريقة هي أهم وأنجع وسيلة للوصول إلى المتلقي الذي أصبح هاتفه الخليوي رفيق دربه ولحظاته، ما يحقق لنا سهولة وسرعة في وصول ما نقدمه إلى أكبر عدد من المشاهدين، كما أنه يتميّز بالقدرة على معرفة الصدى الحقيقي من خلال تعليقات رواد وسائل التواصل الاجتماعي والذين يمثلون فئات مختلفة من المجتمع، وقد حققت أفلامنا نسبة مشاهدة جيدة ولكن تلك الأرقام لم تصل إلى مستوى طموحنا، وفي النهاية أنا لا أؤمن بعدد المشاهدات، بل ما يهمني هو حجم التأثير الذي تتركه أفلامي لدى الفئة التي وصلت إليها والصدى الإيجابي الحقيقي، وبالطبع فإننا مع الوقت سنصل إلى طموحنا ونحقق غايتنا التي تتمثل بصناعة أفلام ذات محتوى نبيل وأفكار قيّمة وهادفة تصل إلى جيل الشباب وتلعب دوراً حقيقياً في وعيه ونضوجه.
لوردا فوزي