“عود ولوت.. الجد والحفيد” على مسرح الأوبرا
أقيمت على مسرح الأوبرا أمسية بعنوان “عود ولوت.. الجد والحفيد” بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، جمعت بين العود بالعزف المنفرد ومرافقة الفرقة مع العازف والمؤلف كنان أدناوي، وبين عازف اللوت يزن الجاجة، فقدمت للمرة الأولى آلة اللوت المنبثقة عن آلة العود والتي ظهرت في أوروبا، فأضفت سحراً على الأمسية بالبعد الهارموني لديها.
وكما ذكر باغبودريان على المسرح فإنه اختار مقطوعات مناسبة لفكرة الأمسية، فالمؤلف الإيطالي -أوتورينو ريسبيغي- في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ألّف ثلاث متتاليات استرجع فيها الأغنيات والمقطوعات التي كُتبت في القرن السادس عشر لآلة اللوت بمرافقة غناء أو لعزف اللوت فقط، ثم قدّم ريسبيغي نسخة أوركسترالية لها. كما تحدث عن أهمية العود وتأثيره بالموسيقا العربية والشرقية، وعن آلة اللوت التي نشأت عن العود في أوروبا وأخذت شكل الآلة ذاته، إلا أنها تطورت من حيث الشكل والخصائص، واتصفت بتفاصيل مختلفة. وتابع عازف آلة اللوت يزن الجاجة بأن آلة اللوت خضعت لتطورات في أوروبا بحيث تلائم خاصية الهارموني في الموسيقا الأوروبية، فتمّ إضافة أوتار شبيهة بالباص تعطي أصواتاً خفيضة، وهذه الأوتار غير موجودة على المسطرة فهي أوتار حرة تشدّ من الأعلى ويتمّ دوزانها بشكل ثابت، والزند صار أعرض لعزف نوتات عامودية، وكان العصر الذهبي لهذه الآلة في عصر النهضة ثم تطورت إلى أشكال وأحجام مختلفة لتعزف مع الأوركسترا.
الوتريات فقط
بدأت الفرقة بعزف- المتتالية رقم 3 للوتريات فقط وهي مجموعة من الرقصات والأغاني، وتبدو التقاطعات اللحنية الرقيقة مشتركة فيما بينها، فتميّزت الرقصة الإيطالية من القرن السادس عشر بحركة متوسطة السرعة بقفلتها المتدرجة حتى السكون، ثم أغنية من البلاط للمؤلف جان باتيست بيزار- القرن السادس عشر مع تمازج بين رقة الفيولا والصوت الرخيم للتشيللو مع بقية الوتريات، أما سيسيليانا من نهاية القرن السادس عشر، فجاءت بحركة متوسطة السرعة، وبتكثيف وتري مع نغمات الفيولا التي تعلو مع امتدادات الوتريات، وتميّزت باسكاليا للمؤلف لودوفيكو روكاللي -1692- بحركة بطيئة ثم حركة حيوية.
وشارك كنان أدناوي بعزف على العود صولو كابريس بعنوان” فانتازيا العود”، وهذه المقطوعة وزّعها الموسيقي الأوروبي فرانك كارول عام 2008، ثم أعاد أدناوي إعدادها لتكون أطول مع مرافقة الأوركسترا، على مدى ثلاث حركات متتابعة “حركة سريعة ثم حركة بطيئة ثم حركة حيوية وسريعة”، ورغم أن نمط الكابرس من أنماط العزف التقني الذي يظهر براعة العازف ومهارته بالعزف السريع دون شكل مقيد، إلا أن إحساس أدناوي تفوّق على الأداء التقني، وبدأت الحركة السريعة مع توليفة الفرقة وعزف أدناوي السريع ليشكل اللحن الأساسي بمرافقة الفرقة ودور الوتريات وآلات النفخ الخشبية تتخلّلها ضربات التيمباني ثم صولو العود، وبدأت الحركة الثانية –حركة بطيئة- مع الكمان والضربات الخفيفة للتيمباني ونغمات الهارب والتوزيع الجميل لصوت النحاسيات الخافت، ثم الباصون والفلوت مع التيمباني وتداخل المؤثرات الإيقاعية، ليأخذ العود دوره الصولو بانعطافات ومتغيّرات لحنية شدّت الحاضرين، واكتملت المشهدية بين العود والفرقة بالحركة الثالثة الحيوية والسريعة لتنتهي بالقفلة القوية للعود.
وأفردت الأمسية مساحة لعزف رقصات وأغانٍ قديمة لآلة اللوت– المتتالية رقم 1 للأوركسترا، وقد اعتمد باغبودريان على مبدأ المقارنة اللحنية، إذ عزف يزن الجاجة المقدمة اللحنية لكل رقصة بشكل منفرد، ثم عزفت الفرقة بالتوزيع الأوركسترالي لبيان الفروقات اللحنية بالدوزان -كما ذكر باغبوديان-، ومن خلال عزف الجاجة تسرّبت ألحان اللوت ببعدها الهارموني وبتداخل صوت الباص إلى الحاضرين الذين تواصلوا بشغف مع آلة اللوت والخصائص الغنائية للرقصات والأغاني التي تعود إلى القرن السادس عشر، فعزف الجاجة باليه الكونت أورلاندو للمؤلف سيمونه مولينارو 1599 مبتدئاً باستخدام الأوتار الحرة لآلة اللوت بصوت الباص ثم الصوت الأساسي الهارموني الجميل، ثم عزفت الفرقة الباليه وتميّزت بفاصل الفلوت، كما عزف الجاجة غالياردا للمؤلف فينشينزو غاليليه 1550، تميّزت ببدايات الجمل الموسيقية بصوت اللوت الباص، ثم عزفتها الفرقة، وتابعت بالحركة الغنائية لفيلانيلا مجهولة المؤلف بحضور خاص للكمان والهارب بعد أن عزفت على اللوت.
واختُتمت الأمسية برقصة “خطوة ونصف” -ماسكيرادا- في نهاية القرن السادس عشر الرقصة الحيوية ذات الإيقاع السريع والجمل الموسيقية المتلاحقة المكوّنة لحناً راقصاً ينثر الفرح، بدأت بعزف الجاجة على اللوت مستخدماً اللحن الهارموني الحيوي مع تداخل صوت الباص، ثم عزفت الفرقة الرقصة فبدأت بالنحاسيات مع آلات النفخ الخشبية بحضور خاص للكلارينيت والفلوت مع نغمات الهارب الساحرة التي أضفت عليها بريقاً لامعاً.
ملده شويكاني