المصالح العقارية.. جهود مثمرة في التوثيق وتثبيت الملكية وتعزيز للكوادر القضائية
لم تكن عملية إعادة توثيق العقار الخاص والعام أمراً سهلاً بالنسبة لمديرية المصالح العقارية، بعد أن قامت المجموعات الإرهابية بإتلاف عدد كبير منها خلال الحرب، كما تمّ تدمير عدد كبير من المراكز التي كانت تعمل على تطوير عمليات التوثيق.
يعتقد البعض أن عمل التوثيق العقاري ليس بالأهمية البالغة، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن عملية التوثيق تحمي الملكية الفردية للشخص من التداخلات الحاصلة بين الجمعيات السكنية ووزارة الإسكان والمشكلات الناتجة عنها، كتسجيل العقار باسم الفرد، لأن معظم البيوت والعقارات مازالت إلى الآن مسجلة لتلك الجهات ولا يوجد صك ملكية للمالك الفعلي للعقار، لذلك تعمل المديرية مع جهات عدة وخاصة القانونية للانتهاء من إشكاليات الملكية وتأكيدها، إضافة إلى ذلك فقد تمّ التوجّه نحو العمل التكنولوجي لتسجيل الملكيات، حيث تمّ العمل على التسجيل الرقمي، وهي ميزة تسمح لصاحب العقار بالحصول على ثبوتياته بسهولة من أي مكان يريده، وتبقى ملكيته محفوظة في الدوائر العقارية ولا يمكن تزويرها أو سرقتها من أي جهة. وهنا لابد من الإشارة إلى أن عدد الصحائف العقارية بلغ 6 ملايين، بينما عدد الصحائف المرقمة خمسمائة ألف، والنسبة المئوية هي 8%، وعدد صالات الرقمنة 14.
ممتلكات المديرية
أُحدثت المديرية العامة للمصالح العقارية بموجب القانون رقم 81 لعام 1947 وارتبطت بوزارة العدل حتى عام 1959 ومن ثم بوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، وأخيراً تمّ ربطها بوزارة الإدارة المحلية والبيئة بموجب القانون رقم 7 لعام 2010، ويتبع للمديرية العامة 14 مديرية فرعية في المحافظات، كما يتبع لمديريات المصالح العقارية 48 دائرة مصالح عقارية و124 مكتب توثيق عقاري، تعمل هذه المديريات والدوائر والمكاتب على تأدية الخدمات العقارية المتنوعة للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين وجهات الدولة، وتتعاون مع مراكز خدمة المواطن المنتشرة في المحافظات لتوفير الخدمات العقارية وتخفيف العبء عن المواطنين. وتعمل المديرية العامة على إحداث مركز خدمة مواطن (عقاري تخصّصي مركزي)، ومراكز خدمة مواطن (عقارية تخصصيّة) تتبع مديريات المصالح العقارية، ودوائر مصالح عقارية، بغية التوسع الأفقي في تأدية الخدمات العقارية.
تبسيط الإجراءات
في سبيل التعريف بالخدمات العقارية التي تقدّمها مديريات المصالح العقارية، أصدرت المديرية العامة الطبعة الأولى لدليل الخدمات العقارية في عام 2016، وستطلق الطبعة الثانية من هذا الدليل خلال الربع الأول من هذا العام، واشتمل الدليل على أحد عشر فصلاً هي: (البيانات، نقل الملكية، الانتقال الإرثي، الرهون، الإشارات، معاملات التصحيح، المعاملات الفنية، الحواشي، ملحق الدليل، الوثائق المطلوبة في المعاملات العقارية، موانع التسجيل العقاري).
وبحسب المدير العام للمصالح العقارية وضاح قطماوي يهدف هذا الدليل إلى نشر الثقافة العقارية، وتمكين المواطنين من الاطلاع على الخدمات العقارية ورسومها والأحكام المتعلقة بها، وتوحيد وتبسيط الإجراءات لدى مديريات ودوائر المصالح العقارية، إضافة إلى التوسّع الأفقي في تأدية الخدمات العقارية، حيث تمّ استئناف العمل في العام 2020 في مديرية المصالح العقارية بدير الزور ودائرتيها في الميادين والبوكمال وفقاً للسجلات المتوفرة، وتمّ إعادة تفعيل العمل واستئنافه في دوائر السجل العقاري في السفيرة ودوما وعربين، وعودة العمل في دوائر المصالح العقارية في المليحة والرستن وتدمر، كما تمّ افتتاح دائرة عقارية في الصفصافة العائدة لمديرية المصالح العقارية في طرطوس، والدائرة العقارية في سلحب العائدة لمديرية المصالح العقارية في حماة، إضافة إلى افتتاح دوائر المصالح العقارية في جرمانا والمعضمية، ويجري العمل على افتتاح دائرة عقارية في كل من أشرفية صحنايا وقدسيا. ويضيف قطماوي أنه تمّ افتتاح مكتب التوثيق العقاري السابع في اللاذقية –وادي العيون في حماة– الكسوة بريف دمشق، والمقر الجديد لدائرة المصالح العقارية في منطقة القصير العائدة لمديرية المصالح العقارية في حمص.
تكوين الوثائق
أما فيما يتعلّق بإعادة تكوين الوثائق العقارية المتضرّرة، فقد تمّ افتتاح أعمال النفع العام لإعادة تكوين الوثائق العقارية المتضرّرة في المنطقة العقارية الثانية بحلب سنداً للقانون رقم 33 لعام 2017، وكذلك تمّ إصدار قرار بافتتاح أعمال النفع العام لإعادة تكوين الوثائق العقارية المتضرّرة في المنطقة العقارية الثالثة بحلب، كما عملت المصالح العقارية على افتتاح أعمال النفع العام لإعادة تكوين الوثائق العقارية المتضرّرة في حمص في مناطق (كفرلاها، تلدو، زيتي). ويضيف قطماوي: تمّ الانتهاء من أعمال النفع العام لإعادة تكوين الوثائق العقارية المتضرّرة بالطريقة الإدارية في منطقتي حرستا البصل وقصارين شمس العائدتين لدائرة المصالح العقارية بدوما في مديرية المصالح العقارية بريف دمشق، إضافة إلى المناطق العقارية العائدة لمناطق سقبا وجسرين العائدة لدائرة المصالح العقارية في عربين بريف دمشق، ويجري العمل على إنهاء باقي المناطق العقارية التابعة لدائرة المصالح العقارية في عربين.
إعادة هندسة الإجراءات
وفي هذا السياق قامت المصالح العقارية بتعزيز كادر القضاء العقاري من خلال رفد القضاة العقاريين في طرطوس بثلاثة قضاة عقاريين، وفي ريف دمشق بقاضيين عقاريين اثنين. أما باقي المحافظات (حمص، حماة، دير الزور، القنيطرة، الرقة) بقاضٍ عقاري واحد لكل منها.
مدير التشريع العقاري عصام قولي كشف عن إعادة توزيع المناطق العقارية على القضاة العقاريين في (ريف دمشق، اللاذقية، طرطوس، القنيطرة، درعا، السويداء، حمص، حماة)، وتكليف عدد من القضاة العقاريين كرؤساء لجان أعمال الاستصلاح الزراعي بناءً على طلب السيد وزير الموارد المائية، وتسمية عدد من أعضاء اللجان الخاصة بلجان حلّ الخلافات طبقاً للقوانين النافذة. وفيما يتعلّق بالوضع الراهن وإعادة هندسة الإجراءات، يتابع قولي: تمّ إعادة النماذج الخاصة بأعمال إعادة تكوين الوثائق العقارية المتضرّرة وطباعتها، تمهيداً لرفد مديريات المصالح العقارية المعنية بها. وتعمل المديرية العامة من خلال فريقي العمل التنفيذي والإشرافي على إعادة هندسة إجراءات المعاملات العقارية تمهيداً لإطلاق مركز خدمة المواطن التخصصي في مبنى المديرية العامة للمصالح العقارية، إضافة إلى مراجعة وتنقيح وترتيب وتجميع البلاغات والتعاميم الخاصة بالتشريعات العقارية، تمهيداً لإصدارها ضمن المجموعة الجديدة للتشريعات العقارية. وهنا يتابع قولي: سيتمّ في العام 2021 فضلاً عن إصدار دليل الخدمات العقارية الجديد، إصدار ستة أجزاء من مجموعة التشريعات العقارية بواقع 2600 صفحة تقريباً، حيث تمّ تمكين مديريات المصالح العقارية في المحافظات من الولوج مباشرة إلى قاعدة بيانات منظومة الحجز الوطني الاحتياطية التي أطلقتها وزارة الاتصالات على الشبكة الحكومية الآمنة دون الحاجة إلى الرجوع إلى المديرية العامة، اختصاراً للوقت وحفاظاً على المال العام.
تلافي الأضرار
نتيجة للأعمال التخريبية التي تعرّضت لها بعض المحافظات، فقد سبق أن أغلقت بعض الدوائر العقارية في المناطق الساخنة، وتعرّض جزء من الوثائق العقارية إلى الضرر والفقدان. ففي ريف دمشق وبعد إغلاق دوائر المصالح العقارية في عربين ودوما نتيجة للأوضاع الراهنة -يوضح قولي- صدر القرار رقم 965/ق تاريخ 6/4/2017 من وزير الإدارة المحلية والبيئة الخاص بإيقاف أعمال التسجيل والتوثيق العقاري في دوائر المصالح العقارية بدوما، وفتح سجل يومي مكمل لمكاتب التوثيق العقاري في دوما، وبعد تحرير الغوطة الشرقية تمّ إغلاق السجل اليومي المكمل في دوما، ونقل محتويات هذا السجل إلى السجلات العقارية الأساسية، وذلك بموجب القرار رقم 220/ن تاريخ 25/7/2018. أما في حلب فتقدم مديرية المصالح العقارية خدماتها العقارية حالياً من مقر مدرسة الشهيد خالد الأزرق الكائنة في محلة المارتيني بدلاً من مقرها الأساسي الواقع في منطقة السبع بحرات الذي تعرض للضرر، ويجري حالياً العمل على إعادة ترميمه حيث أُبرم العقد مع الجهة المنفذة.
تقرير المديرية
وفي تقرير للمديرية بيّنت فيه أن بعض الصحائف العقارية تعرّضت للتلف في عام 2012 وبلغ عددها /33.605/ صحيفة عقارية ويتراوح الضرر فيها بين جزئي أو كلي، وصدر القرار رقم 4/و تاريخ 4/9/2018 من وزير الإدارة المحلية والبيئة الخاص بافتتاح أعمال إعادة تكوين الوثائق العقارية المتضرّرة في المنطقة العقارية الثانية والثالثةفي حلب. أما في حمص فقد صدر القرار رقم 8/و تاريخ 22/8/2019 من وزير الإدارة المحلية والبيئة بافتتاح أعمال إعادة تكوين الوثائق العقارية المتضررة أو المفقودة في منطقة زيتي العقارية بالقصير ومنطقتي كفرلاها وتلدو في حمص. وبالنسبة لدير الزور فقد توقفت مديرية المصالح العقارية عن العمل بتاريخ 26/6/2012 نتيجة للأعمال الإرهابية التي كانت سائدة في المدينة، كما توقفت دائرة المصالح العقارية في البوكمال عن العمل في العام نفسه، وحالياً استؤنف العمل في مديرية المصالح العقارية بدير الزور ودائرتي المصالح العقارية في البوكمال والميادين وفق السجلات المتوفرة.
ميادة حسن