تحقيقاتصحيفة البعث

عشية “الفلنتاين”…الوردة بـ 5000 ليرة ودميةالدب تتجاوز المليون!!

يطغى اللون الأحمر هذه الأيام على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وعلى واجهات المحال التجارية مع اقتراب “الفلنتاين”، لتتهافت عروض الهدايا المزركشة بأسعار فاقت الخيال والمستطاع عند أغلبية العشاق ما دفع الكثير منهم إلى افتعال المشاكل هذه الفترة للهروب من تقديم الهدايا في هذا اليوم الذي يشكل كارثة اقتصادية عند العشاق وانتعاشا كبيرا لجيوب التجار، الأمر الذي أضفى على الرابع عشر من شباط طابعاً مادياً بحت على عكس الغاية منه تماماً، فعندما رفض القديس”فالنتاين” قرار الامبراطور الروماني كلاديوس الثاني بمنع عقد قران الشباب غير المتزوجون كي يذهبوا إلى الحرب، كان هذا القديس يدافع عن أسمى أنواع العلاقات وهي “الحب” بعيداً عن أي مصلحة فكان جزاؤه الإعدام في الرابع عشر من شباط وكانت هذه هي بداية الاحتفال بعيد الحب إحياء لذكرى القديس الذي دافع عن حق الشباب في الزواج والحب.

تناقضات
ورود ودببة وزينة وهدايا وشوارع لبست اللون الأحمر قبيل عيد الحب، لتزدان واجهات المحال التجارية بشتى أنواع الهدايا التي غُلفت بطريقة جذابة تغري العشاق من ذوي الطبقة الراقية لشرائها مهما كان ثمنها، في حين يكتفي العشاق ممن لا يملكون ثمن هدايا الحب الباهظة بالجلوس في الحدائق العامة وتبادل الكلام المعسول، إذ فاقت أسعار الهدايا التصور ليصل سعر الدب الكبير ذو الرداء الأحمر مليون وسبعمائة ألف ليرة سورية في أحد المحال في منطقة الشعلان ، ولا يقلّ سعر أي من هذه الهدايا عن خمسين ألف ليرة سورية ، والأمر اللافت أن الإقبال على شراء هذه الهدايا جيد حسب ما أفادنا به بعض أصحاب المحال، فلكل سعر معيّن زبون خاص به دون أن يبالي بدفع مبلغ كبير ثمن هدية لفتاة أحلامه مبررين ذلك بجملة “من طرف الجيبة”، في المقابل أنست الأزمة التي نمر بها الفئة الأخرى من شبابنا هذه المناسبة بعد أن فضلوا حب بلدهم سورية على أية معشوقة ثانية، فحبهم لوطنهم واستبسالهم في الدفاع عنه هو ما جعلهم يحتفلون بعيد الحب.

استطلاع
حالة من السباق بين العشاق والتجار نعيشها هذه الأيام إذ يقوم الكثير من العشاق بضربات استباقية للتجار المستغلين لهذا العيد بشرائهم الهدايا قبل حلوله بأسابيع علّ وعسى لا يقعوا في مصيدة التجار أو بائعي الورود ممن بدؤوا برفع سعر الوردة الحمراء إلى ثلاثة آلاف ليرة ويرجحون أن تصل إلى الخمسة آلاف ليرة مع حلول هذه المناسبة، وتحتل الهدايا العينية المرتبة الأولى في الهدايا التي يأمل أن يتلقاها العشاق في هذا العيد، ومن ثم الورود والمكالمات الهاتفية، يليها بطاقات المعايدة بعيد الحب، في حين أن قلة قليلة جداً ترغبتهم في تلقي قصائد شعرية كتبها أحباؤهم.

تباهي وتنافس
وسط أزمات كبيرة وكثيرة يعاني منها مجتمعنا اليوم يحاول السوريون البحث عن وميض من السعادة في أي مناسبة تمر عليهم، وترى سمر محفوض”باحثة اجتماعية” أن تقديم الهدايا حاجة ضرورية لأي إنسان ولا يمكن ربط تقديم الهدية بعيد الفلنتاين فقط، فتقديم الهدايا بين الأصدقاء والأهل والمحبين يترك الكثير من الأثر الإيجابي على النفوس ويزيد المحبة والألفة ولا تكمن قيمة الهدية بثمنها المادي بقدر ما يتم انتقائها بإتقان وتقديمها في وقت يكون الشخص الآخر بأمسّ الحاجة للشعور بها ، لتحمل الهدية حينها قيم روحية لا يمكن تقديرها بالمال، ولم تخف محفوض أن تقديم الهدايا في عيد الحب بات يحمل طابعاً تجارياً إذ يتسابق العشاق والمراهقون لشراء أفخم الهدايا وصرف المال على “خزعبلات” لا تحمل في مضمونها أي قيمة روحية، بل على العكس بات شراء الهدايا والسؤال عن ماذا يخبئ العاشق لحبيبته في هذا اليوم نوع من التباهي والتنافس بين البعض، في حين يكتفي البعض ممن تجمعهم المودة والألفة الحقيقة بتقديم هدية معنوية لا تقارن بالمال، واستهجنت محفوض اجتياز البعض في مجتمعنا حدود الجرأة بالتذمر من نوع الهدية المقدمة وعدم الرضا عنها الأمر الذي يخلق الإحراج والخجل بدلاً من التقرّب والمودة.

ميس بركات