صحيفة البعثمحليات

الفرصة الذهبية؟!

رغم حيازة الواقع الاقتصادي والظرف المعيشي الصعب على مساحة واسعة من اهتمامات الناس وانشغالاتهم اليومية الدائرة في فلك الحاجة والقلة، ورغم استحواذ الحالة شبه السوداوية على الكثير من توقعاتهم، إلا أن ذلك كله لا يلغي حقيقة الجهود المبذولة لتبديد هذا الحال، سواء من الجهات الحكومية بمختلف مستوياتها التي تعنى بحياة المواطن، وتعمل على إصدار كل ما من شأنه التخفيف من الأعباء وتجاوز التحديات، أو لجهة المجتمع الأهلي بمبادراته الإيجابية التي وإن كانت بحدودها الدنيا، إلا أنها ذات قيمة وأهمية كونها واحدة من لبنات الصمود والقوة المجتمعية.

ولعل ما تشهده ساحة المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خطوات متسارعة نحو الأفضل، والوصول إلى الأهداف الفعلية لهذه المشاريع، وتجسيد نتائجها إيجاباً في مسارات الدعم، وتحفيز المجتمع الشبابي على العمل الإنتاجي والإبداع بقصد الإنماء، وكسر الانكماش الاقتصادي المعيشي، وفتح أبواب جديدة للمؤسسات المالية، ولكل من لديه الأفكار الإنتاجية، والقدرة على إدارة المشاريع لتكون حاضنة منتجة ومولدة للموارد المالية والمعيشية، يدفع للتوقف عند القانون رقم (8) الخاص بتأسيس “مصارف التمويل الأصغر” لتمنح قروضاً تشغيلية للأفراد تصل قيمتها حتى 15 مليون ليرة، كونه يشكّل علامة فارقة في قضية التسهيلات، حيث يمكن الحصول على هذا المبلغ بكفالة أو دون كفالة، إلى جانب إعفاءات غير مسبوقة في جميع الرسوم على كافة العقود أو العمليات التي تنجز مع تلك المصارف، بما فيها رسوم الرهن، ورسم الطابع، وبشكل يقلل من الأعباء المادية المعهودة على أي مقترض، عدا عن تحقيق علاقة متوازنة وصحيحة بينه وبين المصرف.

وبكل تأكيد، ليس هناك انقطاع في مسيرة التمويل الصغير، بل على العكس تأسيس هذه المصارف (المؤسسات التنموية) يعزز هذه التجربة، ويمتّن علاقتها بالفئات الضعيفة المنتجة كونه يحقق الاستفادة المالية لها، ويؤمن التمويل اللازم لمشاريعهم الاقتصادية، إلى جانب العديد من الخدمات التي ستوفرها هذه المصارف، كما جاء في القانون الذي يسمح لها قبول الودائع، وفتح الحسابات الجارية، وحسابات التوفير، وتقديم خدمات التأمين، وإعادة التأمين للمقترضين، وكذلك خدمة تحويل الأموال داخل البلد.

باختصار، عجلة الاقتصاد بحاجة لمثل هذه الخطوة التي من المتوقع أن تحدث نقلة نوعية شاملة في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة العالقة في فخ نقص التمويل أو ضآلته، وبالتالي تحقق هذه المصارف فرصة ذهبية للاستثمار في العقول والخبرات الوطنية، ولابد من تضافر الجهود الحكومية والأهلية، وخاصة من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال لوضعها في مسارات التنفيذ المتسارع، لما تحققه من منفعة مشتركة واستثمار صحيح لرؤوس الأموال وللأفكار الإنتاجية، بما يكسر طوق الحصار الاقتصادي، ويفتح الباب على مصراعيه أمام فرص عمل جديدة، وانتعاش معيشي بأموال وطنية “ترفع لها القبعات”.

بشير فرزان