سامر الشمالي: الكارثة الحقيقية ألا تجد الأسرة أهمية لاقتناء الكتب لأولادها
أدب الأطفال دروب ممتعة وشاقة، يمكن إطلاق صفة السهل الممتنع على طرائقها ومسالكها، ولذلك يرى بعض الكتّاب فيها رغم الصعاب متعة لا توصف ورجوعاً حميداً لمراتع الصبا والشقاوة واللعب بلا حدود، والكاتب سامر أنور الشمالي واحد من الذين يستمتعون بكتابة القصص للأطفال، فتراه إما يكتب قصة أو يلاحق خاطرة أو يدوّن فكرة جديدة في حقل الطفولة، ويكون لحكاياته وقع خاص ولمشروعه الطفولي الكثير من الآمال المنشودة والعقبات التي تعرقل الدرب، وكان لـ”البعث” الحوار التالي معه.
اقتناء الكتب
الجميع يؤكد على مقولة أن الكتابة للصغار أصعب من الكتابة للكبار، وأن أدب الأطفال من أصعب الأجناس الأدبية، وعن هذه الكتابة قال الشمالي:
أنا مع مقولة أن لكل جنس أدبي سمات معينة، وأن لكل كاتب مزاجه الخاص في الكتابة، وهناك من يجيد الكتابة للصغار ولكنه يخفق عند الكتابة للكبار، والعكس وارد أيضاً، ونحن بحاجة إلى أدباء يشتغلون بجدية على هذا الجنس الذي يجب أن تتوفر شروط محدّدة فيمن يزاوله، ففي عالمنا العربي الأدباء يكتبون للأطفال على هامش الكتابة للكبار، وبذلك يظلّ هذا الجنس الأدبي الجديد مقارنة بالأجناس الأخرى يفتقر إلى الاهتمام الكافي، كما نحتاج إلى نقاد يتابعون العمل على هذا الجنس الذي يحتاج كتّابه إلى التوجيه عند الضرورة، وإلى الإشادة حين الاستحقاق، فطباعة الكتب وعرضها في الأسواق خلط للأوراق، ولاسيما حين لا تمتلك الأسرة الثقافة الكافية لمعرفة الكتاب الجيد من الكتاب الرديء، مع العلم أن الكارثة الحقيقية ألا تجد الأسرة أهمية لاقتناء الكتب لأولادها!.
واقع أدب الطفل
وعن رأيه بواقع أدب الأطفال في الوطن العربي عامة، وفي سورية بشكل خاص، قال:
نشط الاهتمام بأدب الأطفال في السنوات الأخيرة، لأن كتاب الطفل صار سلعة يمكن تسويقها على نطاق واسع في معارض الكتب، وهذا أمر جيد بالتأكيد لأنه فتح المجال للكثير من دور النشر أن تعمل في هذا المجال، أو تتخصّص في نشر كتب الأطفال، وهذا ما انعكس إيجاباً على كتاب الطفل الذي تطور على صعيد النص والرسوم والإخراج الفني، لكن مشكلة الناشر السوري أنه لا يقدّر جهد الكاتب بشكل جيد، ولا ينصفه مادياً، وهذا ما جعل الكاتب السوري يعتمد على النشر خارج سورية، أو لا يشتغل بشكل جيد على نصه، وهذا ما أدى إلى انخفاض سوية النص في الكتاب المحلي، ومن الجدير بالذكر أن الناشر نفسه لا يستطيع تجاهل الرسام بالقدر نفسه لأنه يريد كتاباً جذاباً يثير اهتمام الطفل ليشتريه، وهذا ما جعل نسبة كبيرة من كتب الأطفال مطبوعة بألوان جيدة، ولكن ليس لها أي قيمة تربوية.
الناشر
انعكست الأزمة الاقتصادية على الناشر السوري، فلم يعد يستطيع الإنفاق بشكل جيد على مطبوعاته، وعن هذه الفكرة قال:
يعتمد الناشر السوري على السوق العربية بشكل أساسي حالياً، أي لديه مردود مادي جيد، وأجور الكتاب ليست باهظة على أي حال، ولكن في الأمر سوء إدارة وتقدير، فمن أجل توفير مبالغ قليلة يضيّع الناشر فرصة جني المزيد من الأرباح حين لا يقدّم كتاباً منافساً، ولن نغفل القيمة الفكرية للمنتج، وهذا ما حرم دور النشر السورية الكثير من الجوائز الراقية، لأنها لا تفكر في الارتقاء بالكتاب السوري للمستوى الذي يضاهي الكتاب العربي المطبوع في أرقى دور النشر العربية.
النشر في الخارج
وعن تجربته الخاصة في مجال الكتابة للأطفال قال سامر الشمالي:
نتيجة الأوضاع البائسة التي تحدثت عن بعضها أعتمد على نشر أعمالي خارج سورية، وهذا ما يحزنني حقاً، أما حين أنشر في بلدي من وقت لآخر فلأنني حريص على التعامل مع دور نشر محلية لها حضورها المميز في الوطن العربي.
مجلات الأطفال
أما الصعوبات التي تعترض أدب الأطفال، والحلول المقترحة التي يمكن اتخاذها لتلافي تلك الصعوبات فقال عنها:
لننتقل إلى الحديث عن المجلات السورية الموجهة للأطفال، هي مجلات جيدة، ولكن الكارثة أنها لا تطبع وتوزع بشكل يتناسب مع قيمتها، ومع الجهد المبذول ممن يكتب وينشر على صفحاتها، ومع عدد القراء الصغار، وبذلك تذهب الكثير من الجهود الطيبة أدراج الرياح، وفي حقيقة الأمر لا يكفي أن نصدر مجلة للأطفال ثم نكتفي بالقول إن هذا ما يمكن إنجازه، مع العلم أن مشكلة توزيع مجلات الأطفال موجودة قبل سنوات الحرب وعندما كانت المجلات متوفرة بأسعار رمزية، ولن أغفل الحديث عن برامج الأطفال التلفزيونية التي لا تروّج لمنشورات الأطفال بما يكفي، أي يجب أن يكون هناك برنامج يومي يدعم مكتبة الأطفال في كل منزل، فلشاشة التلفزيون تأثيرها الكبير في مجتمعاتنا غير القارئة، ولا بد من الإشارة إلى أنه يجب إقامة معارض لكتب الأطفال في جميع المدارس من وقت لآخر، أي يجب أن نعلّم الطفل القراءة منذ الصغر، وهذا ليس ترفيهاً، بل هو استثمار للمستقبل، ولكن هل الجهات المعنية تقدّر هذا الاستثمار.. هنا السؤال؟.
جُمان بركات