الناتو يزيد عديد جنوده في العراق.. كيف سينقلب حصار إيران إلى مأزق للاحتلال؟!
“البعث الأسبوعية” ــ تقارير
تشدد الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطها على إيران من خلال إحاطة قوات الناتو بها، فقد أعلن الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، الخميس، بعد اجتماع لوزراء دفاع الحلف، عن زيادة عديد قوات الحلف في العراق، وقال إن الدول الأعضاء قررت توسيع مهام الحلف التدريبية في العراق، ودعم القوات العراقية في محاربة “الإرهاب” وضمان عدم عودة “داعش”، مضيفاً أن قوام القوات الأطلسية سوف يزداد من 500 جندي إلى حوالي 4000، وأن الأنشطة التدريبية ستشمل في المرحلة الأولى المزيد من المؤسسات الأمنية العراقية، إضافة إلى مناطق خارج بغداد، ونوه إلى أن “وجودنا قائم على الظروف، وستكون الزيادات طردية في أعداد القوات”. وأعاد إلى الأذهان حقيقة أن “مهمتنا هي بناء على طلب الحكومة العراقية. ويتم تنفيذها مع الاحترام الكامل لسيادة العراق وسلامة أراضيه. لقد تحدثت مع رئيس الوزراء الكاظمي هذا الأسبوع، وأكدت له أن كل شيء سيتم بالتشاور الكامل مع السلطات العراقية”.
ولا شك أن فكرة زيادة عديد القوات الغربية في العراق هي فكرة أمريكية بامتياز، فقد أكد أحد كبار مسؤولي البنتاغون في وقت سابق من هذا الأسبوع، مفضلاً عدم كشف اسمه، إن قيادة وزارة الدفاع الأمريكية “متحمسة وترحب بتركيز الناتو المتزايد على العراق”.
يمكن أن نفهم دلالة هذا القرار إذا تتبعنا السياق الذي تتحرك فيه هذه التطورات، وخاصة إذا علمنا أن الحكومة العراقية كانت طلبت قرضاً جديداً بقيمة 6 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، ولا بد أن الولايات المتحدة قد اشترطت الموافقة على ذلك بطلب العراق قوات احتلال “إضافية” أطلسية.
بعد مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس بطائرة مسيرة أمريكية في كانون الثاني 2020، تبنى البرلمان العراقي قراراً دعا بموجبه جميع القوات الأجنبية إلى مغادرة البلاد. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تجاهلت القرار، لتبدأ المقاومة العراقية إطلاق الصواريخ على القواعد والمعسكرات التي تحتلها الولايات المتحدة هناك. واستهدفت هذه الصواريخ قاعدة للاحتلال الأمريكي في أربيل، شمالاً، قبل أيام، وانهمرت القذائف على القاعدة العسكرية الرئيسية داخل مطار أربيل الذي يستضيف القوات الأجنبية المنتشرة كجزء من “التحالف الدولي” الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم “داعش” في العراق، منذ العام 2014.
لكن الصواريخ سقطت في جميع أنحاء القطاع الشمالي الغربي من المدينة في وقت مبكر من يوم الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل مقاول مدني أجنبي، وإصابة تسعة آخرين على الأقل، من بينهم جندي أمريكي.
وقد أعلنت جماعة غامضة تطلق على نفسها اسم “سرايا أولياء الدم” مسؤوليتها عن القصف، وقالت إنها ستواصل مهاجمة قوات الاحتلال للقوات الأمريكية في العراق.
كان الهجوم هو الأول منذ ما يقرب من شهرين بعد سلسلة من الحوادث المماثلة الموجهة ضد المنشآت العسكرية الغربية، أو البعثات الدبلوماسية في العراق، منذ عام 2019، والتي تم تحميل مسؤوليتها إلى فصائل المقاومة العراقية وقوات الحشد الشعبي.
ولكن، وكما هو حال ما لا يقل عن 2500 جندي أمريكي في العراق، سيصبح “مدربو” الناتو الجدد في العراق أهدافاً لمثل هكذا هجمات، كما ستصبح هجمات المقاومة العراقية، والذين يروق للناتو تسميتهم بـ “وكلاء إيران”، مبرراً لإرسال المزيد من القوات. وبعد بضعة أشهر، ستكون فرقة كاملة من حلف شمال الأطلسي على أهبة الاستعداد على الحدود الغربية لإيران!!
هناك أيضاً عشرة آلاف جندي من قوات الناتو على الحدود الشرقية لإيران في أفغانستان. ومن المفترض أن يغادر هؤلاء بحلول الأول من أيار المقبل وفقاً لاتفاقية السلام التي أبرمتها إدارة ترامب مع حركة طالبان. لكن هذا الاتفاق يتطلب أيضاً مفاوضات بين طالبان والحكومة الأفغانية، في وقت يماطل الرئيس الأفغاني أشرف غني في مواصلة المحادثات، فهو يأمل في إبقاء القوات الأجنبية في أفغانستان ليقتات على الرشاوى وأموال “التنمية” التي تأتي معها.
واحتجت بعض الكتل في البرلمان العراقي على طلب رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي من الناتو إرسال قوات إضافية. وفيما تتميز البيئة السياسية العراقية بالفوضوية وتفتقد للوحدة والتوافق، هناك غالبية ساحقة عراقية خارج البرلمان تتطلع لرؤية انسحاب كل القوات الأجنبية، وهي لن توفر أية وسيلة لتحقيق هذا الهدف.
من المحتمل أن ترى الولايات المتحدة الأمريكية في القوات الإضافية في كل من العراق وأفغانستان أداة ضغط يمكن استخدامها ضد إيران في محاولة يائسة إلى حد ما لإعادة التفاوض على الاتفاقية النووية مع إيران في وثيقة استسلام أكبر.. ولكن إيران لن تستسلم.
على العكس، ستصبح قوات الناتو رهائن لسياسات الولايات المتحدة وقد تتسبب في سقوط المزيد من الجنود القتلى والجرحى.
لماذا وافقت دول الناتو الأوروبية على وضع نفسها في هذا المأزق الصعب؟ الإجابة في عهدة “الزعماء الوكلاء”!!