سليمان رزق: القيادة صفة ضرورية للمخرج
بعد تخرّجه من المعهد العالي للفنون المسرحية مارس أعمالاً مختلفة خوفاً من أن تطول فرصة وجوده في الأعمال الفنية، وكان خوفه نابعاً من عدم تقييم الممثلين بشكل صحيح في ظل فوضى الوسط الفني، إذ يبيّن الفنان الشاب سليمان رزق أنه وعلى الرغم من ثقته بنفسه وبإمكانياته، إلا أن الخوف اعتراه، حيث لا يخفى على أحد –برأيه- أن الفرص بعد التخرج قد تطول بغضّ النظر عن إمكانيات الممثل، وهناك أسماء كثيرة هي نموذج لذلك.
لأول مرة
ويشير رزق إلى أنه وبعد التخرج عرض عليه المخرج الشاب نورس أبو علي العمل في مسرحية “خدمة” التي قُدّمت ضمن مشروع دعم مسرح الشباب في مديرية المسارح، وقد تعاونا معاً كممثل شابّ وكمخرج شاب لتقديم عرض لائق، وعلى الرغم من أنه كان العرض الأول له للمشاركة بعمل مسرحي، إلا أن فرصة الوقوف على خشبة المسرح لأول مرة تحقّقت من خلال مسرحية “البوابات” مع المخرج مأمون خطيب التي قُدّمت قبل مسرحية “خدمة”، مشيراً إلى أن الخطيب وهو مخرج مخضرم وفي رصيده أعمال كثيرة كان أستاذه في المعهد، وكذلك الفنانة نسرين فندي التي وقف إلى جانبها في “البوابات” وهذا ما جعله يشعر بالأمان، مؤكداً أنه تعلّم منهما الكثير، وقد أعطاه خطيب طاقة كبيرة ليتعامل معه ليس كأستاذ وطالب وإنما كمخرج وممثل لا يتردّد في إبداء ملاحظاته واقتراحاته باعتبار أن العمل المسرحي هو عمل جماعي. وقد أدرك رزق من خلال هذه التجربة أهمية العلاقات القوية التي قد تربط الممثلين المشاركين في أي عمل مسرحي، مشيراً كذلك إلى أنه ومن خلال هذه التجربة تعلّم كيف يتعامل مع الممثلين بشكل احترافي، ويقول: إن التعامل مع ممثلين محترفين مريح للممثل الذي يقف لأول مرة على خشبة المسرح، حيث لم يشعر بالخوف، بل كان شديد الحماس لأنه كان بانتظار هذه الفرصة، لذلك طغى الحماس على الخوف عكس وقوفه على خشبة المسرح في مشروع التخرج “شارة” إشراف الفنان فايز قزق، حيث كان خائفاً لشعوره كطالب بأنه في مرحلة اختبار، في حين كان الوضع أسهل بالنسبة له في “البوابات” التي كان عليه فيها أن يُثبت لنفسه كمحترف قدرته في التغلب على الخوف لثقته بمن كانوا معه، مؤكداً أن أهم النصائح التي تلقاها كانت من والدته الفنانة أمانة والي بعد “خدمة” و”البوابات”، وكانت: “أطلق عنان إحساسك ومشاعرك ولا تخجل”، لأنها شعرت بوجود هذا الحاجز الذي كُسر في مسرحية “أدرينالين” مع المخرج زهير قنوع الذي أعطاه خبرة في تكنيك الممثل أثناء البروفات لتقديم أقصى ما يتطلبه الدور، موضحاً أن ثلاث تجارب مسرحية قدّمها، وكل تجربة منحته خبرة مختلفة عن الأخرى، وهو كان بحاجة إليها.
عائلة فنية
بعكس ما هو متوقع يرى الفنان سليمان رزق أن انتماءه لعائلة فنية صعّب عليه الأمر كثيراً ليشقّ طريقه، وكان التحدي بالنسبة له أن يثبت نفسه كممثل دون مساعدة أحد، وهو تحدّ كان ضرورياً ليكتشف إن كان يستحق العمل في هذا المجال أم لا، لذلك وفي كل مشاركاته تمّ اختياره بناءً على اختبار خضع له، إضافة إلى ما يملكه من رصيد من خلال عمله كطالب في المعهد العالي للفنون المسرحية، وهو اليوم يستعد للمشاركة في مسلسل “في وضح النهار” مع المخرج سيف الدين سبيعي بعد خضوعه لاختبار اختيار الممثلين، وقد تمّ اختياره بالطريقة ذاتها للمشاركة في مسلسل “الكندوش” وهو عمل بيئة شامية، مبيناً أن ما حفّزه للمشاركة فيه وجود سمير حسين كمخرج لديه صفة القيادة وهي صفة ضرورية للمخرج، إضافة إلى خصوصية العمل واختلافه عما قُدّم تحت مسمّى “أعمال شامية” من خلال الصيغة التي كتبها حسام تحسين بيك باعتماده على قصص واقعية وتقديمها بشكل واقعي من قبل المخرج حسين الذي أتاح لرزق تجسيد الشخصية الشامية بشكل واقعي وحقيقي بعيداً عن المبالغة في الأداء التي نراها في معظم أعمال البيئة الشامية.
وعن تجربته في مسلسل “شارع شيكاغو” يبيّن رزق أنها كانت متميزة، وكان سعيداً لوجوده ضمن الفنانين المشاركين فيه في شخصية حاول بناءها بطريقة أكاديمية بحتة وفقاً لتاريخها والظروف التي عاشتها وهي شخصية لها خصوصيتها.
ممثل ومدرس
كخريج من المعهد العالي للفنون المسرحية لا ينحاز سليمان رزق للعمل في فن من الفنون لأن مشروعه هو التمثيل بشكل عام، سواء في السينما أو المسرح أو التلفزيون، مشيراً إلى أنه يُدرّس اليوم في المعهد – قسم الرقص مادة الأداء التعبيري، وهو بذلك يريد أن يفنّد ما يردّده البعض من أن مَن يعمل في المسرح لا يعمل في مجال التلفزيون، ومن يعمل في التلفزيون قد لا يعمل في المسرح، ومن يعمل في التدريس قد يكتفي بذلك، فهذه القواعد التي يعتقد بها البعض أراد رزق كسرها ليثبت أنه قادر على أن يعمل في كل هذه المجالات، وهو اليوم يسعى لفتح شركة إنتاج على الانترنت محاولاً من خلالها تقديم أعمال مسرحية يدمج فيها بين الفن الجيد والأشكال الأخرى التي تغري المتابع، ليستقطب الجمهور ومن ثم يطرح ما في رأسه عندما يصبح لديه المال الكافي لينجز ما يريده في المسرح الذي يتمناه، لقناعته أن العمل في المسرح فقط لا يأتي بنتيجة مادية وهو يريد أن يعمل فيه تحت أي ظرف.
أما في السينما فقد كانت له تجربة صغيرة ضمن مشروع أفلام سينما الشباب، وهو اليوم بانتظار فرص سينمائية أخرى مع مخرجين من أمثال جود سعيد، وعبد اللطيف عبد الحميد، ونجدة إسماعيل أنزور، وباسل الخطيب.
مرحلة الطفولة
وعن مرحلة الطفولة ومشاركته في عدة أعمال، يؤكد الفنان رزق أنه لم يبقَ منها إلا بعض الذكريات والهوامش، وهي مرحلة تعلّم منها بغضّ النظر عن النوعية التي كان يقدمها، ولذلك حين دخل المعهد العالي للفنون المسرحية كان صفحة بيضاء لأن مشاركاته في تلك المرحلة كانت عفوية، وقد دخل المعهد ليحوّل هذه العفوية إلى مقدرة يستطيع التحكم بها وفق قواعد صحيحة.
أمينة عباس