للمحق من حق وفوائد؟!
يثير قرار وزارة المالية رقم 426 تاريخ 17 من الشهر الماضي عدة أسئلة جوهرية ومزمنة، منها بداية العلاقة والتنسيق ما بين الوزارات المرتبط عملها ببعضها ارتباطاً عضوياً: مالياً وإدارياً وتقنياً، وهنا نقصد وزارات: المالية، والاقتصاد، والتجارة الداخلية وحماية المستهلك.
للتذكير، القرار في مادته الأولى طالب جميع المكلفين بضريبة الدخل، زمرة الأرباح الحقيقية، الذين يعتمد نشاطهم التجاري والصناعي على فعاليات الاستيراد غير الممولة من قبل المصارف العاملة في الجمهورية العربية السورية (أي الممولة من حسابات المكلف في الخارج، أو من موارده الذاتية)، التصريح عن كامل قيمة مشترياتهم المستوردة في البيانات الضريبية عن عام 2020 وما بعد، كما هي واردة في بيانات الاستيراد، مضافة لها زيادة بنسبة تمثّل متوسط البدلات والعمولات، وتحدد هذه النسبة من قبل مصرف سورية المركزي بشكل شهري.
استدراكاً، ولكي لا نُفهم أننا ضد القرار، نؤكد أننا نؤيده، لكن السؤال عما فات، خاصة أنه يندرج تحت ما يسمى “زمرة الأرباح الحقيقية”، إذ نعتقد أنه يستدعي على الأقل “الصفنة الطويلة” حول إمكانية أن يُقدم المكلف، وبكل الشفافية المطلوبة والضرورية للخزينة العامة، على التصريح الصريح عن حقيقة ما جاء في القرار، في وقت معظمنا يعلم دهاليز وفبركات التهرب الضريبي التي يلجأ إليها الصناعيون والتجار الشطار، وأذرعتهم ممن هم في مفاصل العمل المالي العام؟!
والسؤال أيضاً: لماذا لا تطلب “المالية” من “الاقتصاد” قيم تلك المستوردات وفقاً للبيانات ورخص شهادات الاستيراد نفسها، ومطابقتها مع “الجمارك”، وقبل هذا وذاك معرفة سعر ما اشتراه واستورده الصناعي والتاجر من وحدات سلعية من الأسواق الخارجية، حيث لكل السلع والمواد أسعارها المعلنة لحظياً في البورصات العالمية، وبإمكان الجمارك بسهولة الاطلاع عليها في أي وقت وتاريخ، والتأكد من السعر من المنبع للمرفأ؟!.
ما سلف يبوح لنا بالتأكيد أن القصور في تطبيق ما تساءلنا حوله قد ينجينا “من النوم بين القبور، ورؤية منامات الاستعلام والتكليف الضريبي الموحشة”، إذ أزف الوقت ولحّ وضع ماليتنا العامة كي تتخلص من “كوابيس” الإنفاق إلى غير رجعة، لا لشهر ولا لسنة، وإنما إلى الأبد، فالدولة كانت ولاتزال أمام تحديات واستحقاقات اقتصادية ومالية وتنموية ومعيشية كبرى، وعليه، من غير المقبول أبداً أن تظل آليات وقرارات وتشريعات الاستعلام والتكليف والتهرب الضريبي والضريبة نفسها على هذه الحال، حيث لخزينتنا العامة أن تكون المصب للمحق من حق ضريبي ومالي وفوائده، وليس أن تكون في جيوب الصناعيين والتجار من “الشطار!
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com