هل تكرر إدارة بايدن مواقف ترامب حول القدس؟
ريا خوري
عندما جاء الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية قام باتخاذ العديد من الإجراءات والقرارات والقوانين والتشريعات التي تخصّ الداخل الأمريكي وخارجه، وكان من بينها أن أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن إدارة الرئيس بايدن تعتبر مدينة القدس “جزءاً لا يتجزأ من حلّ الوضع النهائي للقضية الفلسطينية”، لكنّ مواقف عدد كبير من الرؤساء الأمريكيين، الذين تتابعوا على حكم الولايات المتحدة، كانت تتسم بالتناقض والتراجع عن الوعود التي أطلقوها لغايات انتخابية فقط!.
يذكّر تصريح خارجية بايدن بفترة حكم الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون ووزيرة الخارجية آنذاك مادلين أولبرايت، حين أعلنت أن وضع مدينة القدس سيتقرّر في مفاوضات الوضع النهائي بين الكيان الصهيوني والقيادة الفلسطينية، لكن ما جرى لاحقاً هو أنه لم يعد هناك حديث عن أي مفاوضات أو ضغوط أمريكية على الكيان لمصلحة القضية الفلسطينية.
الجميعُ يعرف حقيقة مواقف الإدارات الأمريكية تجاه الحلّ النهائي، حيث كانت تتراوح بين موقف وآخر وعكسه تماماً، أي لا يوجد ثبات في مواقف الإدارات الأمريكية حول الحل النهائي، فالرئيس الأسبق جورج بوش الابن الذي خلف كلينتون، تراجع بصورة كاملة عن مبدأ مادلين أولبرايت، بل وصل الأمر بقيادة أركان إدارة الرئيس جورج بوش الابن إلى رفض المبدأ الأساسي لمفاوضات السلام بين الطرفين، وهو الأرض مقابل السلام، ليخرجوا بمصطلح جديد مبهم وغامض وحتى غير مبرّر هو “السلام مقابل السلام”.
إن العودة من جديد إلى القضية الجوهرية والأساسية في منطقة الشرق الأوسط، وإخراج الوضع الفلسطيني من جموده، لن تتحقق بمجرد إصدار بيان يتحدث عن مبادئ سبق أن قيلت من قبل دون أن يكون لها وقع حقيقي على الأرض. بمعنى أن جوهر ومضمون البيان الذي أعلنته وزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، وموقف بايدن من اعتبار القدس جزءاً لا يتجزأ من حلّ الوضع النهائي للقضية الفلسطينية، لن يصبح واقعاً عملياً إلا عن طريق إظهار أن الدولة الأمريكية لديها الإصرار الحقيقي والقوي على فرض إرادتها من أجل تسوية هذا الصراع.
ذات مرة قال سفير الولايات المتحدة الأميركية الأسبق في لبنان ريتشارد باركر: “إن الولايات المتحدة الأمريكية بقيت منذ عام ١٩٤٩ تتمسّك بمبدأ احتلال أراضي الغير عن طريق القوة، لكن الولايات المتحدة فشلت في احترام ما ردّدته مراراً من أنّها ضد أي عدوان في أي مكان بالشرق الأوسط”.