“التربية” تعيد حساباتها بمصدر علم الأخلاق.. و”المناهج” تكشف عن مسمى جديد
لم تمضِ ساعات قليلة على إعلان وزارة التربية وضع تصور معرفي للأخلاق، ليكون مرجعاً ومصدراً للتعلّم في علم الأخلاق، حتى بدأت تعيد حساباتها من جديد، وتتراجع وتطوي قرارها السابق، وتؤكد على ضرورة وضع مقترح جديد للمحتوى لكي يُستفاد منه في مادة السلوك.
تراجع التربية جاء حرصاً على الاستفادة القصوى من مصدر التعلّم، ولوضع أسس تقييم منطقية ومقبولة لمادة السلوك في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي، حسب توضيحات الوزارة.
تسرع ونفي!
مراقبون ومختصون تربويون اعتبروا أن الوزارة تسرّعت بإطلاق التسمية المذكورة، ما أثار حفيظة البعض، ولاسيما أن الأخلاق تأتي متجذرة من المنشأ والتربية المنزلية حسب رأي المختصين، إلا أن مديرة المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية الدكتورة ناديا الغزولي قابلت هذا الرأي بتأكيدها أن الوزارة لم تتسرّع أبداً في ظل الضرورة الحتمية لوجود مصدر محتوى علمي لهذا المرجع من خلال الانطلاق من المثل العليا في الأخلاق ومكارمها، وتوضيح دور الأخلاق في الحدّ من مظاهر العنف، ودورها الإيجابي في تحقيق الاستقرار المجتمعي، وكذلك توضيح الأخلاق من خلال المواقف، ودور القانون في المساهمة بتحقيق أخلاقيات المجتمع، فضلاً عن الواجب وأهميته الأخلاقية، وتحديد ما هي الأخلاق وأسسها وقواعدها الراسخة، وتعريف وبيان ماهية الأخلاق والتربية الأخلاقية والنظام التربوي وأهميتها في المجتمع.
الفئة المستهدفة
وأوضحت الغزولي في تصريح لـ”البعث” أن التريث بالموضوع جاء من أجل تعديل المفهوم لطريقة المنتج، من علم الأخلاق إلى توصيف سلوكي، وخاصة مع وجود أعمار مختلفة بين الطلاب تستوجب البدء من المرحلة الأولى وشرح قضايا تهمّ المتعلم بما يتناسب مع العمر، فليس من المعقول الحديث عن أضرار التدخين والسلوكيات الأخرى الموجودة بين صفوف طلاب المراهقين، مشيرة إلى أهمية التصدي للظواهر السلبية بطرق تقدّم المأمول منها وتحقق الأهداف المرجوة من المصدر العلمي وفق الفئة المستهدفة.
تنامي ظواهر سلبية
ما تجتهد عليه وزارة التربية لم يأتِ من فراغ في ظل تنامي ظاهرتي العنف والتنمر في المدارس، إذ لا ينتهي يوم دراسي من دون حادثة أو اثنتين من الظاهرتين المذكورتين.
ولم تخفِ الغزولي انتشار ظواهر سلبية في المدارس دفعت الوزارة قدماً لإعادة دراسة الواقع الحالي في المدارس، وإيجاد قادة سلوكية منهجية تحاكي المجتمع الذي يلعب دوراً بارزاً في مساعدة التربية من أجل الحدّ من تلك الظواهر والعادات المضرّة بالطالب والأسرة والمجتمع بآن معاً.
لا إلغاء للتربية الدينية
وأشارت الغزولي إلى ردود أفعال المجتمع الإيجابية عما طرحته التربية، إذ لاقت الفكرة ترحيباً واسعاً وفق ما سجلته التعليقات على صفحة المركز، مؤكدة أن كتاب التوصيف السلوكي لن يكون بديلاً عن مادة التربية الدينية في المدارس، بل هو مصدر مكمل يفعل مادة السلوك في المدارس ويجعلها من الأولويات، بحيث لا تقلّ درجة عن المواد العلمية والأدبية الأخرى، فالسلوك مرتبط ارتباطاً كلياً مع التميز والتفوق الدراسي.
يُشار إلى أن وزارة التربية شكّلت لجنة مؤلفة من نخبة من القضاة والأساتذة الاختصاصيين لتأليف هذا المصدر المرجعي دون أن يكون مادة مقررة في مناهج الدراسة، كما تتابع وتستمر الوزارة في إقامة ورشات وأنشطة مهارات تفاعلية ودورات ومعارف قانونية متعدّدة لنشر ثقافة القانون وإدخال المفاهيم القانونية في المناهج الدراسية عن طريق الأنشطة، ومن خلال أدلة المهارات حسب عمر المتعلم، ما ينعكس على مستقبله وسلوكه وتفكيره، حيث سيستمر التدريب لاحقاً في المحافظات بما يمكن من إيصال هذه الأفكار لجميع الطلاب ويساهم في انعكاس ذلك على سلوكهم ومستقبلهم.
علي حسون