زهير رمضان يدعو إلى مزيد من الوعي بمحاولات الغزو الثقافي
“الشعب السوري شعب مخيف بثقافته وذكائه، بنسيجه الاجتماعي المتلاحم، بجيناته الوراثية”، هذا ما قاله نقيب الفنانين زهير رمضان في الحلقة الحوارية مع الإعلامي محمد خالد الخضر في سلسلة الغزو الثقافي في المركز الثقافي العربي (أبو رمانة) وطال المحاولات الفاشلة التي اخترقت الدراما والسوشل ميديا.
استهداف الذاكرة السورية
عاد الفنان زهير رمضان إلى أعوام خلت ترجم فيها بعض الكتّاب عن الثقافة التركية والثقافات الأخرى التي كانت تريد أن تنخر مجتمعنا، وحاول المتآمرون محو ذاكرة الشعب العربي السوري لأنه يقف في وجه المشروع الصهيوني، لكننا محصنون بالوعي منذ البداية بثقافتنا لخطر الصهيونية، فبدؤوا بتهويد المنطقة وبداية تدريب الإرهابيين وتأهيلهم لحركات التثوير من تونس إلى العراق إلى واسطة العقد دمشق، والغاية “صوملة سورية” واعتقدوا أن ذلك ممكن وسهل، إلا أنهم فوجئوا بتماسك الشعب، فاستخدموا كل الوسائل الإعلامية والدرامية والسوشال ميديا لتبث ضد سورية وتفتت النسيج السوري.
وعاد رمضان إلى الدراما السورية التي تربعت على العرش قبل سنوات وكانت سيدة الدرامات، فمنذ الحركة التصحيحية كانت غنية بموضوعاتها ومتميزة بدعم القائد الراحل حافظ الأسد الذي أرسل الشباب الموهوبين لدراسة الفنون في أوروبا الشرقية، وأُحدث المعهد العالي للفنون المسرحية، وفي نهاية الثمانينيات بدأت دفعات الأكاديميين تدخل الوسط الفني واستخدمت أحدث التقنيات والأجهزة، واشتدت المنافسة مع المنتج المصري العظيم الذي بدأ في منتصف القرن التاسع عشر، وواجهتنا مشكلة بعدم وجود استديوهات إلا استديوهات التلفزيون السوري فاعتمدنا على التصوير الخارجي وذهبنا إلى مواقع التصوير الحقيقية في المعامل والمشافي والحقول والمدارس والجامعات والمنازل والشوارع، وإلى الحياة الطبيعية، وقدمنا موضوعات واقعية وإنسانية تمسّ كل مواطن في دول العالم الثالث، وجاءت النقلة النوعية بعد عرض مسلسل “باب الحارة” الذي غزا المحطات العربية وبلاد الاغتراب، ومن ثم انتشرت الأعمال، واعترف القائمون على صناعة الدراما في مصر بأن الدراما السورية تفوقت بفضل دعم الدولة لها، وأصبحنا ننتج كماً ونوعاً من المسلسلات، انتشرت في محطات الخليج وساهمت بحركة السياحة إلى سورية، ولاسيما بعد مسلسل ضيعة ضايعة على سبيل الذكر.
الغزو الثقافي والدراما
وتابع رمضان عن بعض محاولات الغزو الثقافي من خلال الدراما العربية، فمثلاً في الدراما السورية كان التركيز على إظهار الشخصيات اليهودية بصورة إيجابية على حساب باقي الشخصيات، مثل الشخصية التي أداها دريد لحام في مسلسل “بواب الريح” وجسّد كرسي السلطنة العثمانية في دمشق وهو يهودي، وشخصية “طوطح” اليهودي في “طالع الفضة” التي قدمها الفنان رفيق سبيعي، وكذلك دور سلاف فواخرجي بتجسيد دور “وداد” البطلة اليهودية في “حدث في دمشق”، وشخصية “سارة” في باب الحارة التي أدتها كندة حنا، وهذه الشخصيات هي دليل على التعايش بين الأديان والتماسك الاجتماعي، إلا أنها حالات فردية لا نعمّمها على الشاشة لتُكرس بالذاكرة الجمعية.
وهناك أمثلة أيضاً في الدراما العربية مثل مسلسل “أم هارون” الخليجي الذي أظهر اليهود بأفضل صورة وأنهم مضطهدون وكان دعوة واضحة للتطبيع، ومن الممكن أن تستثمر إسرائيل هذا الأمر وتطالب بحقوق اليهود الذين تهجروا من بلادهم، وكذلك المسلسل السعودي مخرج -7- ليصل رمضان إلى العمل الذي قدم إشارة واضحة للغزو الثقافي في مسلسل “الساحر” بطولة عابد فهد الذي عُرض على قناة سما، ففي الحلقة الأولى في دقيقة 27 آخر أغنية يضعها – ال دي جيه – أغنية للإسرائيلية زواغنا كوهين والشباب يرقصون عليها، وقد استاء الجميع من هذه اللقطة، وفي المقابل نوّه رمضان بالأعمال الدرامية التي أُنتجت في سنوات الحرب وطالت ملامح الحرب الإرهابية. ليخلص إلى أن الدراما السورية حافظت على ثقافتنا وذاكرتنا، وأوضح بأن الشعب السوري يعرف بوعيه مخاطر التطبيع، ونحن نعوّل على الشارع السوري الذي صبر وتحمّل الحرب والخنق الاقتصادي، وعلى الأم السورية المثقفة بالفطرة التي ربت أبناء هذا الشعب العظيم، ودعا إلى مزيد من الوعي لمواجهة التطبيع، فنحن نقاوم ونناضل لدعم القضية الفلسطينية منذ عام 1948، ولن نتنازل عن أي شبر من الأراضي المحتلة، ليس في سورية فقط وإنما في كل دول الوطن العربي، وركز على خطر التطبيع من خلال السوشال ميديا، ليخلص إلى أن نقابة الفنانين وكل المؤسسات الثقافية تعمل على مواجهة التطبيع.
موقف الشارع السوري
وفيما بعد تحاور زهير رمضان مع الحاضرين حول بعض المسائل التي أثارت جدلاً، مثل ما أشيع عن الفنان دريد لحام والتطبيع، فجزم رمضان بنفي هذا الأمر بشدة، وأن دريد لحام قدم الكثير للوطن وتبنى الشهيد بأعماله وشارك بأغلب الفعاليات الوطنية، وفيلم دمشق-حلب شاهد على أعماله.
وتمّت مناقشة عودة الفنانين الذين غادروا سورية وتعامل شركات الإنتاج مع بعضهم على حساب الفنانين الذين بقوا في سورية وواجهوا الحرب، فبيّن رمضان أن أي فنان يحق له العودة مثل أي مواطن سوري بناءً على تعليمات رئاسة الجمهورية، لكن لا أحد مسؤول عن موقف الشارع السوري من الفنان الذي ساهم بسفك الدم السوري.
وطالب الحاضرون بإنتاج أعمال تاريخية موضوعية وحقيقية بعيدة عن التاريخ المزيف، وإنتاج أعمال للأطفال باللغة العربية الفصحى ذات مضامين وطنية واجتماعية على غرار مسلسل “ماشا والدب” والابتعاد عن الأعمال التي تقدم شخصيات مرعبة وتقوم على العنف، فردّ رمضان بأن المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني هي المسؤولة عن الإنتاج، فإما أن تتعامل بذهنية فردية أو ذهنية تشاركية وهذا الأفضل لتبني الخيارات الصحيحة.
ملده شويكاني