الرئاسة اللبنانية: جهات خارجية تعمل لضرب النقد الوطني
طلبت الرئاسة اللبنانية الأجهزة الأمنية والعسكرية عدم السماح بإقفال الطرقات مع الأخذ في الاعتبار المحافظة على سلامة المواطنين والمتظاهرين وعلى الممتلكات العامة والخاصة.
وأشارت الرئاسة اللبنانية اليوم الإثنين، عبر حسابها على تويتر عند نشر مقررات الاجتماع الإقتصادي والمالي والأمني والقضائي الذي جرى في بعبدا، إلى أنه تم تكليف الأجهزة الأمنية ضبط جميع الأشخاص الذين يخالفون أحكام قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة سواء كانوا من الصرافين المرخصين أو غير المرخصين الذين يمارسون المضاربة.
وأضافت الرئاسة: أنه تم تكليف الأجهزة الأمنية للعمل على استكمال إقفال المنصات والمجموعات الإلكترونية غير الشرعية المحلية التي تحدد أسعار الدولار تجاه الليرة والتواصل لهذه الغاية مع الجهات الرسمية الدولية والمنصات العالمية الإلكترونية.
وأعلنت تكليف الوزارات المعنية والأجهزة الأمنية العمل على ضبط استعمال العملة الأجنبية إلا لغايات قطاعية تجارية أو صناعية أو صحية وذلك لتأمين المتطلبات الأساسية للمواطنين.
كما أكد البيان على ضرورة وأهمية إعداد وإقرار مشروع القانون المعروف بالـ capital control، مطالبة الأجهزة الأمنية والعسكرية عدم السماح بإقفال الطرقات مع الأخذ في الاعتبار المحافظة على سلامة المواطنين والمتظاهرين وعلى الممتلكات العامة والخاصة.
عون: ما يجري من قطع الطرقات يتجاوز مجرد التعبير عن الرأي
وبدوره، اعتبر الرئيس اللبناني ميشال عون أن ما يجري له انعكاسات خطرة على الأمن الاجتماعي والأمن الوطني، وهو يفرض اتخاذ اجراءات سريعة وحاسمة، مالية وقضائية وأمنية، لملاحقة المتلاعبين بلقمة عيش اللبنانيين.
كما طلب من الإدارات والجهات المعنية “قمع المخالفات التي تحصل سيما التلاعب بأسعار المواد الغذائية واحتكارها”، مضيفاً أنه”طلب من الأجهزة الأمنية الكشف عن الخطط الموضوعة للإساءة إلى البلاد سيما بعد توافر معلومات عن وجود جهات ومنصات خارجية تعمل على ضرب النقد الوطني ومكانة الدولة المالية”، وتابع: “من حق المواطنين التعبير عن رأيهم بالتظاهر، إلا أن اقفال الطرقات هو اعتداء على حق المواطنين بالتنقل والذهاب إلى أعمالهم خصوصاً بعد أسابيع من الإقفال العام”، مشيراً إلى أن “ما يجري من قطع الطرقات يتجاوز مجرد التعبير عن الرأي إلى عمل تخريبي منظم يهدف ضرب الاستقرار، لذا على الأجهزة الأمنية والعسكرية أن تقوم بواجباتها كاملة وتطبق القوانين دون تردد”.
وأردف الرئيس البناني بالقول “أنبّه المواطنين إلى خطورة الشعارات التي تمس بوحدة الوطن وإثارة الفتن والنيل من الدولة ورمزها”، مؤداً “أتيت لأحدث التغيير الذي ينشده اللبنانيون ولن أتراجع، وماضٍ في برنامجي الإصلاحي مهما بلغت الضغوط”.
قائد الجيش اللبناني: لن نسمح بمس الاستقرار
بدوره، صرح قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون قائلاً “نحن مع حرية التعبير السلمي لكننا لن نسمح بأي مسّ بالاستقرار”، وأكد أن الجيش لن يسمح بالمس بالاستقرار والسلم الأهلي وقطع الطرق والتعدي على الأملاك العامة والخاصة رغم أنه يقف مع حرية التعبير السلمي التي يرعاها الدستور.
وقال عون خلال اجتماع مع قيادات الجيش اليوم “إن الوضع السياسي المأزوم انعكس على جميع الصعد وخاصة الاقتصادي ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع” متوجهاً إلى المعنيين بالسؤال “إلى أين نحن ذاهبون وماذا تنوون أن تفعلوا.. لقد حذرنا أكثر من مرة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره؟!”، وأشار عون إلى أن موازنة الجيش تخفض كل سنة بحيث أصبحت الأموال لا تكفي حتى نهاية العام رغم أن المؤسسة العسكرية بادرت إلى اعتماد سياسة تقشف كبيرة من تلقاء نفسها تماشياً مع الوضع الاقتصادي.
وحذر عون من تعرض الجيش لحملات إعلامية وسياسية تهدف إلى جعله مطواعاً مؤكداً أن هذا لن يحدث أبداً لأن الجيش مؤسسة لها خصوصيتها ومن غير المسموح التدخل بشؤونها سواء بالتشكيلات والترقيات أم رسم مسارها وسياستها.
وتشهد المدن والمناطق اللبنانية منذ الصباح الباكر قطعاً لطرقات رئيسية وفرعية ودولية، خلال احتجاجات على تردي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع سعرف صرف الدولار الأميركي أمام الليرة اللبنانية حيث وصل سعره سقف الـ11 ألف ليرة لبنانية.
وأغلقت غالبية مداخل بيروت تحت شعارات عدّة بينها “يوم الغضب”. وأضرم المحتجون النيران في مستوعبات للنفايات وأشعلوا الإطارات. كما تحدّثت الوكالة الوطنية للإعلام عن إقفال محتجين طرقاً عدة جنوب بيروت أبرزها طريق المطار وفي مناطق الشمال خصوصاً طرابلس والبقاع شرقاً وفي جنوب البلاد.
ويتزامن اقفال الطرق الإثنين مع دخول لبنان المرحلة الأخيرة من تخفيف قيود الإغلاق المشدد المفروض منذ منتصف الشهر الماضي في محاولة للحد من التفشي المتزايد لفيروس كورونا.
وناشدت شركة كبرى للأوكسيجين في لبنان المواطنين “تسهيل مرور شاحناتها على جميع الطرقات لتلبية حاجة المستشفيات للأكسيجين الطبي للضرورة الإنسانية خصوصاً خلال جائحة كورونا” التي تكافح السلطات للحدّ من تداعياتها.
وشهدت محال بيع المواد الغذائية حوادث صادمة في الأيام الأخيرة، مع التهافت على شراء سلع مدعومة، لم تمر دون صدامات، في بلد يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر وترتفع فيه معدلات البطالة تدريجياً.
وحذّر مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت، وهو مبادرة بحثية تهدف الى دراسة تداعيات الأزمات المتعددة في لبنان وطرق مقاربتها، في تقرير الإثنين من أنه و”إن ظهرت تداعيات انهيار قيمة الليرة جلياً في تدهور القدرة الشرائية للبنانيين والمقيمين في لبنان، وما يرافق ذلك من تنافس محموم وأحياناً عنيف على ما يعرض من سلع وبضائع مدعومة في بعض المحلات، فأن الاسوأ لم يحدث بعد”.
ورغم ثقل الأزمة الاقتصادية وشحّ السيولة، لم تثمر الجهود السياسية رغم ضغوط دولية عن تشكيل حكومة، منذ استقالة حكومة حسان دياب بعد أيام من انفجار المرفأ المروّع.
ويشهد لبنان منذ صيف العام 2019 أسوأ أزماته الاقتصادية التي أدت الى خسارة العملة المحلية أكثر من ثمانين في المئة من قيمتها مقابل الدولار، وفاقمت معدلات التضخم وتسبّبت بخسارة عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم، فيما نضب احتياطي المصرف المركزي بالدولار.