اقتصادصحيفة البعث

“الذكاء المالي”..؟!

قسيم دحدل

لفتنا وبكثير من الفضول خبر على صفحة مستثمر سوري، وهو أيضاً المنسّق الإعلامي للمستثمرين في بلد عربي مجاور، مفاده الإعلان لمن يرغب من المستثمرين باتباع دورة في “الذكاء المالي”، دعت إليها إدارة منتدى رجال الأعمال العرب في الصين.

ولتسرّعنا بالتعجب المقرون بسؤال عن أي ذكاء يتحدثون، طالما السفر إلى الصين يكلف الباهظ من المال؟!، لم نكمل الخبر، لنعرف أن الدورة ستكون عبر تطبيق “زوم” وهي مجانية.

أخذنا ما وقعنا به من تسرُّع إلى ربطه بالذكاء، حيث عدم الانسجام بين الاثنين نسبياً، يقودنا إلى التفكر والتمعّن في ماهية الذكاء الذي يحتاجه المستثمر الذي يملك المال والأعمال، ومقارنته بالذكاء الذي نحتاجه نحن كمواطنين مستهلكين بشكل عام ومن أصحاب الدخل المحدود بشكل خاص، لنقارنه بالذكاء الذي تحتاجه الإدارة المالية في الدولة.

بدأنا البحث في ذلك، محاولين العثور على متطلبات الذكاء المالي لكل من الثلاثة (المستثمر والمواطن والدولة)، استناداً للمحاور الثمانية المعلنة للدورة والتي شملت: “مفهوم المال والذكاء المالي- ثلاثية التخطيط المالي، الذكاء المالي، والحرية المالية- المال والحياة، العلاقة بين القوة والقيم- الركائز الخمس للذكاء المالي-النموذج الرباعي للتدفقات المالية (من الراتب إلى الاستثمار)- استراتيجية مضاعفة الدخل خلال سنة واحدة- تنظيم الميزانية الشخصية- وأخيراً، نصائح الأثرياء لحياة مالية أكثر نضجاً وذكاءً.

بعد البحث، وجدنا أن القاسم المشترك بين الثلاثة ومدى النجاح فيه، في حال امتلكنا كمستثمرين ومواطنين ودولة، الذكاء المالي، هو الإدارة كما توقعنا وخلص إليه خبراء الذكاء العالميون.

الأمر الآخر والأهم الذي وصلنا إليه هو: أي ذكاء وأية إدارة نحتاجهما في ظل ما وصلنا إليه من أوضاع مالية ومعيشية واقتصادية؟، وهل شفع ويشفع امتلاك ذلك الذكاء، في ظل إدارات تشتغل بعقلية المدير لا بعقلية القائد، حيث البون شاسع بين العقليتين!.

قادنا هذا الموضوع إلى فتح حوار مع صديق زميل وفوقها ربّ أسرة مؤلفة من خمسة أفراد، حول كيف له أن يتدبر ماله المحدود بالراتب، بذكائه المعهود الممهور بالقدرة على المعالجة للأمور، مقارنة بأسرة مؤلفة من فردين اثنين فقط، في خضم هذا الكمّ من جنون الأسعار والاختلال الصارخ ما بين الدخل القليل والإنفاق الكبير؟.

النتيجة من دون “طيلة سيرة”، كانت بمفتاح الإدارة والمواءمة بين المتاح والممكن، والمفاجئ أن إدارة الزميل استطاعت النجاح في تحقيق نوع من التوازن بين الثابت (الدخل) والمتغيّر (الأسعار والمتطلبات الأساسية منها وشبه الأساسية).

هذا بالنسبة للعائلة، لكن ذلك يختلف بالنسبة للمستثمر والدولة، حيث المفترض أن الرأسمال متغيّر والأسعار كذلك، ناهيكم عما لدى الأخيرين (المستثمر والدولة) من إمكانيات ومقدرات ومتغيرات، ما يمكّنهما من إحداث الفروقات المهمّة، لكن على ما يبدو لا يزالان بحاجة للإدارة والذكاء!.

Qassim1965@gmail.com