الكتاب السوري يحتفل بيومه شهراً ويمنح الوعي دهراً
حلب- غالية خوجة
أقامت الهيئة العامة السورية للكتاب ومديرية الثقافة بحلب معرض شهر الكتاب السوري المستمر لنهاية آذار في مكتبة المركز الثقافي بالعزيزية، المكتبة التي تخطفك لعالم آخر وأنت تصعد إليها الدرجات الحجرية الملتفة بشكل حلزوني تراثي ومعاصر في آن معاً، لتصل إلى بابها في الطابق الأعلى، وتشعر أن رائحة الكتب تجذبك كما الفراشة إلى حدائقها، وكلمات الكتب تبتسم لتُخرجك من حالتك إلى عالمها المزدحم برنين المعرفة، المطمئن بتأملاته التي ستبحر بك إلى حلمك المختبئ في كتاب ما.
عناوين متنوعة
الملفت أن المعرض يتحايث مع الاحتفال بيوم الكتاب السوري، والأسعار مخفضة إلى 60% تشمل 500 عنوان متنوعة في مختلف المجالات الثقافية والمعرفية والفنية والنقدية والعلمية والترفيهية والتراثية والأدبية وعلم النفس والاجتماع والشخصية والمترجمات، إضافة إلى الدوريات التي تصدر عن وزارة الثقافة ومنها مجلة الشهباء.
تقليد دوري عريق
وعن هذا المعرض، قال مدير الثقافة جابر الساجور لـ”البعث”: مكتبات المراكز الثقافية تعتبر نافذة بيع على مدار عام كامل، بحسم 50%، وأثناء معارض الكتب ترتفع نسبة انخفاض السعر، فالمعارض دورية، وهي من تقاليدنا العريقة، وهذا المعرض تقيمه وزارة الثقافة منذ 20 سنة في آذار في مركزين دائمين: جامعتي تشرين ودمشق، والهيئة العامة للكتاب، كما أن المعرض يشمل المحافظات السورية.
وعن التعاون مع الجهات الثقافية الأخرى مثل اتحاد الكتّاب العرب، أجابنا الساجور: هو مجال مفتوح للتعاون، وقد أقمنا مع الاتحاد العديد من الفعاليات ومنها المعارض لمصلحة مديرية الثقافة، إضافة إلى تعاوننا مع الكتّاب ودُور النشر الخاصة.
بدوره أكد الشاعر محمد حجازي مدير دار الكتب الوطنية: لمعارض الكتب أهمية خاصة، كونها توفر الكتب بأسعار مناسبة، وتمنح الفرصة للجيل الشاب ليطلع على مبتغاه، وتشجع على المطالعة والقراءة والكتابة.
بينما رأى الكاتب محمد سمية مدير المركز الثقافي بالصاخور أن المعرض يردم الهوة الشاسعة بين حاجة المثقفين والطلبة للكتاب، والقيمة الباهظة لطباعته في ظل الغلاء الفاحش لمستلزمات الطباعة والنشر، وخصوصاً في هذا الزمن المعيشي الصعب الذي تعاني منه الأكثرية العظمى من المواطنين بسبب الحرب الظالمة وأوزارها ومخرجاتها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
تتفتح العيون والقلوب
ترافق المعرض توقيعات كتب، ومنها توقيع الكاتب د. فايز الداية لكتابيه الصادرين عن الهيئة العامة للكتاب: “الدلالة العربية المعاصرة.. تطبيقات على المتداول اليومي”، و”فريد الأطرش/ سلسلة أعلام ومبدعون”.
وعن المعرض، قال د. الداية: كل معرض نهار جديد في فصل جديد وشهر آذاري جديد تتفتح فيه العيون والقلوب معاً لنقرأ، فلا ننسى هذه الطبيعة، ولا ننسى أن عزاءنا في الكتاب رؤية وجمالاً وأبواباً تتفتّح. وأضاف: في هذا المعرض نسمع همسات ونقاشاً، فالمؤلفون والمبدعون يجتمعون أمامنا، وكلما نظرنا إلى كتبهم ألقوا علينا تحية وبسمة وكلمة، وأكدوا: ما زلنا نثق بأن هناك قراء.
أمّا عن توقيعه لكتابيه، فأخبرنا: التداول اللغوي اليومي للدلالة وأحوالها ضروري، فكلما تبصرنا انفتحت أبوابها وغدت طرقنا سالكة بيننا في المجتمع وآفاق العلم وتحليق الأدب، وكله يحتاج إلى الكلمة والتواصل، وهذا الكتاب عن “الدلالة العربية المعاصرة” يخوض في هذه التحولات بلغة علمية ممكنة للجميع، المتخصّصين وغير المتخصصين، ونشجعهم على الكتابة التواصلية إضافة للقراءة.
ولفت إلى كتابه عن الموسيقار فريد الأطرش، وكيف أراد أن يضيء على تجربته الإنسانية للشباب، فيعايشون الفن الرفيع الذي عانى من أجله الأطرش الكثير، مضيفاً: قصة نجاح إنسان من بلدنا، تجاوز الصعاب والأهوال في مجالات الحياة الفنية والمعيشية وكان مبدعاً ووصل إلى العالم، وغناه العالم بتسع لغات، ويتميّز بحالته النادرة التي أثبتت له لقبه “الأمير” سلوكاً وفناً.
وحين سألته: لماذا لم يؤلف سيمفونية عربية أو كلاسيكية وهو الأكثر إبداعاً؟. أجابني د. الداية: يتميّز فريد لأطرش بلهفة التأليف الدرامي والأوبرالي، محققاً بعض أحلامه وإنجازاً في مجموعة الأوبريتات، وهي قطع فنية كاملة، وينبغي على الأجيال أن تستخدم “ميلودياته” في مركّبات أوركسترالية.